No Script

المتهم السادس في «حادث المنشية» كشف معلومات جديدة بعد 55 عاماً

عطوة: محاولة اغتيال عبدالناصر وراءها صفقة بين «الإخوان» ومحمد نجيب

تصغير
تكبير
|القاهرة - «الراي»|
كشف المتهم السادس في محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في العام 1954، فيما يعرف تاريخياً بـ «حادث المنشية»، عن أسرار ومفاجآت جديدة أبرزها أن محاولة الاغتيال التي قامت بها عناصر من «جماعة الإخوان»، المحظورة قانوناً في مصر، تمت بدعم من محمد نجيب، أول رئيس لمصر بعد الإطاحة بالحكم الملكي، بعدما تعرض للعزل بقرار من مجلس قيادة الثورة.
خليفة عطوة قال لصحيفة «المصريون» الإلكترونية انه انضم إلى «جماعة الإخوان» في فترة الأربعينيات عندما كان يحضر دروس مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، التي كان يلقيها في قريته، منوهاً إلى أنه في إحدى المرات، وكان ذلك في العام 1940 جلس طويلاً أمامه يناقشه ويحاوره، وهو في عمر 7 أعوام، فأعجب به وضمه إلى فريق الكشافة التابع لـ «الإخوان».
وأوضح أنه انضم في تلك السن المبكرة إلى الجماعة التي كانت ترفع وقتها شعار «الله أكبر، الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا»، وتعلم في معسكراتها الرماية، وتم اختياره للتدريب تحت قيادة الصاغ صلاح الدين أبوشادي حيث تعلم هو وزملاؤه مبدأ «كل ما تقع عليه يدك فهو ملك لك».
وأضاف: «أول ظهور للتنظيم السري لـ «الإخوان» كان العام 1944، حيث بدأنا تكوين مجموعة الخلايا العنقودية المسلحة، وكل خلية مكونة من زعيم وأربعة أفراد، وكل خلية لا تعرف الأخرى، وبدأنا بالعمل المسلح باغتيال أحمد ماهر باشا عن طريق محمود العيسوي، ثم قام عبدالمجيد أحمد حسن باغتيال محمود فهمي النقراشي العام 1946، وفي العام 1947 تم اغتيال رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار أحمد الخازندار.
وتابع: «لكن حدث تغيير في فكر التنظيم السري لـ «الإخوان» بعد قيام اللواء صالح حرب، شقيق طلعت حرب، بإنشاء «جمعية الشبان المسلمين» حيث نجح في استقطاب الشباب المتحمس وقتها للعمل ضد القوات البريطانية في معسكراتها بمنطقة القناة».
عطوة كشف أيضاً عن اتصالات سرية تمت بين «الإخوان» وأول رئيس لمصر اللواء محمد نجيب. منوهاً إلى أن الأخير طلب منهم أن يساعدوه في التخلص من عبدالناصر بعد توقيع «اتفاقية الجلاء» العام 1954 مقابل مكافأته لهم بالاشتراك في الحكومة. وقال: «إثر ذلك، صدرت تعليمات بتنفيذ مهمة عاجلة، وتم تقديم مجموعة انتحارية تتكون من محمود عبداللطيف، وهنداوي سيد أحمد الدوير، ومحمد علي النصيري حيث كان مخططاً أن يرتدي الأخير حزاماً ناسفاً ويحتضن عبدالناصر وينسفه إذا فشل محمود عبداللطيف في الضرب، وأنا وأنور حافظ على المنصة بصفتنا من حراس الثورة، ونقوم بتوجيه محمود عبداللطيف والإشارة له بتنفيذ خطة اغتيال عبدالناصر».
وأكد عطوة أنه من أعطى شارة البدء لمحمود عبداللطيف ببدء الهجوم، عندما كان عبدالناصر يخطب في المنشية بالإسكندرية، في يوم 22 أكتوبر 1954، لكن المحاولة أخطأت هدفها حيث مرت أول رصاصة من تحت إبط عبدالناصر، واخترقت الجاكيت العسكري الواسع الذي كان يرتديه، واصطدمت بقلم حبر في جيبه، ونجا منها بمعجزة، فيما مرت الرصاصة الثانية بجواره من بين كتفي جمال سالم وعبدالحكيم عامر، واستقرت في رأس زعيم الطائفة الختمية في السودان أحد ضيوف الحفل الميرغني حمزة ليلقى مصرعه في الحال.
وتابع: «في ذلك الوقت حدث شيء غريب حيث اندفع جمال عبدالناصر إلى سور المبنى للأمام بدلا من أن يختبئ، وصرخ فيهم: «ليبق كل في مكانه»، وهنا وبطريقة عفوية، واستجابة لا شعورية لهذه الشجاعة وجدت نفسي أحتضن عبدالناصر أنا وأنور حافظ شريكنا في الخطة، وأخذت ألوح لمحمود عبداللطيف كي يتوقف عن الضرب، وكان يتسلق وقتها تمثال سعد زغلول المواجه لشرفة مبنى بورصة القطن في الإسكندرية».
واستطرد: «عرفنا أن هنداوي دوير، المشرف على العملية، عندما علم بفشل خطة اغتيال ناصر ذهب بخبث شديد، كشاهد ملك، إلى قسم باب شرق الإسكندرية وأبلغ عنا، وتم تقديمنا للمحاكمة العسكرية، وحكم علينا بالإعدام في 17 نوفمبر من العام نفسه».
وروى عطوة لـ «المصريون» تفاصيل ما حدث بعد ذلك قائلا: «أبلغونا أن عبدالناصر أصدر قراراً بتخفيف العقوبة إلى 25 عاماً، وبعدما أخبرونا بتخفيف العقوبة أخذوني أنا وأنور وفي أيدينا الحديد من السجن داخل سيارة جيب فوجئنا بوقوفها أمام مبنى قيادة الثورة، دخلنا المبنى وسرنا في ممر طويل ووقفنا أمام غرفة، وأمرنا الضابط المرافق لنا أن ننتظر قليلاً أمام الغرفة، ثم أمرنا بدخول غرفة شبه مظلمة، ولم يكن هناك بها سوى شخص يرتدي الزي العسكري يتفحص عشرات الصور أمامه، ولا ينظر إلينا، ونحن واقفين أمامه إلى أن اكتشفنا أن الضابط الجالس على المكتب هو جمال عبدالناصر بعدما رفع رأسه وأخذ ينظر إلى الصور، سألنا: «هل أنت فلان وأنت فلان، هل كنتما فعلا مكلفين باغتيالي؟ لقد قرأت أقوالكما في محاضر التحقيق وجلسات المحكمة».
وأوضح أنه خلال حديث عبدالناصر معهما سألهما عن الدوافع الحقيقية للاشتراك في عملية اغتياله، «فأجابا بصوت مرتعش، كما يصف: «يا فندم فهمونا إنك خائن بتوقيعك معاهدة الجلاء»، منوهاً إلى أن عبدالناصر ظل يستمع إليهما في صبر وسكون حتى النهاية، وعندما انتهيا بدأ في الكلام حول دوافعه وتكتيكه من وراء توقيع «الاتفاقية»، وبعد لحظات أمر بإحضار عشاء لهما، وكان عبارة عن ساندوتشات «فول وطعمية».
وقال: «تناولنا العشاء ونحن نرتعش من الذهول، وأمر ناصر الضابط بأن يأخذنا، وسارت بنا السيارة في شوارع القاهرة، وكنا نظن أننا عائدان إلى السجن الحربي، لكن وجدنا أنفسنا في محطة قطار الزقازيق، وصاح فينا الضابط: «إنزل إنت وهو لقد أصدر الرئيس جمال عبدالناصر أوامره بالإفراج عنكما».
وأشار عطوة إلى أنه في اليوم التالي خرجت الصحف لتحكي قصتهما وخبر الإفراج عنهما، وكيف تحولا من مشاركين في محاولة اغتيال عبدالناصر إلى حماة له، وتصديا لرصاصات زميلهما محمود عبداللطيف.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي