حملة تضليلية روسية تحذر من هجوم كيماوي «وشيك» ستشنه «الخوذ البيضاء»... تمهيداً لمحاصرة إدلب

No Image

نشرت صحيفة «تيليغراف» البريطانية مقالاً تحدثت فيه عن حملة روسية تضليلية حول الوضع في إدلب السورية والحديث عن هجوم كيماوي فيها.
وجاء في المقال الذي كتبته مراسلة الشرق الأوسط في الصحيفة جوزي انسور:
في صباح السبت 25 أغسطس، نشرت وزارة الدفاع الروسية بياناً صحافياً أطلق مزاعم مثيرة قوامها أنها حصلت على معلومات استخباراتية مفادها أن قوات سورية متمردة على وشك أن تستهدف بغازات كيماوية مدنيين في محافظة إدلب - آخر معاقلها - كجزء من عملية تمويهية تهدف إلى إلصاق التهمة بالحكومة السورية.


وقبل نهاية اليوم ذاته، كانت تلك التهم قد أعيد تغريدها عبر موقع «تويتر» من جانب بضعة حسابات تابعة للسفارة الروسية (في دمشق)، كما تم نشرها على نطاق واسع من خلال شبكة منافذ وقنوات إعلامية يملكها ويمولها الكرملين، فضلا عن إعادة نشرها من جانب مئات من معتنقي نظريات المؤامرة وداعمي الرئيس السوري بشار الأسد.
بدا هذا الأمر كأحدث حلقة في سلسلة حملة تضليلية تديرها موسكو، وهي الحملة التي تمثل تكتيكا مألوفاً دأبت على استخدامه منذ أن تدخّلت في الحرب بالنيابة عن نظام الأسد في العام 2015.
ففي البداية، زعمت وزارة الدفاع (الروسية) أن مقاتلين تابعين للمعارضة ويدربهم «اختصاصيون» بريطانيون من شركة «أوليف غروب» يستعدون لتنفيذ هجوم محتمل، وهو الهجوم الذي من المقرر أن يقوم منقذون تابعون لمنظمة «الخوذ البيضاء» بتصوير وقائعه (بالفيديو).
وخلال الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن تصبح تفاصيل هذه الاتهامات المزعومة أكثر تحديدا وأكثر إثارة للدهشة. فمن المتوقع أن يزعم الروس أن منظمة «الخوذ البيضاء» قد اختطفت أطفالاً لاستخدامهم كـ «ممثلين» في الهجوم الكيماوي الوشيك في بلدة كفر زيتا.
وجاء في البيان الروسي انه سيتم اتخاذ ذلك الهجوم كذريعة لكل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا لشن ضربات جوية ضد قوات الأسد، وهو الهجوم الذي كانت الدول الثلاثة قد حذرت من أنها ستنفذه في حال حدوث أي هجوم كيماوي آخر.
لكن الولايات المتحدة لم تبد حتى الآن شهية يُعتد بها إزاء اتخاذ إجراء عسكري قوي ضد حكومة الأسد.
كما أن محللين - بمن فيهم تشارلز ليستر من «معهد الشرق الأوسط» وإليوت هيغينز من موقع «Bellingcat» الصحافي الاستقصائي الذي يتخذ من بريطانيا مركزاً له - أشاروا إلى أن موسكو لم تقدم أي دليل لتدعيم تلك المزاعم وأن «أوليف غروب» لم يعد لها وجود منذ العام 2015 بعد أن اندمجت مع مجموعة «كونستيليس».
وفي تغريدة له كتب ليستر غامزا: «عندما تكون نظريتك المحذرة من مؤامرة مبنية على أسماء انتهت منذ سنوات، فإن هذا يزعزع مصداقيتك، فقط بعض الشيء».
وقد استثارت تلك الاتهامات نفياً محموماً من جانب مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، خلال وقائع جلسة عقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في سورية.
وقالت: «حتى بالمعايير الفجة التي تتسم بها آلة البروباغندا الروسية، فهذه الاتهام جامح. إنه غير صحيح جملة وتفصيلاً».
وتابعت ان هذا الزعم (الروسي) يهدف إما إلى زيادة كمية «الأخبار الزائفة في المنظومة، و اما توظيفها كستار تمويهي لهجوم وشيك محتمل جديد من جانب النظام السوري ضد شعبه في إدلب».
فهناك حالياً تزايد في التكهنات التي مفادها أن قوات النظام السوري ربما تستعد لتنفيذ هجوم كيماوي من أجل إضعاف دفاعات الثوار في إدلب وكسر الروح المعنوية لدى السكان المحليين قبل شن هجوم شامل متوقع قريباً.
فقد سبق أن فعلت قوات النظام ذلك في بلدة شيخون في محافظة إدلب العام الفائت، وقبل ذلك في العام 2013 في الغوطة الشرقية التي كان يسيطر عليها الثوار.
ففي ابريل الماضي، شهد حي دوما الكائن في الغوطة الشرقية قصفاً بغاز سام أسفر عن مقتل عشرات. ووافقت جماعات الثوار في المنطقة آنذاك على الاستسلام في اليوم التالي.
وقال نور نحاس الباحث لدى موقع «Bellingcat» (المذكور آنفا): «بينما من غير الواضح مدى الرد المحتمل من جانب الولايات المتحدة وأوروبا في حال حدوث هجوم كيماوي في إدلب، فإن الأمر الواضح هو أن روسيا وحلفاءها عازمون على تشويش وإرباك المشهد على الساحة الإعلامية في حال إقدام الأسد مرة أخرى على استخدام أسلحة كيماوية في اي عملية هجومية مستقبلية في إدلب».

* مقال مترجم عن صحيفة «تيليغراف» البريطانية

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي