No Script

«إعلان الدوحة» رفض قرار «الجنائية الدولية» ضد البشير ورحب بقرارات قمة الكويت الاقتصادية

القذافي: أنا ملك ملوك أفريقيا وقائد أممي وإمام المسلمين

تصغير
تكبير
| الدوحة - «الراي» |
اختتمت قمة الدوحة العربية اعمالها مساء امس. وتلا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى «اعلان الدوحة» الذي اكد «التزام التضامن العربي وتأكيد سيادة الدول العربية على اراضيها وعدم التدخل في شؤونها وتسوية الخلافات بالحوار الهادئ البناء وتحديث منظومة العمل العربي المشترك ودعم جهود انهاء الخلافات الفلسطينية وادانة جرائم اسرائيل والدعوة الى جهد قضائي دولي لمحاسبتها ورفض قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير والترحيب بقرارات قمة الكويت الاقتصادية».
وبعدما اتفق القادة العرب على ان تعقد القمة المقبلة في بغداد، اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الوضع اللوجيستي لا يسمح بعقدها على الاراضي العراقية، فاتفق على ان تعقد عام 2010 في ليبيا على ان تستضيفها بغداد في 2011.

وكانت القمة العادية الـ 21 لمجلس الجامعة العربية، قمة الصدق مع النفس. فقد عكست القمة حقيقة الوضع العربي ومدى عمق الخلافات، وأن المصالحات ليست، أقله الى الآن، سوى نصف مصالحات... وبالكاد. ترافق ذلك مع حيرة سعودية في شأن كيفية التعاطي مع الموقف الليبي الذي صدر عن العقيد معمر القذافي في جلسة افتتاح القمة. قال الزعيم الليبي في الجلسة العلنية كلاما يفهم منه أنه ايجابي تجاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز... ثم غادر القاعة مع الوفد المرافق له، عندما تبين له أن هناك تدخلا لحمله على عدم متابعة الكلام والاكتفاء بالجانب الايجابي منه، خشية أن يصدر عنه كلام آخر يقود الى انفراط القمة.
ورفض الزعيم الليبي العودة الى القاعة، رغم صدور اعتذار عن انقطاع الصوت. وبدا كلامه داخل القاعة كافيا لفتح صفحة جديدة في العلاقات السعودية - الليبية. لكن «وكالة الجماهيرية الليبية للأنباء» ما لبثت أن وزعت كلام القذافي الذي يشير الى رغبة في التصعيد، تضمن عبارات غير لائقة ضد المملكة وخادم الحرمين قبل ان ينهيه: «واحتراما للأمة أعتبر المشكل الشخصي الذي بيني وبينك قد أنتهى وأنا مستعد لزيارتك وأنك أنت تزورني. أنا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وامام المسلمين... مكانتي العالمية لا تسمح لي بأن أنزل لأي مستوى آخر وشكرا». وقال مصدر سعودي مواكب للقمة طلب عدم ذكر اسمه لـ «الراي»: «لم يسمع القادة والحضور تماما ماذا قال واكتفوا بالجزء الأخير الداعي للمصالحة، ولكن النص الحرفي لكلام القذافي سيئ جدا وخال من اللياقة، ونعتقد ان اعتذاره بحاجة الى اعتذار. لكن حكمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وترفعه وحرصه على المصالحة والعمل العربي المشترك حالت دون تصعيد الأمور وافشال القمة».
واستمرت أعمال القمة بعد خروج القذافي الذي زار المتحف الإسلامي في الدوحة بدل البقاء مع الملوك والرؤساء.
ولما سئل الأمير مقرن بن عبد العزيز، عضو الوفد ورئيس الاستخبارات السعودية عن الموضوع، اكتفى بوضع يده على فمه موحيا بأنه يفضل الصمت، لكنه قال لاحقا لدى سؤاله، هل سيعقد اجتماع بين الملك عبدالله والقذافي «ان شاالله».
وعقد الاجتماع في وقت لاحق، برعاية امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، واعلن في ختامه مصدر رسمي مقرب من القذافي، ان الخلاف الذي طبع العلاقات بين ليبيا والسعودية «اصبح من الماضي».
واضاف المصدر لـ «فرانس برس»، ان «العبارات التي وجهها الزعيم الليبي معمر القذافي الى العاهل السعودي الملك عبد الله جاءت على لسان الملك عبد الله في قمة شرم الشيخ منذ ست سنوات». واضاف ان «العلاقات الليبية - السعودية ستشهد تطورا ملحوظا خلال الايام المقبلة بما يخدم قضايا الامة وما تتعرض له من مخاطر وسيكون لهذة المصالحة العربية - العربية اثر ايجابي كبير».
واكد المبعوث الخاص للزعيم الليبي احمد قذاف الدم، ان اللقاء «استمر لمدة ساعة وبعد انتهائه، استضاف امير قطر الزعيمين على مائدة الغداء». واكد ان «اللقاء حصل وطويت صفحة الخلافات الناتجة عن سوء تفاهم»، مشيرا الى ان القذافي «حريص على ان تتفرغ الامة لمواجهة الاخطار المحدقة بها».
وحسب المسؤول الليبي، تبادل الزعيمان دعوات الزيارة و«انتهى سوء التفاهم بين السعودية وليبيا في هذه القمة».
لكن مصدراً سعودياً اكد ان المصالحة بين الزعيمين «غير متبلورة تماما».
وحضر الاجتماع، وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ومدير الشؤون الأفريقية الليبي بشير صالح.
وكانت الجلسة الافتتاحية للقمة التي استهلها أمير قطر باعطاء الكلام للرئيس بشار الأسد، بصفة كونه رئيس القمة السابقة، تميزت بالقدرة التي أظهرها الشيخ حمد على استيعاب التناقضات عن طريق الخطاب الذي ألقاه من جهة وطريقته في ادارة الجلسة من جهة أخرى. وتميز خطاب أمير قطر بالسعي الى تكريس لغة الحوار والمنطق بعيدا عن التشنجات، حتى أنه تفادى الاشارة إلى غياب الرئيس حسني مبارك عن القمة.
وكان لافتا بدء الخطاب بالقول، «أهلا بكم في وطن عربي يحاول جهده أن يكون ساحة مفتوحة لحوار حر لا شرط عليه ولا قيد، قابل للخطأ والصواب بمسؤولية المشاركين فيه وتلك طبائع الحرية». ولفت المجتمعين إلى الوضع العالمي وخطورته، قائلا ان «عالمنا العربي كان بين أكثر أقاليم الأرض تعرضا لهبوب العاصفة. واذا كانت الأزمة المالية الاقتصادية التي تعرض لها العالم ولا يزال يتعرض لها هي المشهد اللافت للأنظار، فان هذه العاصفة لم تؤثر فقط على موارد العالم العربي ومدخراته، لكنها كشفت عن هشاشة خطرة أصابت النظم التي كان العالم يعتمد عليها في ضبط أوضاعه والمحافظة على توازنه. وهذا تطور استراتيجي اسقاطاته بعيدة المدى...»
وكان خطاب أمير قطر بمثابة محاولة لنقل القمة الى مستوى أعلى يفرض عليها التعاطي مع المستجدات العالمية، بما في ذلك الادارة الأميركية الجديدة. وبدا الخطاب الذي حدد مخاطر الوضع العالمي دعوة الى دق ناقوس الخطر الذي يهدد الجميع بدل الغرق في الخلافات.
قبل ذلك، كان الرئيس السوري ألقى قبل تسليمه رئاسة القمة الى أمير قطر خطابا طويلا أقرب الى محاضرة من أي شيء آخر. وحرص الاسد على تأكيد تمسكه بمواقفه السابقة، بما في ذلك ضرورة تعليق مبادرة السلام العربية واعتبار «المقاومة هي خيارنا الوحيد».
ولم يوضح الأسد كيف أن المقاومة هي الخيار الوحيد، في ضوء الهدوء الذي يسود الجولان المحتل منذ العام 1974 وما إذا كان ذلك يعني أن لا عودة الى المفاوضات مع اسرائيل عن طريق تركيا أو غيرها. لكن خطابه المتشدد الذي دافع فيه عن ايران من دون ذكرها بالاسم، لم يمنعه من الاجتماع لاحقا بالعاهل السعودي وبعاهل الاردن الملك عبدالله الثاني، الذي شدد على المبادرة العربية وعلى أهمية القضية الفلسطينية، داعيا الى «خطة عمل عربية لحماية القدس من محاولات تغيير هويتها العربية».
وعلى خلاف الرئيس السوري، حذر العاهل الأردني بوضوح من «استمرار التدخل الخارجي في الشؤون الفلسطينية» في اشارة واضحة الى الدور الايراني كما دعا إلى دعم السلطة الفلسطينية. كذلك حذر من التدخل الايراني في الخليج.
وكان العاهل الأردني على تناقض تام مع الرئيس السوري في شأن البشير. وفي حين دعا الأسد القمة الى الوقوف مع البشير في رفضه لمذكرة التوقيف الدولية الصادرة في حقه، طالب عبدالله الثاني بـ «التحرك والتعامل بمنتهى الوعي والمسؤولية مع أزمة دارفور ومحكمة الجنايات الدولية لضمان أمن السودان ووحدته واستقراره وسيادته».
تحدث عدد لا بأس به من الزعماء العرب في قمة الدوحة التي كان ضروريا أن تنعقد، أقله لاظهار مدى التمزق العربي في هذه المرحلة وما اذا كان في الامكان الإقدام على خطوات صغيرة تهدئ الوضع وتسمح بالبحث في الخلافات ومعالجتها. لكن السؤال الأبرز الذي طرحته القمة: هل الخلافات العربية قابلة للحل، أم صارت جزءا من الحال العربية وأن لا مفر من التعايش معها في انتظار أن تنتصر مدرسة في التفكير والممارسة على مدرسة أخرى؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي