No Script

مقام المرأة

تصغير
تكبير

تختلط الأمور أحيانًا وتنعدم القدرة على التفريق بين المُحرم دينيًا، وما يُحرم اجتماعيًا وعُرفيًا، بين الفقه الشرعي الرسمي، والموروث الاجتماعي، بين النصوص الشرعية الثابتة، والأعراف! ومفاهيم النصوص المُتبعة، بين الفتاوى المُعتمدة لوجود نصوص صريحة ومُباشرة، وآراء الفقهاء الشخصية وارتباطها بالظروف السائدة زمن طرحها، فالقسم الأول مُلزم في أغلبيته ومُقدس للبعض، بينما لا ينطبق ذلك على البقية لكونها مفاهيم واستنتاجات بشرية يمكن التوافق والاختلاف معها.
ورد في القرآن «الرجال قوامون على النساء» وأيضًا «للذكر مثل حظ الأنثيين» وهي نصوص صريحة، ولكن ليس من المنطق والعدل والإنصاف استخدام هذه الآيات للتقليل من شأن المرأة! بحالة كهذه نختلف مع المفاهيم الخاطئة التي يُراد تأكيدها بالنصوص المذكورة لأنها بمثابة تحميل الآيات ما لا تحتمل وتحوير لمعانيها كي تتماشى والآراء الشخصية لقائليها ومُسبباتهم الوقتية، أو لتتفق مع بعض الاستنتاجات المذكورة ببعض كُتب التراث الفقهي والتي تفتقد دعم وسند النصوص الشرعية ولكنها تُستخدم بشكل جلي لظلم المرأة والتقليل من شأنها وإنسانيتها المُساوية للرجل، بل وتتفوق عليه بمُقوماتِ أساسية لا يمكن إنكارها كالحنان والعاطفة الجياشة.
ونتذكر حديث «معاوية بن جماعة عندما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها». ونتساءل كيف يمكن التقليل من شأن ومقام الإنسانة التي تقع الجنة تحت أقدامها؟
جاء بِمُجلدات الدكتور وهبة الزحيلي (الفقه الإسلامي وأدلته) مثالٌ لما سبق: «قرر فقهاء المذاهب الأربعة أن الزوج لا يجب عليه أجور التداوي للمرأة المريضة من أجرة طبيب وحاجم وفاصد وثمن دواء، وإنما تكون النفقة في مالها إن كان لها مال، وإن لم يكن لها مال وجبت النفقة على من تلزمه نفقتها كالابن والأب ومن يرثها من أقاربها لأن التداوي لحفظ أصل الجسم، فلا يجب على مستحق المنفعة، كعمارة الدار المستأجرة، تجب على المالك لا على المستأجر، ويظهر لي أن المداواة لم تكن في الماضي حاجة أساسية، فلا يحتاج الإنسان غالبا إلى العلاج، لأنه يلتزم قواعد الصحة والوقاية، فاجتهاد الفقهاء مبني على عرف قائم في عصرهم. أما الآن فقد أصبحت الحاجة إلى العلاج كالحاجة إلى الطعام والغذاء، بل أهم؛ لأن المريض يفضل غالبا ما يتداوى به على كل شيء، وهل يمكنه تناول الطعام وهو يشكو ويتوجع من الآلام والأوجاع التي تبرح به وتجهده وتهدده بالموت؟! لذا فإني أرى وجوب نفقة الدواء على الزوج كغيرها من النفقات الضرورية، وهل من حسن العشرة أن يستمتع الزوج بزوجته حال الصحة، ثم يردها إلى أهلها لمعالجتها حال المرض؟!» فهل يمكن القبول بذلك اليوم؟ واللبيب بالإشارةِ يَفهمُ!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي