No Script

مصادر أميركية: موسكو مُحتارة بين تصوير نفسها مُنتصرة وبين... ابتزاز الغرب

جهود روسيا لإعادة تأهيل الأسد «خارجياً» تصطدِم بقرارات الأمم المتحدة

تصغير
تكبير

بناء على التقديرات الروسية... سيحتاج اللاجئون السوريون 12 عاماً لمغادرة لبنان بالكامل

واشنطن والحلفاء لن يشاركوا في إعادة الإعمار طالما أن الأسد مُمسك بالسلطة التنفيذية


الهجوم الشرس الذي شنّه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، أول من أمس، ضد «الدائرة السياسية في الأمم المتحدة»، يشي بأن رئيس هذه الدائرة، الديبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان، ما يزال يزعج تحالف إيران وروسيا والرئيس السوري بشار الأسد.
لافروف اتهم هذه الدائرة السياسية بـ«إرسال مذكرة سرية تحظر على المنظمات التابعة للأمم المتحدة المشاركة في أي مشروع هدفه إعادة تأهيل الاقتصاد السوري». وهاجم لافروف الولايات المتحدة وحلفاءها لربطهم أي مساعدة للحكومة السورية بعملية الانتقال السياسي، واتهم العواصم الغربية بالضغط على الأمم المتحدة للبقاء بعيدة عن جهود إعادة إعمار سورية، وقدم مثالاً على ذلك وكالة «اليونيسكو»، الذراع الثقافية للأمم المتحدة، المترددة في إعادة تأهيل مواقع أثرية شهيرة، مثل مدينة تدمر، شرق سورية.
وكشف لافروف أنه اتصل بالأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس معترضاً على تلكؤ المنظمة في المشاركة بجهود إعادة إعمار سورية، معتبراً أن في الأمر انحياز ينتقص من مصداقية المؤسسة القائمة على المساواة بين كل الدول الأعضاء. وحض لافروف الدول الغربية على التوقف عن محاولة استغلال الأمم المتحدة سراً.
في واشنطن، ردّت مصادر رفيعة في إدارة الرئيس دونالد ترامب على اتهامات لافروف بالقول إن «تلكؤ الأمم المتحدة في المشاركة في عملية إعادة إعمار سورية ليس سراً أبداً».
وقالت المصادر إنه، على الرغم من هوية فيلتمان، الذي سبق أن عمل سفيراً لبلاده في لبنان ومساعداً لشؤون الشرق الأدنى لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، إلا أن «جيف ديبلوماسي محترف، ولا يتصرف وفق أهوائه ولا أهواء واشنطن، وهو يلتزم القوانين الداخلية للمنظمة، ويعمل بموجب المذكرات الصادرة عنها وبموجب قراراتها».
ولفتت إلى أن «مذكرة الدائرة السياسية للأمم المتحدة الى الوكالات التابعة للمنظمة، والقاضية بعدم التعاون مع حكومة الجمهورية العربية السورية، هي مذكرة مستندة الى القرار 66/253، الصادر عن الجمعية العامة في 3 اغسطس 2012، والذي تبنته الجمعية بغالبية 133 عضواً، والذي يحدد كيفية التوصل الى تسوية سياسية في سورية».
واضافت المصادر الاميركية ان القرار المذكور تبنّى، وقتذاك، البيان الختامي لـ«مجموعة العمل حول سورية»، التي انعقدت بجنيف في 30 يونيو 2013، بعضوية ممثلين عن أمانتي الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووزراء الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وتركيا والعراق والكويت وقطر وممثلين عن الاتحاد الاوروبي.
في البيان الختامي المذكور، والذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، حدّد المجتمعون خطوات الانتقال السياسي في سورية على الشكل التالي: «قيام هيئة انتقالية حاكمة يمكنها فرض بيئة محايدة تسمح بحصول الانتقال، وهو ما يعني أن الهيئة الانتقالية الحاكمة تمارس كل الصلاحيات التنفيذية… ويمكنها أن تضم اعضاء من الحكومة (السورية) الحالية، والمعارضة، ومجموعات أخرى، ويتم تأليفها بناء على توافق جميع الأطراف».
هذا الاجتماع في جنيف هو الذي حصل على اسم «جنيف 1»، وتلك كانت المرة الأولى التي توافق فيها روسيا على بحث مستقبل سورية، بعد مرور عام ونصف عام على اصرار موسكو على معارضة أي حديث عن الأزمة السورية، واعتبارها ان الاحداث السورية «شؤون داخلية خاضعة لسيادة الحكومة السورية، ولا شأن للمجتمع الدولي للتدخل بها»، حسب المصادر الاميركية.
وكان ديبلوماسيون اميركيون ممن شاركوا في «جنيف 1» عبروا عن دهشتهم لموافقة الروس على البيان الختامي. يومذاك، قال ديبلوماسي مشارك ان الروس رأوا في قبول الغرب تشكيل هيئة انتقالية تجمع نظام الأسد والمعارضين تراجعاً غربياً عن مطلب خروج الأسد من السلطة كشرط للحوار والتسوية، فيما رأت العواصم الغربية والعربية ان موافقة الروس على قيام هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية تعني حكماً انتزاع هذه الصلاحيات من أيدي الأسد وإناطتها بأفراد من نظامه ومعارضين.
هكذا، أوضحت المصادر الاميركية ان الأمم المتحدة حددت بشكل واضح، في قرار تبنته غالبية اعضائها، شكل العملية الانتقالية في سورية، وهي «عملية تنقل صلاحيات الحكم الحالي من أيدي الحكومة السورية، بما فيها الأسد، الى ايدي هيئة انتقالية جامعة تتألف من أفراد في نظام الأسد ومن المعارضين، وتشرف على صياغة مستقبل سورية في مرحلة ما بعد الصراع».
واضافت ان «هذه الهيئة، والحكومات التي ستليها، هي التي ستتعامل معها الأمم المتحدة والتي ستقوم العواصم الغربية والعربية بتمويل جهودها لاعادة الاعمار».
وقالت المصادر الأميركية: «إذا كان السيد لافروف حريصاً على مصداقية الأمم المتحدة، فعليه الالتزام بقراراتها، فالمنظمة لن تنخرط في أي مجهود في سورية ما لم يلتزم الأسد بقرارات المنظمة، وعليه، يمثل استمرار إمساك الأسد بالسلطة التنفيذية خرقاً للشرعية الدولية، وهو ما يفرض إحجام الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها عن التعامل مع السيد الأسد».
على أن لافروف يبدو انه حاول استخدام كل التهديدات التي بحوزته، فلفت الى ان مصير لبنان يتعلق بضرورة عودة اللاجئين السوريين، الذين تقدّر الأمم المتحدة عددهم في لبنان بقرابة المليون، الى بلادهم. ويبدو أن الوزير الروسي كان ينذر أوروبا ضمنياً بأن تمويلها عودة اللاجئين السوريين، الذي يتطلب حكماً إعادة إعمار قراهم وبلداتهم المدمرة، هو في مصلحة الاوروبيين، وإلا فإن مستقبل أوروبا سيبقى مرهوناً بإمكانية تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إليها.
وقالت المصادر الاميركية ان روسيا محتارة بين تصوير نفسها وكأنها انتصرت في سورية كلياً بلا أي حاجة لموافقة الغرب أو دعمه، وبين محاولتها ابتزاز الغرب بتلويحها بالمزيد من اللاجئين السوريين لإجبار العواصم الغربية على الانفتاح على الأسد وتمويل إعادة اعمار سورية.
وفي هذا السياق، توقفت المصادر الاميركية أمام رمزية الرقم الذي قدّمه لافروف عن عودة اللاجئين السوريين من لبنان الشهر الماضي، برعاية روسية. تقول المصادر: «قال لافروف إن عدد العائدين الى سورية من لبنان بلغ 7000 لاجئ سوري، وإذا كانت هذه هي وتيرة العودة، سيحتاج اللاجئون السوريون الى 12 عاماً لمغادرة لبنان بالكامل».
واشنطن والعواصم الحليفة «لن ترسل دولاراً واحداً إلى سورية - باستثناء مناطق شرق الفرات - طالما ان الأسد مستمر في الإمساك بالسلطة التنفيذية في سورية بما يخالف قرارات الأمم المتحدة»، وفقاً للمصادر الأميركية، التي تختم بالقول: «أما إذا سلّم الأسد السلطة الى هيئة انتقالية، حسب القرارات الأممية، فإن العالم سيقف مستعدا لتمويل إعادة إعمار سورية والانفاق بما يكفل مستقبلاً أفضل للسوريين».

الأسد يُصلّي في «الروضة»

دمشق - رويترز - أدّى الرئيس السوري بشار الأسد صلاة عيد الأضحى، أمس، في مسجد الروضة بدمشق.
وأظهرت لقطات مصورة بثها التلفزيون السوري الأسد وهو يحيي المصلين لدى وصوله إلى المسجد ويتحدث مع إمام المسجد وبعض الشخصيات عقب انتهاء الصلاة.

اغتيالات وتفجيرات وخطف

إدلب غارِقة في الفوضى

بيروت - ا ف ب - تشهد محافظة إدلب في شمال غربي سورية منذ أشهر عدة فوضى أمنية: اغتيالات، وتفجيرات، وعمليات خطف مقابل فدية، ما يثير غضب السكان المدنيين الذين يوجهون أصابع الاتهام إلى الفصائل المقاتلة المهيمنة على الأرض.
وفي وقت تتجه الأنظار الى إدلب في ظل استعدادات عسكرية تقوم بها قوات النظام لشن هجوم ضد أحد آخر معاقل الفصائل المعارضة و«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، يجد سكان إدلب أنفسهم في مواجهة خطر إضافي يتمثل في انعدام الاستقرار الداخلي.
ويفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون في إدلب بشكل منتظم عن إطلاق مجهولين الرصاص على مقاتلين من فصائل مقاتلة، أو عن تفجير سيارات مفخخة أو عبوات ناسفة. وقد أسفرت بعض هذه العمليات عن مقتل مدنيين.
ويُعيد ناشطون ومحللون هذه الفوضى بشكل أساسي إلى اقتتال داخلي بين الفصائل أو إلى «خلايا خارجية» تستفيد من زعزعة الأمن وأخرى لتنظيم «داعش».
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، فيما تتواجد فصائل إسلامية ينضوي معظمها في إطار «الجبهة الوطنية للتحرير» وبينها «حركة أحرار الشام»، في بقية المناطق. وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
ويقول ناشط إعلامي في ريف إدلب الجنوبي، طلب عدم الكشف عن اسمه خشية الملاحقة، «كلما أردت أن أخرج بسيارتي أتفقدها جيداً... للتأكد من عدم وجود أي عبوة مزروعة فيها، وحين أمرّ قرب مستوعب قمامة، أقود السيارة مسرعاً خشية انفجار عبوة داخله».
وخلال الصلاة في الجامع، يختار الناشط الوقوف في الصفوف الأمامية أبعد ما يمكن عن المدخل خشية حصول انفجار سيارة أو دراجة نارية في الخارج، على حد قوله.
ووثق المرصد السوري منذ أواخر أبريل الماضي مقتل 270 شخصاً، بينهم 55 مدنياً، في عمليات اغتيال متنوعة، معظمها لا يتم تبنيها، واستهدفت قياديين ومقاتلين في «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى في إدلب وريفي حماة الشمالي (وسط) وحلب الغربي (شمال) المحاذيين لها.
ويقول ناشط آخر من بلدة معرة النعمان: «إذا رأيت كرتونة أو كيس بلاستيك على الطريق، أحيد عنهما وأحياناً أتصل وأبلغ الجهات المعنية خشية من وجود عبوات».
ويتحدث عن خوف بين السكان لمجرد رؤية ملثمين يجوبون الشوارع.
واعتبر تقرير صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ومقره اسطنبول أن تزايد عمليات الاغتيال في العام 2018 في إدلب يفضح «حالة الفوضى الأمنية». وتعود هذه الفوضى لأسباب عدة بينها «تعدد القوى المحلية (الفصائل) وتنافسها»، فضلاً عن أن المحافظة «تضمّ بؤراً لخلايا أمنية سواء لتنظيم (داعش) أو للنظام».
وشهدت محافظة إدلب على مرحلتين في العام 2017 ثم بداية 2018 اقتتالاً داخلياً بين «هيئة تحرير الشام» من جهة و«حركة أحرار الشام» وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية.
ويقول معد التقرير نوار أوليفر: «بغض النظر عن منفذها، تولد الاغتيالات في إدلب خللاً أمنياً ينعكس على الفصائل وحاضنتها الشعبية». ويشير إلى «مناطق كثيرة في إدلب تكره (هيئة تحرير الشام) ومستعدة للانقلاب عليها في أي وقت».
من جهته، يعتبر الناشط الإعلامي في ريف إدلب الجنوبي إن «(هيئة تحرير الشام) هي المسؤول الأساسي عن انعدام الامن لجهة أنها القوة الأقوى المسيطرة على الأرض وبالتالي من مسؤوليتها ضمان الأمن».
ونفذت «الهيئة» وفصائل أخرى خلال الأيام الماضية مداهمات في إدلب اعتقلت خلالها عشرات الأشخاص بتهمة «التخابر مع النظام» مع اقتراب هجوم الأخير ضد إدلب، وفق المرصد.
كما شنّت مداهمات ضد خلايا نائمة لتنظيم «داعش» الذي تبنّى حتى منتصف يوليو الماضي اغتيالات عدة ضد مسؤولين ومقاتلين في «الهيئة» والفصائل استخدم فيها إطلاق الرصاص أو العبوات الناسفة أو الكمائن أو قطع الرأس.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي