أكثر من 100 امرأة فجّرن أنفسهن في غرب أفريقيا منذ 2014 في إطار عمليات «بوكو حرام»

الانتحاريات... فوج «داعش» الجديد

u0623u062du062f u0634u0639u0627u0631u0627u062a u00abu062fu0627u0639u0634u00bb
أحد شعارات «داعش»
تصغير
تكبير
هارمان: لا يمكننا مواجهة الأطروحات المتطرفة إذا كنا لا نفهم دوافع بعض النساء الراديكالية
فتاتان عربيتان وصلتا الى روسيا، تنكرتا بزي سائحتن، تجولتا في المدينة، لكن سرعان ما انتبهت اليهما أجهزة الاستخبارات مخابرات السرية الروسية. بعد التحقيق معهما تسربت أخبار تناقلتها مواقع اخبارية مثل «لايف نيوز» الروسي الذي نقل عنه موقع صحيفة «اكسبريس» البريطانية، ان «الفتاتين قدمتا الى روسيا بغرض ارهابي، أو بالأحرى مجندتان من تنظيم الدولة الاسلامية للقيام بعمليات انتحارية». لكن الاستخبارات الروسية لم تعلق على الأخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام وأبقت الأمر سرا. فيما ذكرت مصادر «لايف نيوز» أن «الفتاتين كانتا تخططان لشن هجمات على شبكات مترو الأنفاق»، ووجد وكلاء الأجهزة السرية معهما احزمة متفجرة، وصواعق كهربائية، وأسلحة نارية وقنابل يدوية.

وان أحبطت روسيا محاولة تنفيذ عملية ارهابية على يد عناصر نسائية يقف وراءها على الأرجح تنظيم الدولة الاسلامية، فان فتاة أفريقية استطاعت منذ فترة قصيرة تفجير نفسها بدعوى الجهاد.

ولعل نجاح الفتاة النيجيرية أخيرا في تفجير نفسها وقتلها العشرات في عملية انتحارية، ليست الأولى التي تقوم بها نيجيريات استقطبتهن جماعة «بوكو حرام» المتشددة المبايعة لتنظيم الدولة الاسلامية، يعد تكتيكا جديدا للعمليات الارهابية قد يستخدمه «داعش» في حربه ضد دول التحالف التي تحاول القضاء عليه في العراق وسورية وليبيا.

فمئات النساء عربيات وأجنبيات، التحقن بالتنظيم منذ أكثر من ثلاثة سنوات. مهماتهن، حسب ما تسرب من أخبار نقلتها وكالات أنباء مختلفة، كانت اما الهجرة الى «دولة الخلافة» المزعومة بقصد الزواج من جهاديين، أو الجهاد بطرق مختلفة، ولعل أبرزها حمل السلاح والقتال، وغير بعيد أيضا هناك احتمال رجحته بعض التقارير الأميركية، أن تكون بعض النساء يعدهن التنظيم في فوج الانتحاريين.

اذ لم تستبعد معلومات استخبارية لوكالات أمنية أميركية مثل«اف بي أي» ووكالة مكافحة الارهاب زيادة اقحام «داعش» النساء في العمليات العسكرية والانتحارية، وفق«فوكس نيوز». وأشار تقرير متخصص نشره موقع تلفزيون «ان بي سي نيوز»، أنه «لا توجد أسباب واضحة تدفع المنظمات الإرهابية الى تشجيع النساء على المشاركة في الإرهاب». وقال أودري الكسندر، الذي كتب أطروحة حول الإرهابيين الإناث ومشاركة المرأة الغربية في التنظيم، ان «من المرجح أن تنظيم الدولة الاسلامية يدمج في شكل متزايد المرأة في عملياته العسكرية لإدراكه أن المهاجمين الإناث أكثر فعالية ويمكن عدم كشفهن».

وذكرت تقارير أخرى، منها ما نشر على موقع «بي بي أس» الأميركي بعنوان «كيف زاد تنظيم الدولة الاسلامية تجنيده للنساء»، أن «استخدام الإناث للقيام بهجمات انتحارية ليست جديدا، لكن ذلك يعتبر غير عادي بالنسبة لتنظيم الدولة». وبين المصدر نفسه أن «المرأة تلعب دورا مهما خصوصا على وسائل الاعلام الالكترونية وتبذل جهودا في الدعاية. حيث أن التنظيم في الرقة، لديه لواء للمرأة، حيث تكون امرأة مسؤولة عن تطبيق النساء للشريعة والأخلاق التي يحرص على تعميمها داعش».

وبعد تفجير المرأة الفرنسية من أصول مغربية، لنفسها أثناء مداهمة القوات الخاصة للمنزل المشتبه في ايوائه لمدبر هجمات باريس، تلاه قيام أميركية مسلمة من اصول باكستانية مع زوجها بالهجوم على مركز للرعاية الصحية في برناردينو الاميركية، وانكشاف ولائها للتنظيم، أصبح تركيز الاستخبارات العالمية على معرفة هوية النساء اللاتي توالين التنظيم، خصوصا اللواتي يسافرن الى معاقل «داعش» والتي أحصتهن وكالات الاستخبارات بالعشرات، حيث ذكر موقع مجلة «تايم»، ان «عدد المهاجرات الأجنبيات الى داعش يفوق 600 فتاة وقد يكون العدد أكبر من ذلك، أما المهاجرات العربيات والمسلمات الى قلاع التنظيم فاكثر من ذلك بكثير».

ظاهرة النساء الانتحاريات لا تزال تبدو صادمة، ومحاولة معرفة انجراف بعض الفتيات الى مثل هذه الأفعال أصبح يخضع لدراسات معمقة في دول الغرب، على عكس الدول العربية، رغم أن أكثر المهاجرات الى مناطق «داعش»، عربيات وآسيويات، وفق رصد وكالات الأنباء.

بعض الفتيات والنساء قد يتحدثن بـ «معسول الكلام»، «مطيعات»، «منقادات» و«ربات منزل خجولات»، لكن في النهاية يمكنهن أن يتحولن إلى قاتلات. شبكة «سي ان ان» عرضت قبل عامين نموذج التحول الأنثوي نحو «قنابل موقوتة» او انتحاريات، حيث إن الرئيس المدير التنفيذي لمركز «وودرو ويلسون» الدولي للباحثين جين هارمان، الممثلة الأميركية السابقة لولاية كاليفورنيا الديموقراطية البارزة في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب من عام 2002 إلى عام 2006، كتبت مقالا حول تحول النساء الى انتحاريات ضمن التنظيمات الارهابية، تناولت فيه نموذج الانتحاريات في نيجيريا ضمن «بوكو حرام»، وقالت إن «في الآونة الأخيرة، اقتربت فتاة نيجيرية في عمر 15 عاما فقط من مجموعة من ضباط الشرطة وفجرت نفسها».

كما نفذت فتاة نيجيرية اخرى عملية مماثلة، ما يدل على توجه خطير في منحى العمليات الانتحارية للتنظيمات الارهابية من خلال استعمال النساء للتمويه والوصول الى اهداف قد لا يستطيع القيام بها الانتحاريون الرجال، الذين باتوا مراقبين اكثر من اي وقت مضى من خلال الأجهزة الأمنية في العالم.

وحسب موقع «لونغ وور جورنال»، فان «نحو أكثر من 100 امرأة فجرت نفسها في غرب أفريقيا منذ يونيو 2014 في اطار عمليات «بوكو حرام» الدموية ضد الجيش النيجيري، خصوصا. وأضاف أن «داعش وجماعة بوكو حرام التي تصنف كتبع للتنظيم في افريقيا، باتا يعولان أكثر من أي وقت مضى على النساء في العمليات الانتحارية».

وأشارت هارمان وفق «سي ان ان»، الى انتحاريات «داعش» قائلة، «نحن نأخذ بالمسلمات بأن الفتيات لا يقدمن على ارتداء أحزمة ناسفة، لكن في بعض الأحيان يفعلن ذلك. فحقوق النساء والفتيات محدودة تحت سيطرة داعش». وتابعت:«اعتدنا على التفكير بأن الرجال يحتكرون التطرف العنيف، إلا أن بعض النساء قد يفعلن ذلك. نحن بحاجة إلى فهم أفضل لما يدفع النساء للمشاركة في مثل هذه التنظيمات، والتضحية بأرواحهن في سبيل الحركات العنيفة. لا يمكننا مواجهة الأطروحات المتطرفة إذا كنا لا نفهم دوافعهن الراديكالية».

من جهته، نقل موقع وكالة «سبوتنيك» عن مصدر محلي عراقي، ان «داعش استقدم نساء أجنبيات وعربيات من كل مناطق سيطرته في شمال العراق وغربه، لتنفيذ عمليات انتحارية في محافظة الأنبار». وحسب المصدر نفسه، «تقوم النساء بتفجير الأحزمة بعد خروجهن برفقة العائلات النازحة من الرمادي إلى النقاط الأمنية للقوات العراقية المتقدمة في المدينة». ويستخدم التنظيم هذه الورقة، بعد الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدها في المنطقة.

3 عوامل تحول الفتيات إلى انتحاريات

تحدث استشاري الطب النفسي الدكتور سليمان الخضاري لـ «الراي» تعليقا على نزوع بعض الفتيات للانضمام الى تنظيم «داعش» والاقدام على تنفيذ عمليات انتحارية، عن ثلاثة أعراض نفسية. وقال ان هذه الأعراض هي، «فتيات قابلات للتأثير عليهن، أو من تعانين من حالات اكتئاب شديدة، او من تحملن رغبة جامحة في الانتقام بسبب غضب نتيجة موقف ما او حادث تعرضن له».

وبين الخضاري لـ «الراي»، ان التنظيم «قد يستطيع استقطاب عدد من النساء من خلال تغيير قناعات حول مواضيع معينة كونهن قابلات لمثل هذا التغيير وشخصياتهن غير راسخة وقابلة للسيطرة عليها من آخرين بكل سهولة نتيجة عدم اكتمال الشخصية لديهن او عدم اقتناعهن بذواتهن». وقال ان «هذه الفئة قد تعني شريحة الفتيات المراهقات بين 16 - 20 عاما». أما الفئة الثانية، فتعاني من اعراض نفسية تسهل عملية التأثيرعليهن مثل الاكتئاب والميول للانتحار. «هذه الفئة التي بلغت درجة التفكير بالموت قد يزين البعض لهن الموت بطريقة الاستشهاد ودخول الجنة مادامت رغبتهن في النهاية الموت».

أما الفئة الثالثة، فتضم من لديهن «رغبة جامحة في الانتقام. وهنا قد يقدم التنظيم امكانات تنفيس عن هذا الغضب وترجمته في القتال أو الموت انتحارا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي