No Script

يؤوي ما يزيد على 140 ألف نازح سوري يعانون مشكلات لا تنتهي

«الزعتري»... فسيفساء من الألم رسمت الكويت أجمل آمالها

تصغير
تكبير
| كتب غانم السليماني |

رغم ما يمتلئ به مخيم الزعتري للنازحين السوريين بالأردن من أحزان، ومع ما تشي به حال قاطنيه من بؤس وشقاء، ازدان بمنطقة مميزة تعكس مساعدات الكويت للنازحين، فالمخيم الذي افتتح في 29 يوليو عام 2012 أشبه ما يكون بفسيفساء شكلها فنانون تشكيليون متعددو المشارب، فهناك منطقة لكل دولة من الدول المانحة، وأبرز تلك المناطق «منطقة الكويت» التي تعد من أكبر التجمعات، وتضم خدمات متنوعة، ومدرستين قيد الانشاء ومستشفى ومدنا للألعاب، وهي من أكثر المناطق تنظيما وهدوءا وجمالا، وتظهر فيها الكرفانات وعليها ملصق علم الكويت، فتبدو بلونها الأزرق كزهرة يانعة في صحراء قاحلة، وبين أشجار الزيتون المروية بدموع الأشقاء السوريين الذين تعصف بهم الآلام المغلفة بالآمال.

وأسوار ذلك المخيم -الذي يؤوي وفق آخر إحصائية 140 ألف نازح سوري، فروا من بطش النظام ليحطوا رحالهم في شمال الاردن- تحوي حسب ما قاله السفير الكويتي في الاردن الدكتور حمد الدعيج الذي رافق «الراي» في زيارة المخيم «كل شيء»: أسرا فقدت بعض أفرادها من جراء قصف قوات النظام لمدنهم، وأطفالا بلا آباء، ونساء بلا أزواج، وكبار سن لم يتصورا أن ينتهي بهم المطاف للعيش في مخيمات متهالكة خارج أراضيهم، فهو يضم الكثير والكثير من المتناقضات، هناك أسواق شعبية ومحال متخصصة في تصليح أنواع الادوات الكهربائية، وأخرى لبيع الهواتف النقالة وسوبر ماركت، ومدن ألعاب للأطفال، وعلى الجهة الاخرى هناك سرقات وعمليات خطف ومليشيات تدير المخيم من الداخل.

وعج مدخل المخيم بباعة متجولين، ومحطة لنقل الركاب، يليها المدخل الرئيسي الذي يشرف عليه الدرك الاردني الذي تسلم الامن اخيراً، بعد ان سادت فوضى في الاشهر الماضية في ما يتعلق بعملية الدخول والخروج.

والمنظر العام للمخيم الذي يعج بأمواج اللاجئين ينبئ بما فيه قبل دخول بوابته الرئيسية، فالصغار يهرعون خلف السيارات طلبا للمساعدة، وأحيانا لعرض خدمات متنوعة ومخيمات منتشرة تحوي أسرا فقيرة وشبابا يقومون بإعادة تصنيع المساعدات، لبيعها للاستفادة من المال بعد ان طال أمد العيش في المخيم، وكثرت الالتزامات المادية مع ما يعمل عليه بعضهم من إرسال الاموال الى أهليهم في سورية.

ويستعد مخيم الزعتري الذي يغص بما فيه من أعداد كبيرة من النازحين، لتبديل ريشه بعد ان قررت المفوضية استبدال المخيمات القماشية بأخرى من نوع الكرفانات، استعدادا لموسم الشتاء، خصوصا بعد أن توالت الشكاوى من قبل اللاجئين بعدم جدوى الخيم التي لا تمنح الخصوصية للساكنين، لاسيما في طريق السوق الذي يعد الاشهر والاكثر حركة، حيث يضم جميع الانشطة التجارية وبأسعار متفاوتة وبعروض تشجيعية وأسماء مشهورة لاستقطاب الزبائن.

الحالة الصعبة في مخيم الزعتري دفعت السلطات الاردنية إلى إنشاء مخيمين جديدين في ربوعها الشاسعة الأول صغير بمنطقة المفرق لا يتجاوز 20 دونما يستضيف اللاجئين الـ«vip» بعد أن تضاعفت شكاواهم في مخيم الزعتري، والآخر في منطقة مرجيب الفهود للاجئين السوريين للتخفيف من العبء بالمخيم الرئيس.

ورغم ما يعانيه سكان المخيم، أقاموا وقفة تضامنية تنديدا باستخدام قوات النظام للاسلحة الكيماوية في الغوطة تخللتها أهازيج وطنية وعبارات للتنديد بممارسات النظام السوري ضد الشعب، كما رفع اللاجئون خلالها عبارات دعم وتأييد للجيش الحر.

وفي ظل هذا الخضم من الاحتياجات الخاصة بالنازحين لم تقف الكويت موقف المتفرج بل بادرت بمد يد العون إذ تعد من اكبر الدول الداعمة للمخيم، فأرسلت 709 كارفانات لإيواء الاسر السورية داخل المخيم، إضافة إلى بناء مدرستين ومستشفى جديد ومدينة الالعاب للأطفال والعديد من المساعدات الشخصية والمتنوعة من جمعيات النفع العام والشخصيات العامة والتي تشرف عليها السفارة الكويتية في الاردن حيث يقوم السفير الدكتور حمد الدعيج أسبوعيا بزيارة المخيم للاطلاع على أحوالهم وتفقد ما يحتاجه اللاجئون والتأكد من وصول المساعدات الكويتية إليهم.

وقد أشادت ممثلة اليونيسف في الاردن دومينيك هايد بجهود الكويت في مساعداتها التي تقدم للاجئين السوريين في المخيم واطلقت حملة «الكويت تستجيب» بعد أن انهال العديد من المساعدات المتنوعة التي تقدم للاجئين السوريين في مخيم الزعتري، مشيدة بمساهمات الكويت السخية لا سيما بإنشائها مرفقا رياضيا مهما للأطفال «سيساعدهم على التخلص من أوضاعهم القاسية للغاية».

وأشارت إلى أن «هذه المرافق المتعددة الأغراض توفر للأطفال السوريين الفرصة لتمضية أوقاتهم في أمور مفيدة عند انضمامهم للأنشطة الرياضية المختلفة»، مبينة ان «يونيسيف الاردن تلقت مساعدة عاجلة من الكويت قيمتها 11 مليون دولار من مجموع المساهمة البالغ 55 مليون دولار استجابة للنداءات الخاصة بالمساهمة في مواجهة الأزمة السورية».

ولا يقل الوضع خارج المخيم سوءا عن داخله، حيث بث بعض الشباب السوري همومهم الثقيلة لـ «الراي» فقال الشاب عبدالسلام الذي ترك جامعته في سورية: «ياريت العمر يرجع بنا 3 سنوات إلى الوراء حتى لا أرى بلدي سورية تدمر وأعيش غربة لا أعرف متى تنتهي»، مضيفا: «انا من منطقة داريا وأرى المناطق السورية تدمر ولا احد يقف معنا، لقد شاهدت اشتباكات مسلحة في منطقة الرقة المحررة بين دولة العراق والشام الاسلامية وأحفاد الرسول التابعة للجيش الحر بعد أن تبادلوا الاتهامات بالخيانة في ما بينهم».

ووصف عبدالسلام الوضع بانه «سيئ، والمعيشة صعبة والمساعدات تصل بصعوبة للأسر، حيث يتطلب الامر الوقوف ساعات في الطوابير لتسلم كوبونات المساعدة ونتعرض لبعض الاهانات والسب فهناك من قال لنا: انتو يبيلكم أربع بشارات. في اشارة إلى الرئيس بشار الاسد إضافة الى غلاء المعيشة وصعوبة الحياة في الاردن وصعبة التواصل مع الداخل السوري للاطمئنان على الاهل والاقارب».

أما أبو ابراهيم -من منطقة داريا- فهو يسكن في بيت متهالك في منطقة السلط ويعيش مع أسرته وصغاره بعد أن فر من القتال، وفقد 12 شخصا من أسرته جراء قصف قوات النظام، فيقول «إن الوضع داخل سورية صعب جدا، ولا يطاق، وقوات النظام مدعومة بكتائب من حزب الله ومقاتلين من إيران والعراق يقاتلون بضراوة ووحشية والقصف متواصل، ومع الاسف هناك مندسون من قوات النظام في صفوف الجيش الحر، ينقلون التحركات والأسرار للاستخبارات السورية ما يتسبب في ضعف الجيش الحر إضافة إلى المجاهدين من دول مختلفة من بينها الكويت والسعودية، ويعانون من عدم وجود أسلحة وذخائر وأحيانا تحصل مناوشات بينهم وبين الجيش الحر، وفي احد الايام خرج الاهالي للتنديد بالقتال بين كتائب المجاهدين والجيش الحر فصدوا تظاهرت الاهالي بالنيران وسقط خلال المواجهة 10 شهداء من صفوف الاهالي فأصبحنا بين ناريين».

وزاد أبو إبراهيم «قوات النظام لا ترحم احدا ويقتلون كل من يقف في طريقهم، وأتذكر جيدا عندما كنت في التجنيد للإلزامي حين دخل على مكتبي عسكري من العلويين وشاهد صورة معلقة على الحائط مكتوبا عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فقال لي: فاتح مسجد هون؟! ثم نزعها ورماها على الارض كائلا عبارات التقديس لبشار والعياذ بالله».

ويضيف أحد الخارجين من المخيم ويدعى عبدالغفار العياش -من حوران- «ان الذبيحة عندما تسقط يكثر ذابحوها، ونحن نعاني كثيرا من الوضع داخل الاردن وغلاء المعيشة وصعوبة العمل والحصول على مساعدات وقلة الادوية كما ان المخيم تنتشر فيه الاوبئة والامراض ولا توجد رعاية كافية ولا اهتمام كما ان بعض السوريين داخل المخيم يقومون بممارسات خاطئة».





الدعيج لـ«الراي»: سنجهز  مخيماً جديدا في «الأزرق»



أعلن السفير الكويتي الدكتور حمد الدعيج تجهيز مخيم جديد للاجئين السوريين في الاردن في منطقة الازرق، ويسمى مخيم الحلابات، حيث تقوم حاليا السلطات الاردنية بتجهيز البنية التحية والأرضية الخاصة به.

ولفت الدعيج إلى أن الكويت ستتولى تجهيز معدات ولوازم المخيم بعد الانتهاء من إعداد البنية التحتية، مؤكدا أن «ثمة ألية صرف جديدة للتبرعات الكويتية لبرامج المفوضية الخاصة بمواجهة الازمة الانسانية للاجئين السوريين خاصة في الاردن تتضمن حزم لوزام النظافة الصحية وتوفير المواد الاساسية غير الغذائية والخدمات اللوجستية والتخزين وتدخلات الرعاية الصحية الاولية والمنقذة للحياة وتوفير الدواء والرعاية الصحية وتسوية ورصف الطرق والبنية التحتية وتوفير الامن للمخيم الجديد في منطقة الازرق».

وأفاد بأن «الكويت قدمت مساعدات عديدة للاجئين في داخل المخيم وخارجه وآخرها افتتاح ملعب «الفرصة» للأطفال من أعمارهم بين 10-14 سنة للعب كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة بإشراف مدربين مؤهلين»، موضحا ان «سمو الأمير حريص على تقديم هذه الخدمات والكويت هي واحدة من الرواد في تقديم الدعم للاستجابة للأزمة السورية، فهذه المشاريع مستمدة من رؤية صاحب السمو، كما تخطط الكويت أيضا لمشاريع أخرى، بما في ذلك توزيع الكرفانات التي وصل عددها إلى 709 كرفانات وبناء مدرستين ومستشفى ومسجد».

وبين أن «هناك زيارات متكررة للاطلاع على سير العمل في قرية الكويت في مخيم الزعتري ومرافقة زيارات الوفود الكويتية الخاصة للاطلاع على أوضاع اللاجئين إضافة إلى الوفود غير الرسمية من بينها وفود طبية لتقديم خدمات علاجية وتوزيع أموال منها جمعية الاصلاح وجمعية عبدالله النوري والعديد من مساعدات أهالي الخير».





وزير الصحة الأردني لـ«الراي»: نتقاسم مع إخواننا السوريين الغذاء والدواء



قال وزير الصحة الاردني الدكتور علي الحياصات «أنا سعيد جدا ان ألتقي بالمصادفة سفير الكويت الدكتور حمد الدعيج في هذا المخيم الذي يضم اخواننا اللاجئين السوريين، فإننا لم نتوان عن عمل قصة المهاجرين والانصار مع اخواننا السوريين، وتقاسمنا معهم الدواء والغذاء والماء وكل جهدنا قدمناه لهم وهؤلاء شبابنا ورجالنا يقدمون كل جهد لمساعدة اللاجئين السوريين». وأشاد الحياصات في تصريح خاص لـ«الراي» بجهود ودعم سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد في دعم اللاجئين السوريين، قائلا: «نحن ندين بالشكر والعرفان لهذه الدولة العربية الشقيقة المحترمة في مواقفها الكبيرة بإنسانيتها وأميرها العظيم سواء في هذا المخيم او مواقع أخرى»، مضيفا: «إننا نواجه تحديات كبيرة في مخيم الزعتري وبحاجة إلى المزيد من الرعاية والجهد، ونحتاج إلى وقفة الاشقاء في هذه المحنة فاللاجئون في محنة ونحن معهم في محنة أيضا، ولا نستطيع التخلي عنهم ونأمل أن يتواصل دعم اخواننا لهم».





من جولة «الراي»



ممنوع تصوير المسنين

رفض كبار السن من اللاجئين التقاط الصور بشدة، ولوحظ انهم يغضبون عندما يتم تصويرهم، بخلاف الصغار الذين لا يمانعون بل ويشعرون بالفرحة من جراء التصوير.

كرفان مسروق

أثناء التجول داخل المخيم، لمح السفير الكويتي بعض اللاجئين السوريين يسرقون «كرفانا» موسوما بعلم الكويت ويقومون بنقله إلى منطقة اخرى، فوقف مصدوما للتأكد مما يجري، فما كان ممن يقومون بنقله إلا أن طلبوا منه -وهم لا يعرفونه- المساعدة في جر «الكرفان»!!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي