No Script

في دراسة تحليلية تحاول الاستفادة من الدول الكبرى لبناء الدول الصغرى

كتاب / عدنان العنزي يكشف... «دور التخطيط الإستراتيجي في السياسة الخارجية الكويتية»

تصغير
تكبير
صدر أخيراً كتاب «دور التخطيط الإستراتيجي في السياسة الخارجية الكويتية: دراسة تحليلية في ضوء خبرات وتجارب عالمية وإقليمية» للباحث الكويتي عدنان عبدالله العنزي.

ويعد هذا الكتاب هو باكورة إنتاج الباحث، حيث يتناول موضوعا تحتاج إليه الدول الخليجية بشدة لا سيما في المرحلة الراهنة ألا وهو «التخطيط الإستراتيجي في السياسة الخارجية»، فالدول العربية على اختلافها تعاني من أزمة طاحنة في الفترة الراهنة تتجسد في التهديدات الإقليمية والدولية بعد ثورات الربيع العربي، حيث نجد أن الدول العربية باتت تواجه خطر التشرذم السياسي والإرهاب الذي بات يضرب مناطق متفرقة من الجسد العربي، فنجد أن الإرهاب قطع أوصال الدولة السورية والعراقية فضلا عن الحرب الأهلية في ليبيا، وتهديد جماعة «أنصار الله» الحوثية على السلطة في اليمن وهي جماعة مدعومة في شكل كبير من طهران.

وعليه عمد الباحث إلى دراسة التخطيط الإستراتيجي للسياسة الخارجية لاحدى الدول الخليجية، وهي دولة الكويت، باعتبار أن التخطيط الإستراتيجي هو أحد العناصر التي ستنقل السياسة الخليجية مما هي عليه الآن والمعتمدة على ردة الفعل إلى سياسة الفعل. وبالتالي محاولة إيجاد آلية للتعامل مع الأزمات الطاحنة في المحيط العربي والإقليمي، فيجب على الكويت أن تعمد إلى مراجعة المبادئ الإستراتيجية الحاكمة لسياساتها الخارجية المتمثلة في فكرة البقاء والمحافظة على أمنها القومي وأن تخرج إلى رحب أوسع، ألا وهو التواجد اكثر على الساحة الإقليمية والدولية وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، والانصهار في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وهذا لن يحدث إلا من خلال وضع خطط إستراتيجية جديدة ومستقبلية تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية والقادمة وذلك لمواجهة التحديات التي تواجه مستقبل الأمن العربي والإقليمي.

ونجد أن الباحث عمد إلى دراسة علاقة التخطيط الإستراتيجي بالسياسة الخارجية، ودور التخطيط الإستراتيجي في عملية صنع السياسة الخارجية الكويتية وذلك لكون التخطيط الإستراتيجي هو أحد الأسس المهمة التي يجب أن تعتمد عليها السياسة الخارجية من أجل دراسة البيئة الإقليمية والدولية والوقوف على صياغة سياسة خارجية فعالة ونشطة وقادرة على التعامل مع التحديات الإستراتيجية التي تواجه الدول العربية وتواجه الكويت على وجه التحديد.

كما سعى الباحث إلى تقديم نماذج للتخطيط الإستراتيجي في السياسة الخارجية لبعض القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين، والقوى الإقليمية مثل تركيا وإيران، باعتبار هذه الدول شهدت ووضعت وطبقت رؤى وخططا إستراتيجية جيدة في سياساتها الخارجية.وقدم العنزي الأهداف والأولويات الإستراتيجية للسياسة الخارجية الكويتية، ثم انكب على دراسة الأجهزة المعنية بصنع السياسة الكويتية، وقدم مقترحا بضرورة تعزيز وتفعيل دور مؤسسات الفكر والرأي كاحدى مؤسسات صنع السياسة الخارجية، خصوصاً أن هذه المراكز استطاعت التواجد على الساحة في بعض الدول الكبرى وقدمت العديد من المقترحات نحو سياسة خارجية نشطة.

ومن هنا نلاحظ أن الباحث يرى أن السياسة الكويتية تحتاج إلى الانفتاح اكثر على العالم الخارجي من خلال إنشاء مثل هذه المراكز التي ستقدم توجيهات لصانعي السياسة الخارجية بعد دراسة كل القضايا والأزمات المطروحة وتقدم توصيات لصانعي القرار فضلا عن توفير نخبة قادرة على التعامل مع القضايا السياسية قادرة على خدمة السياسة الكويتية والسياسة الخليجية العربية.

فضلا عن ذلك، أكد العنزي أهمية الأداة الاقتصادية في السياسة الكويتية، على اعتبار ان المساعدات الاقتصادية الكويتية كان لها الدور الكبير في نهوض العديد من الدول، ووقفت الكويت بجوار العديد من الدول في محنتها، حيث دعمت مؤتمرات المانحين الأربعة لسورية للوقوف بجانب الشعب السوري، وإن كان يفترض إعادة صياغة لمفهوم دور الدولة المانحة.

وبالتالي، فإن الباحث يقدم مقاربة فكرية لتفعيل تخطيط السياسة الخارجية من خلال الاعتماد على التخطيط الإستراتيجي، كاحد الآليات التي قامت بها الدول الكبرى واستطاعت أن تفعل سياساتها الخارجية وتحقق ريادة ونشاطاً على الصعيد الدولي.

ولهذا فإن الكتاب يحاول الاستفادة من الدول الكبرى لبناء الدول الصغرى، فالدول الصغيرة أيضا بحاجة إلى تخطيط سياساتها الخارجية أكثر من الدول الكبيرة، ليس فقط لهدف البقاء بل من أجل النهوض بشعوبها ومحاولة الاندماج والانصهار مع دول أخرى حتى تستطيع المحافظة على ديمومتها واستمراريتها وبالتالي تحقيق أهدافها وتطلعاتها المستقبلية.

وقدم الباحث في نهاية الكتاب مجموعة من التوصيات والحلول التي توصل لها لتطوير السياسة الخارجية الكويتية والتي يمكن أيضا أن تستفيد منها دول الخليج العربي الأخرى وذلك نظرا للتشابه الكبير في السياسات العامة ككل.

جدير ذكره ان الباحث العنزي يعمل مراقبا في المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي