No Script

صدى / مرض النوموفوبيا... هواتف ذكية

No Image
تصغير
تكبير
تعد الهواتف الذكية كغيرها من الأجهزة التقنية وأبرز وسائل الاتصالات المستخدمة في المجتمعات بالعالم، ففي عصرٍ باتَ الاتصالُ ثورةً يلامس مداها معظم الفئات والأعمار خصوصاً بعد أن أصبحت المواقع الاجتماعية أكثر انتشاراً والهواتف أكثر تعداداً واهتماماً، برز مصطلح «النوموفوبيا» وهو عبارة عن الشعور بالخوف من فقدان الهاتف المحمول أو نسيانه في مكان ما، حتى تكرس واحد من الأمراض النفسية باعتباره نوعاً جديداً من الرُّهَاب الذي يولّده إدمان التكنولوجيا.

لقد تم قبول المصطلح علمياً وأصبح حالة واضحة تُصيب على نحوٍ خاص مدمني مواقع التواصل الاجتماعي المتصلة بالإنترنت، ورغم انتشار التوعية بخصوص مخاطر هذا الإدمان جراء استخدام الهواتف الذكية، وكيفية العمل على محاولة التقليل أو الحد من الاستعمال الفوضوي لها، إلا إن المصابين بـ «النوموفوبيا» مازال يزداد بشكل كبير، وإن كان بدرجات متفاوتة، وذلك بسبب عدة عوامل طرأت على المجتمعات، أبرزها انفتاح العالم على الفضاء الخارجي، وتفاقم انتشار الهواتف الذكية، وفقدان الإحساس بتقدير الذات، ونقص الشعور بالأمان والانتماء.

إن المصاب بـ «النوموفوبيا» يعيش حالة تفقد لهاتفه دوماً، والحرص المستمر على مستوى شحن البطارية والقلق عند فصله عن هاتفه لفترات طويلة، أو من عدم تواجده في نطاق التغطية لشبكة الاتصال، أو من إضاعة المكالمات، أو أن تفوته بعض التطورات على مواقع التواصل الاجتماعي دون التواجد ومتابعة الحدث، وقد يصل الأمر إلى عدم القدرة على إطفاء الجهاز.

إنه مرضُ العصرِ الذي يكادُ لا يستثني أحداً من مواكبي الحداثة الذين لا يستخدمونه بالطرق السليمة ما ينتج عنه العديد من المشاكل الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، يصل إلى الحرمان من الاستمتاع بالحياة، وسحق السلام الداخلي، ولا شك أن كثيرين يعتبرون حياتهم التي يظهرونها للآخرين على وسائل التواصل «بالسطحية» وهذا الأمر يسبب انعدام فكرة الرضا عن الذات والقناعة وانتشار الاكتئاب، إضافة إلى التأثير السلبي لهذه التكنولوجيا على أجهزة الجسم.

فقد أحصى الطب عددًا من الأمراض المرتبطة بالهاتف المحمول من بينها إمكان التسبب بسرطان الدماغ، واضطرابات النوم، آلام الظهر والرقبة، وفقدان التركيز، والتأثير السلبي على العينين. فكما هو الإدمان على المخدرات أو التدخين أو الكحول يشكّل خطراً أو سماً يضرّ بالصحة جسدياً، فالإدمان على التقنيات يشكّل خطراً على الصحة نفسياً وجسدياً.

ينبغي معالجة الأسباب لا النتائج، وبما أن أسباب الإصابة بـ «النوموفوبيا» باتت معروفة لابد من الأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني بفاعليّاته المختلفة التعاون لتقديم برامج وقائية بديلة، كتفعيل التطوّع الاجتماعي وتعزيز نشاط الأندية الرياضيّة. ولابد من ملء الفراغ النفسي والعاطفي الذي يعيشه المصاب وتعليمه آلية السيطرة على الذات، وكيفية التخلص من عناصر سلبيات المحمول تدريجياً، ومواجهة الأفكار السوداوية كنوبات الخوف. ولابد من الأهل اكتساب الوعي والمعرفة العلمية بحقيقة وعوارض هذه الظاهرة، والتلاحق عليها قبل الوصول إلى مرحلة التلازم لأن عندئذ لن يتمكنوا من تحرير أبنائهم من تداعيات «النوموفوبيا» إذا كانوا هم متلبّسين بالمرض نفسه.

* كاتبة كويتية

Suhaila.g.h@hotmail.com

انستقرام suhaila.g.h

تويتر suhailagh1
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي