No Script

حملة نسائية تطالب بإلغاء المادة 153 من قانون الجزاء التي تُعاقب الولي مرتكب الجريمة بغرامة 15 ديناراً

هل يَسقط «تغريم قاتل الزانية» بتشريع برلماني؟

تصغير
تكبير
  • العنود الشارخ: المادة لا يعرفها أكثر من 8 في المئة  من المواطنين وتخالف الشريعة الإسلامية 
  • نور المخلد: مطالبنا دستورية وقانونية وليس لدينا نية لتدويلها ونأمل من مجلس الأمة إلغاءها 
  • شيخة الفارس: أملنا إنهاء القضية محلياً وكل الحلول مطروحة إن لم نجد تجاوباً 
  • عذراء الرفاعي: مطلوب تعاون السلطتين لتشديد العقوبات في قضايا العنف ضد المرأة

جدّدت مجموعة من نساء الكويت مطالبتهن بإلغاء المادة 153 من قانون الجزاء، باعتبارها مادة «مجحفة» بحق المرأة ومستمدة من قانون استعماري قديم ومخالفة للشريعة الإسلامية، حيث تعطي ولي المرأة، كالزوج أو الابن أو الأب أو الأخ، الحق في قتل أمه أو زوجته أو أخته، إذا رآها في وضع مخل بالآداب العامة «زنا» مع رجل غريب تحت مسمى «جريمة شرف»، لا سيما أن عقوبة القاتل في هذه الحالة تقتصر على السجن 3 سنوات أو غرامة لا تتجاوز 15 ديناراً.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة فريق «إيثار» التطوعي مؤسسة حملة إلغاء المادة 153، الدكتورة العنود الشارخ لـ«الراي» إنه «بعد اكتساب المرأة الكويتية حقها السياسي العام 2005، أطلقنا حملة في 2006 لدراسة جميع القوانين المجحفة بحق المرأة والتي لا توفر لها حياة كريمة وآمنة، حيث تم اكتشاف المادة المذكورة من قانون الجزاء التي لا يعرفها أكثر من 8 في المئة من الشعب الكويتي، و68 في المئة منهم يرفض هذه المادة، بل حتى ان المشرعين الذين اجتمعنا معهم لم يكونوا على دراية بها».
وأضافت الشارخ ان المادة 153 تنص على انه «من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا أو فاجأ ابنته أو أمه أو اخته حال تلبسها بمواقعة رجل لها، وقتلها في الحال، أو قتل من يزني بها أو يواقعها، أو قتلهما معا، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات، أو بغرامة لا تتجاوز 3 آلاف روبية (45 دولاراً /‏‏‏ نحو 15 ديناراً) أو إحدى هاتين العقوبتين، واعتبارها ليست جناية»، معتبرة أن في ذلك إجحافا وظلما للمرأة، حيث لا تتجاوز غرامة قتلها الـ15 ديناراً!


وأشارت الشارخ إلى أنه «تم التنسيق مع مجلس الأمة، حيث تقدم كل من النواب صفاء الهاشم وعمر الطبطبائي وعبدالوهاب البابطين وأحمد الفضل ويوسف الفضالة بمشروع قانون لإلغاء المادة سيئة الذكر، وما زال الموضوع في اللجنة التشريعية، ونأمل من رئيس مجلس الأمة والأعضاء الكرام وضعها ضمن الأولويات وعرضها على المجلس للتصويت».
ودعت «كل من تتعرض للعنف من أسرتها، إلى اللجوء للحملة في مقرها بمشرف، فمنذ انطلاق الحملة وصلت الحالات التي ساعدتها الى 90 حالة أغلبهن كويتيات، بالرغم من أن هذا من اختصاص الدولة. وقد كان سبب انطلاقة الحملة طالبة كويتية طعنها والدها 16 طعنة، مبرراً فعلته لها بجريمة شرف، اتضح فيما بعد ان ابنته لم ترد على اتصاله، وكانت منشغلة بمحادثة أخرى ما أثار استفزازه، ورأى أنها قللت من احترامها لشخصه، فقرر قتلها معتبراً أن ما قامت به عمل مخل بالشرف».
بدورها، أكدت نور المخلد أن «مطالبنا دستورية وقانونية وليس لدينا نية لتدويلها، ونأمل من مجلس الأمة وضعها على جدول الاعمال ومناقشتها».
وأوضحت أن «الدين الاسلامي يحرم هذه المادة، فكيف ببلد يكون دينها الاسلام والاسلام مصدر من مصادر التشريع ويعتمد هذه المادة المجحفة في حق المرأة والانسانية؟»، مشيرة الى أن «المادة لا تطبق على المرأة التي تقع على زوجها في وضع الخيانة والزنا مع امرأة أخرى، إذ تُعتبر مجرمة وقضيتها جناية في حال قامت بقتل زوجها، وهذا دليل على عدم المساواة والتحيز، إذا اخذنا بالرأي الذي يقول ان المادة 153 وضعت لمراعاة الحالة النفسية للزوج أو الأب أو الأخ فيما لم تُراعَ المرأة لو وقعت بنفس الظروف».
وأيدتها الناشطة شيخة الفارس في الدعوة إلى الغاء المادة، مؤكدة ان الامل في إنهاء القضية داخل الكويت سواء في مجلس الأمة أو باللجوء الى المحكمة الدستورية.
وأضافت: «إن كل الحلول مطروحة ولن نقف عند الحد المحلي، وأملنا بالقيادة السياسية والحكومة النظر بإلغاء المادة 153 بعين العطف وتطبيق الشريعة الاسلامية في هذا الشأن».
من جانبها، أكدت المحامية عذراء الرفاعي ان ظاهرة وجود العنف الاسري بدأت تتضخم بوجود حالات تستغيث دون حماية او دعم، فتزايدت حالات قتل الزوجة او الابنة بسبب العنف الواقع عليها، وفي النهاية يفلت المتهم من العقاب، إما بالحبس المخفف أو الغرامة او احدى هاتين العقوبتين بحجة الشرف.
واشارت الرفاعي إلى ان المتهم قد يفلت من العقاب بحجة الاختلال العقلي والنفسي، وتترك الضحية المرأة دون الالتفات الى براءتها مما نسب اليها، وان جرائم العنف بدافع الشرف تستمر في مجتمعاتنا العربية، ونواجهها في الكويت، والسبب رجعية القوانين التي تخالف الشرع ومبادئ حقوق الانسان، وايضا الفطرة الانسانية التي جبلت على الخير، والسبب يرجع الى ثقافة تسلطية ذكورية من البعض وخوف الضحية من الشكوى، والسبب عدم وجود الملاذ الامن الذي يحميها في حال ابلغت جهات الاختصاص بذلك.
واوضحت ان «الخلل في قانون الجزاء 16 /‏‏‏1960، وخاصة نصوص المواد الاباحة والتخفيف في الفصل الخاص بأسباب الاباحة من المواد من 26 إلى 39، وما يهمنا هو نص المواد 28-29-34- 153.
كما ان قانون الاسكان، لا يعطي المرأة المتزوجة الحق في اصدار وثيقة التملك في حال وجود خلافات زوجية قيدت في المحكمة، وايضا ان استطاعت فإن استخراح التملك يكون فيه شروط وقيود واجراءات معقدة، وايضا يجب توقيع الزوج حتى يتم استخراج الوثيقة».
وانتقدت كذلك عدم تفعيل قانون محكمة الاسرة في ايجاد مراكز ايواء للعنف الاسري وعدم تشغيل الخط الساخن لحمايتها. كما ان المجلس الاعلى لشؤون الاسرة، مقيد بعدم مقدرته في التنفيذ وايجاد الدعم وجعل دوره اشرافيا فقط. وبينت ان هناك فراغا تشريعيا بحماية المرأة «العنف الاسري» بالاضافة الى فقدان مراكز الشرطة آلية التعامل مع خلافات الاسرة، وعدم وجود عنصر نسائي مع فقدان مناهج الثقافة ما بين الجنسين، مؤكدة ان ما نحتاجه بالفعل آليات التعاون والمساندة لحماية المرأة من العنف، وهو ما يتطلب التعاون مع السلطة القضائية في تشديد العقوبات على قضايا العنف ضد المرأة، والضغط على مجلس الامة لإقرار قانون حماية المرأة من العنف الاسري، بالاضافة الى تدريب العاملين في مراكز الشرطة على القضايا الاسرية، وخاصة العنف ضد المرأة وادخال العنصر النسائي في مراكز الشرطة، وأن تتعامل مع قضايا العنف الاسري، بالاضافة إلى نشر الثقافة المجتمعية في مدى خطورة العنف ضد المرأة، وايجاد مراكز ايواء وتقديم الدعم من قبل مؤسسات المجتمع المدني.

الزنا في الشرائع السماوية والوضعية... وموقع القانون الكويتي فيها

ألقت المحامية عذراء الرفاعي لمحة على عقوبة القتل بسبب الزنا في الديانات السماوية والقوانين الوضعية، لتدلل على ان القانون الكويتي امتداد لقوانين اجنبية.
وقالت الرفاعي إن التوراة، وهو كتاب الديانة اليهودية تضمن ا?شارات مختلفة للزنا والبغاء، وقد جاءت نصوص التوراة قاسية لحماية الأعراض، فعاقبت بالإعدام على زنا رجل بمتزوجة فيقتل الاثنان، واذا زنت البنت البكر وهي لم تزل في بيت ا?بيها يرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت، لأنها علمت قباحة فعلها بالزنا في بيت ا?هلها. وإذا خطبت امرأة لرجل وزنت مع رجل ا?خر، يرجم الاثنان بالحجارة حتى تموت الفتاة لا?نها لم تصرخ وتستنجد، والرجل من ا?جل ا?نه ا?ذل امرأة. وعلى ذلك فالشريعة اليهودية قد حرمت الخيانة الزوجية.
واشارت الرفاعي إلى جريمة الزنا في الديانة المسيحية، مبينة أن عيسى عليه السلام لم يأت في مجال السلوك الجنسي بشرائع جديدة، وانما قامت تعاليمه على ا?ساس ما ورد في التوارة.
أما الزنا عند بعض التشريعات الوضعية فكانت العقوبة لمرتكبيها قاسية، حيث كان عقاب الزنا عند قدماء الأوروبيين في غاية القسوة، وا?كبر من عقاب قتل النفس، وخصوصا عند الجرمان والساكسون، فإنهم كانوا يشهرون الزانية عارية ويضربونها بالسياط الضرب المبرح حتى تموت، ثم خففوا العقاب وجعلوا عقاب الذكر الزاني التغريب، وعقاب الزانية قطع الأنف والأذنين.
ا?ما قدماء اليونان فكانوا يسلمون الزاني لزوج الزانية يفعل به ما يشاء من قطع الأطراف ا?و تمثيل العبيد له، ويحكمون على الزانية بالقتل، ثم خففوا عليها العقوبة وجعلوه التغريب. ثم صدر عن الرومان شرع «جوليا» وفيه تغير حكم الزنا، عندما جعل حق قتل الزانية والزاني لوالد الزانية دون الزوج، وا?باح للزوج قتل الزاني ا?ذا كان من عبيده ا?و من عتقائه، وا?مر بقتل الزوج الذي يقتل زوجته الزانية، وجعل الطلاق واجبا في الزنا، وحرم زواج الزانية بعد طلاقها كما جعل للحكومة حق مصادرة نصف ا?موال الزاني والزانية.
وجاءت الشريعة الاسلامية السمحاء لتكون اكثر سماحة في ذلك، وتطلب تطبيق الحدود المذكورة في القرآن، لتخلص إلى أن ما جاء بالتخفيف في نص المادة 153 مخالف للشريعة الاسلامية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي