No Script

رأي مالي

مستويات جيدة لتقييمات الأسهم الأوروبية

  u0628u0642u0644u0645 u062du064au062fu0631 u062au0648u0641u064au0642
بقلم حيدر توفيق
تصغير
تكبير
عرفت أسواق الأسهم العالمية بداية صعبة في مستهل عام 2016، إذ تكبّدت مؤشرات الأسهم خسائر بسبب مجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب البيانات الاقتصادية الصينية الضعيفة.

وعلى الرغم من هذه البداية الصعبة إلا أننا لا نعتبر أنها تشكل مؤشراً على شكل أداء هذه المؤشرات خلال هذا العام، ونحن نرى أن عام 2016 سيكون إيجابياً جداً بالنسبة للأسهم الأوروبية، التي عليها أخيراً البدء بتحقيق أداء يتفوق بشكل نسبي على أداء الأسواق العالمية الأخرى لاسيما الولايات المتحدة، بعدما فشلت منذ فترة لا بأس بها في تحقيق أداء أفضل من أداء سوق الأسهم الأميركي.


لقد كان عام 2008 هو العام الأخير الذي نجحت فيه أسواق الأسهم الأوروبية في تحقيق أداء يتجاوز أداء الأسهم الأميركية، وقد عانت أوروبا منذ ذلك الحين من العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية، وواجهت في بعض الأوقات خطر تفكك منطقة اليورو.

وعمّقت الأزمات الاقتصادية التي شهدتها كل من اليونان والبرتغال وإسبانيا من حجم الأزمات التي تعاني منها أوروبا، أما الأزمات التي مازالت مستمرة أو من الممكن أن تحدث مرة أخرى فإنها تبقى إحدى مخاطر الأسهم الأوروبية.

إن هذا الأداء الضعيف لأسواق الأسهم الأوروبية ليس مفاجئاً على خلفية سلسلة من العوامل والأسباب، وأولها أن منطقة اليورو تعاني من أزمة الديون السيادية، والتي تسببت بحالة من عدم اليقين خلال الفترة الممتدة بين عامي 2010 و 2012، ومرة أخرى في صيف عام 2015.

وأثّرت هذه الأزمة بشكل سلبي على كلٍ من الاقتصاد وأسواق الأسهم، وأظهرت البيانات الاقتصادية خلال السنوات الماضية ضعفاً كبيراً في النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، بالمقارنة مع وتيرة النمو في الولايات المتحدة. لقد كانت طريقة تعامل مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، مع سياساته النقدية الوطنية مختلفة بشكل كبير عن السياسات النقدية التي اعتمدها البنك المركزي الأوروبي، ففي الوقت التي عمد فيه الاحتياطي الفدرالي الأميركي على توسعة ميزانيته العمومية بشكل كبير، قاوم البنك المركزي الأوروبي فكرة اعتماد أي فكرة مماثلة خوفاً من التضخم ومن ألمانيا في الوقت نفسه.

وأطلق الاحتياطي الفدرالي الأميركي برنامجه للتيسير الكمّي في وقت مبكر من عام 2009، واستمر على مدار السنوات الخمس التالية في إطلاق جولات جديدة من هذا البرنامج بهدف تجنب الانكماش، وبإمكاننا تناول إيجابيات وسلبيات هذه السياسات، ولكن الحقيقة الثابتة تبقى أن إطلاق هذا البرنامج واعتماد مثل هذه السياسات الحاسمة في وقت مبكر أنقذ الاقتصاد العالمي من انهيار التام، وساعد الأسهم الأميركية على تحقيق أداء يتجاوز أداء أسواق الأسهم في بقية العالم.

وفي هذا الوقت كان البنك المركزي الأوروبي يجرّب سياسات معاكسة كان منها رفع أسعار الفائدة لفترة من الوقت، قبل أن يلجأ إلى إطلاق برنامج للتيسير الكمّي في أوائل عام 2015، في خطوة تبقى إيجابية رغم تأخرها وكما تقول الحكمة «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً».

وبالإضافة إلى الأسباب التي ذكرناها آنفاً والتي تدفعنا للتفاؤل بقدرة أسواق الأسهم الأوروبية على تحقيق أداء جيد خلال هذا العام، فإن تأثير سعر صرف النقد الأجنبي يعتبر أيضاً من الأسباب الوجيهة التي تعزز اعتقادنا هذا، إذ كان الدولار الأميركي يشهد انتعاشاً مضطرداً منذ بداية الأزمة قبل بضع سنوات، الأمر الذي وفر بالنسبة لمعظم المستثمرين الأوروبيين الذين يملكون أسهم أميركية فرصة الاستفادة من ارتفاع قيمة الدولار مقابل اليورو.

وبالإضافة إلى ذلك كانت معظم الشركات الأوروبية تحقق أرباحاً ضعيفة منذ عام 2008، وقد سجلت أرباح هذه الشركات انتعاشاً طفيفاً منذ أزمة عام 2009، وهي مستمرة في إعلان نتائج مالية مخيبة، إذ فشلت معظم الشركات الأوروبية في الاستفادة من المزايا التي يوفرها ضعف قيمة العملة الأوروبية المشتركة، في ظل تخفيض كل الاقتصاديات الأخرى قيمة عملاتها في نفس الوقت.

وأدت كافة هذه الأسباب إلى تراجع تقييمات الأسهم الأوروبية بنسبة كبيرة بالمقارنة مع اتجاهاتها طويلة الأجل، وإذا احتسبنا على سبيل المثال مضاعف الربحية على مدى السنوات العشر الماضية وتكييفها للتغييرات في دورة الربح، فإنه يتبيّن لنا أن الأسهم الأوروبية أرخص بكثير بالمقارنة مع الأسهم الأميركية. وينطبق هذا الأمر على معظم الأسهم الأوروبية بشكل نسبي مع المعدلات التاريخية، ونحن لا نرى كيف يمكن لهذا الاتجاه أن يستمر على مدى السنوات المقبلة، كما أننا لا نستطيع أن نرى كيف يمكن للشركات الأميركية أن تحقق أرباح جيدة في ظل ارتفاع قيمة الدولار.

وبالإضافة إلى ذلك فإن عامل آخر يمكن أن يؤثر بشكل سلبي أيضاً على الشركات الأميركية، ألا وهو ارتفاع أسعار الفائدة التي قام مجلس الاحتياطي الفدرالي برفعها خلال الأشهر الأخير من العام الماضي، إذ بدأت تقييمات الأسهم الأوروبية في الارتفاع خلال العام الماضي، وعند احتساب مضاعف الربحية للعام الماضي نرى تحوّلاً في الفجوة بين تقييمات الأسهم الأوروبية والأميركية.

وقد يكون البنك المركزي الأوروبي بنفسه أحد العوامل الإيجابية التي قد تساعد الأسهم الأوروبية على تحقيق أداء جيد خلال هذا العام، إذ أطلق المركزي الأوروبي في وقت مبكر من العام الماضي برنامجه للتيسير الكمّي، ومن شأن مثل هذا البرنامج الضخم إلى جانب أسعار الفائدة التي تعادل صفر في المئة تقديم مساعدة كبيرة للأسهم الأوروبية، ومن الممكن أن يكون قد تم بالفعل تسعير بعض هذه الأخبار السارة في تقييمات الأسهم.

وبالإضافة إلى ذلك فقد يكون تحقيق معظم الاقتصاديات الأوروبية نمو اقتصادي خلال العام الماضي من العوامل الإيجابية أيضاً، إذ بدأت البيانات الاقتصادية الأوروبية أخيراً بتشكيل مفاجأة بالنسبة للمحللين بشكل إيجابي، وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد على تعزيز أداء أسواق الأسهم الأوروبية.

* شركة رساميل للهيكلة المالية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي