No Script

قرقعة السلاح تعلو وسط أصوات شيعية ترتفع مطالبة بإخراج شيعة لبنان من «البركان» السوري وامتداداته

«حزب الله» يقاتل في سورية ... من أجل مَن؟

تصغير
تكبير
| بيروت - من ريتا فرج |

بعدما أصبح دخول «حزب الله» في المعارك السورية واقعاً، يطرح كثيرون من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان السؤال الآتي، إلى أين يأخذنا الحزب الذي يدفع بنا إلى مواجهة **المحظور التاريخي؟

على قدر ما يحمله الجواب من معانٍ معقدة يتداخل فيها السياسي مع الديني، تبدو التداعيات المرتقبة للبركان السوري على «بلاد الأرز» أشد خطورة من ذي قبل، فالحزب في المرحلة الأخيرة بات يشكل خط الدفاع الأول عن النظام السوري المحاصَر عربياً ودولياً.

وفي ظل أخذ الغالبية الشيعية إلى «الموقع الخطأ»، تحضر وصايا الإمام محمد مهدي شمس الدين اليوم أكثر من أي وقتٍ. الوصية/ الرسالة كانت بمثابة الشهادة التي قال فيها «أوصي أبنائي إخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وألا يميّزوا أنفسهم بأي تميز خاص، وألا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم، لأن المبدأ الأساس في الإسلام وهو المبدأ الذي أقرّه أهل البيت. وأوصيهم بألا ينجروا وألا يندفعوا وراء كل دعوةٍ تريد أن تميّزهم تحت أي ستار من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية».

وما لا شك فيه ان دخول «حزب الله» في الصراع العسكري دفاعاً عن النظام السوري حتى الرمق الأخير، أيقظ مخاوف باتت تؤرق جزءاً لا يستهان به من شيعة لبنان، لاسيما وان الحزب تدرّج في انخراطه بالنزاع السوري من عنوان الدفاع عن اللبنانيين المقيمين في بعض القرى السورية (المتاخمة للحدود اللبنانية) فإعلان انه يريد حماية مقام السيدة زينب في دمشق، إلى ان بات اليوم في عمق خريطة الصراع مع سورية وعليها.

وقد يقول قائل إن مقامات الشيعة في سورية مهدَّدة من جماعات تكفيرية، فهل هذه الحجة في حال كانت صحيحة تستدعي دخول «حزب الله» في الجحيم السوري في حين ثمة مَن يذكّر بأن الإسلام حرم سفك الدماء وجعلها أشد حرمة من بيته الحرام حيث قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «حرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة».

وكان لافتاً ان بعض المرجعيات الشيعية اتخذت مواقف واضحة من الثورة السورية انطلاقاً من التاريخ العقدي الشيعي نفسه الذي يناصر المظلوم ضد الظالم. وقد اصدر السيدان هاني فحص ومحمد حسن الأمين بياناً يوم 8 أغسطس الماضي عبّرا فيه عن تأييدهما للثورة، مطالبيْن شيعة لبنان والمفكرين العرب وعلماء المسلمين بدعم ثورة الشعب السوري ضد النظام.

وما إن اشتد المدّ العسكري لحزب الله في القصير ومناطق سورية أخرى حتى دُفع بشيعة لبنان إلى «عين العاصفة». كل ذلك وسط تشنج مذهبي ملحوظ في لبنان والعراق وبعض دول الخليج. وهذا الدفع طرح بدوره علامات استفهام بشأن موقف جمهور الحزب من معاركه في سورية وسط الحديث عن قلق واسع من ارتداداته المستقبلية على امة وصفها الكاتب اللبناني وضاح شرارة بـ «الأمة القلقة».

ورغم أن الغلبة هي لقرقعة السلاح، بحيث ان لا صوت الآن يعلو على صوت المعركة، ترتفع أصوات شيعية على ندرتها تطالب بإخراج شيعة لبنان من البركان السوري وامتداداته الايرانية - العراقية.

ومن أجل الاضاءة على هذا الملف التقت «الراي» كلا من المرجع العلاّمة السيد محمد حسن الأمين والعلاّمة السيد هاني فحص.



السيد محمد حسن الأمين: ما يقوم به «حزب الله» في سورية عدوان على شعبها لا ينطبق عليه شرط الجهاد



• «حزب الله» يأخذ شيعة لبنان الى الخطر ويضعهم في مواجهة الشعب السوري

• المقامات في سورية حافظت على وجودها ولم تتعرض لأي تهديد منذ 1400 عام

• الحزب يعمل لمصلحة إيران والشيعة لا يريدون دخول أي مغامرة سياسية ولا صراع مع السنّة

• إذا كان لم يكن بدٌ من الجهاد فإنه يكون الى جانب الشعب السوري ضد نظامه



أكد العلاّمة السيد محمد حسن الأمين أن ما «يقوم به حزب الله في سورية لا ينطبق عليه شرط الجهاد بل هو نوع من العدوان على الشعب السوري»، معتبراً ان الكلام عن حماية الحزب للمقامات الدينية في سورية «مجرد ذريعة للقتال في الموقع الخطأ وفي الزمان الخطأ».

ورأى الأمين ان حزب الله» فريق سياسي يعمل لمصلحة إيران، والشيعة لا يريدون الدخول في أي مغامرة سياسية ولا يريدون أي خلاف أو صراع مع الطوائف والمذاهب وخصوصاً مع السنّة».

• اعتبر «حزب الله» أن ما يقوم به في سورية «عمل جهادي» أو مهمة جهادية. ماذا تعني المهمة الجهادية من الناحية الفقهية عند الشيعة الإثنى عشرية؟ وما شروطها؟

- إن مفهوم الجهاد في الإسلام هو مفهوم إشكالي، وهو عند الفقهاء قتال الأعداء وليس قتالاً من دون شروط، بل إن تمحيص معنى الجهاد في الإسلام يُظهر أنه لا وجود لجهاد إبتدائي، فالجهاد في الاسلام هو دفاعي.

وما يقوم به «حزب الله» في سورية لا ينطبق عليه شرط الجهاد بل هو نوع من العدوان على الشعب السوري الثائر والذي يمكن القول إنه إذا كان لم يكن بدٌ من الجهاد فإنه يكون الى جانب الشعب السوري ضد نظامه وليس ضد الشعب السوري والى جانب نظامه. وقد حذّرنا منذ البداية من الانخراط في هذا القتال ضد السوريين وخصوصاً «حزب الله» الذي اكتسب سمة الجهاد الحقيقي في مواجهة الكيان الصهيوني وعدوانه على لبنان.

• أدرج «حزب الله» دخوله في معركة سورية ضمن شعار حماية المقامات الدينية. من الناحية الفقهية هل ثمة إلزام فقهي بضرورة حماية الأماكن المقدسة من قبل اي جماعة شيعية في حال تعرضها للتهديد؟

- الكلام على المقامات الدينية ذريعة واضحة التهافت. مقام السيدة زينب وغيرها من المقامات في سورية حافظت على وجودها ولم تتعرض لأي تهديد منذ 1400 عام، لماذا لم نجد أي فرقة أو مجموعة من الشعب السوري الى اي طائفة انتمت قامت بالاعتداء على مقام السيدة زينب ولو لمرة واحدة؟ والعكس هو الصحيح، فإن الشعب السوري وخصوصاً سنّة سورية يقدّسون مقام السيدة زينب كما يقدّسه الشيعة، فهي ابنة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وهو خليفة من خلفاء رسول الله في عقيدة السنّة، وهي حفيدة الرسول الأعظم (ص) وابنة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وكل هؤلاء مكانتهم جليلة عند جميع المسلمين. لذلك فإن في الكلام عن الدفاع عن المقامات تهافت وإدعاء ومجرد ذريعة للقتال في الموقع الخطأ وفي الزمان الخطأ.

و«حزب الله» مطالَب بحكم العقيدة والنهج السياسي أن يدعم المظلوم ضد الظالم وليس العكس. بكل الاحوال فإن موقف «حزب الله» في هذا الشأن لا يعبّر عن رأي الطائفة الشيعية بأي حال من الأحوال، وهو يؤدي الى زج الشيعة في موقع يساهم في إيقاظ الحساسيات المذهبية.

• اذا كان دخول «حزب الله» في المعارك السورية يؤدي كما تعتبرون الى تعزيز الصراع المذهبي، فما القاعدة التي ينطلق منها الفقه الشيعي لجهة درء الفتنة؟

- من المؤسف أن هذا الصراع ربما يتحول الى صراع مذهبي بين المسلمين والقاعدة الإسلامية في قول الرسول (ص) «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»، والسنّة والشيعة هما ركنا الإسلام وقاعدته العريضة واي اقتتال بينهما في اي موقع هو محرم شرعاً ويُعتبر من الكبائر، ولا يؤدي إلاّ لمزيد من الشرخ بين المسلمين ولا مصلحة لأحد به على الاطلاق إلاّ أعداء المسلمين والنظام السياسي في سورية الذي لا يكفّ عن قتل الشعب السوري، وهو بالتأكيد نظام أبعد ما يكون عن الإسلام وعن موقع التقريب الفقهي والسياسي بشأن مصير المسلمين وشريعة المسلمين. هذا النظام يماثل النظام العراقي السابق الذي ابتهج «حزب الله» بزواله. ومن هنا فان وقوفه الى جانب نظام مماثل أمر يُثير الاستغراب والدهشة.

• ما دور العلماء الشيعة في لبنان لجهة التصدي لدخول «حزب الله» في المعركة السورية؟

- دور العلماء الشيعة هو تعرية مثل هذا القتال ومنع التدخل الى جانب النظام السوري انطلاقاً من الشرعية الدينية، لنؤكد أن هذا القتال لا يمثل الشيعة بوصفهم مذهباً عقائدياً إسلامياً. وبالتالي فإن فريقاً من الشيعة الممثل في «حزب الله» هو الذي يتحمل المسؤولية وليس الشيعة بصورة عامة.

• الى أين يأخذ «حزب الله» شيعة لبنان؟

- يأخذ شيعة لبنان الى الخطر ويضعهم في مواجهة اخوانهم من ابناء الشعب السوري سواء كانوا سنّة أو من أي طائفة من طوائف السوريين. وهذا هو الأمر الذي يحّضنا على العمل لوقف هذا التدخل آملين ان تتمكن قيادة الحزب من إدراك هذا الخطر والتراجع عن زج الشباب في هذه المعركة غير العادلة وغير المتماثلة مع كل القيم والاعتبارات الدينية والسياسية بما فيها الاعتبار المتعلق بمهمة المقاومة التي قربت كثيراً بين المسلمين، وقربت «حزب الله» نفسه والشيعة عموماً الى المسلمين السنّة في العالمين العربي والاسلامي. فهل يجوز أن يخسر الشيعة هذه الروابط المتبقية التي حققتها المقاومة في سبيل دعم نظام سياسي زائل مهما طال المدى ومهما كانت الظروف التي يتعرض لها الشعب السوري صعبة دولياً وإقليمياً؟

• هل ترى أن دخول حزب الله في المعركة سورية بمثابة الخط الدفاعي عن مشروع الشيعية السياسية في المنطقة؟

- المشروع المذهبي لا شرعية له على الاطلاق. الشرعية هي للوحدة السياسية بين المسلمين، والوحدة الاسلامية هي المتضرر الأول من كل أشكال الصراع والمشاريع الاقليمية المذهبية أو التقسيمية. «حزب الله» فريق سياسي يعمل لمصلحة إيران، والشيعة لا يريدون الدخول في أي مغامرة سياسية ولا يريدون أي خلاف أو صراع مع الطوائف والمذاهب خصوصاً مع السنّة.





السيد هاني فحص: سلاح «حزب الله» تحوّل من مقاومة إسرائيل إلى مقاومة الشعب السوري



• القرار ايراني وقد أصبح علنياً بعد لقاء السيد حسن نصرالله بالسيد خامنئي الذي مهد لهذه المرحلة

• قد تكون كربلاء أهون مما نحن ذاهبون إليه على تقدير انتصار هذا الطرف أو ذاك

• صدور دعاوى لبنانية متسرعة وهوائية للجهاد السني في سورية مقابل «حزب الله» تخفف عنه الحرَج

• المذاهب الفقهية السنية متفقة على نجاسة أو كفر مَن يكره أهل البيت



رأى العلاّمة السيد هاني فحص أن الفتاوى التي يجري الحديث عنها بشأن جعل سورية أرض جهاد للشيعة تشترط «إذن الإمام المعصوم ولا تكفي ولاية الفقيه للإلزام بالفتوى»، مبدياً تخوفه من تداعيات تدخل «حزب الله» عسكرياً الى جانب النظام على شيعة لبنان.

واستحضر فحص التجربة التي خاضها المرجع الكبير السيد محسن الامين في دمشق «حين تحوّل الى مرجع لدمشق وسورية كلها»، مشيراً الى أن «كربلاء قد تكون أهون مما نحن ذاهبون اليه على تقدير انتصار هذا الطرف او ذاك على حد السواء»، ومعتبرا ان «سلاح حزب الله تحوّل من مقاومة اسرائيل الى مقاومة الشعب السوري».

• يجري الحديث عن فتاوى لمرجعيات عليا تجعل سورية أرض جهاد للشيعة. ما هو رأيكم؟

- الفقه الشيعي كما هو معروف يشترط إذن الامام المعصوم في هذه الحالات، ولا تكفي ولاية الفقيه للإلزام بالفتوى، حتى للذين يلتزمون بها. وأنا في المسائل التي تتعلق بمصائر الناس وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم، متشبث بلزوم الاحتياط. ثم ان مراجعنا الذين تبرأ الذمة في العمل بفتاواهم، في النجف وفي قم، لم يقولوا هذا القول، وطبقاً لسيرة المتشرعة من أمثالهم، وطبقاً لنظام اولوياتنا الشرعية، يرجح فقهاؤنا سلامة الوجود، بما يعني ذلك من بذل الوسع في سبيل تجنب المواجهات والمخاطرات والشبهات، قبل الوقوع في خطر وقد كان ذلك ممكناً في سورية، ولكنه صار صعباً.

• يبرر «حزب الله» تورطه في المعارك السورية بحجة الدفاع عن المقامات الشيعية (السيدة زينب والسيدة سكينة). هل يجوز من الزاوية الدينية الشيعية الدخول في صراع عسكري تحت غطاء حماية المقدسات؟

- كما كتب أحد كتّاب «حزب الله» وحاسبه الحزب بقسوة على كلامه، فإن من مسلماتنا الدينية ان حرمة الانسان من اي دين او مذهب كان، مقدمة على حرمة الكعبة المشرفة، اذا تعارضت معها.

• هذا والكلام قبل هذا السؤال، لأن هناك سؤالاً ملحاً عمن تكفل بحماية مراقد اهل البيت في سورية على مدى اربعة عشر قرناً؟

اهل البيت ومراقدهم هم الواحة الخضراء التي يلتقي فيها المسلمون، والمذاهب الفقهية السنية متفقة على نجاسة، او كفر، من يكره اهل البيت (ع). بلى هناك فرقة من المسلمين تكفر من يعتنون بالأضرحة، من دون تفريق بين نبي وإمام وصحابي، ويدعون الى هدمها إن استطاعوا الى ذلك سبيلاً، كما حصل في مالي. اما مصر فقد هبت كلها في وجه الدعوة الرعناء الى تهديم المقامات، من مقامات الصوفية لـ السيد البدوي وابي العباس، الى مقام او ضريح الامام الحسين والسيدة زينب عليها السلام.

وهنا ارجو ان نردّ على العصبيات الضيقة والنابذة والتكفيرية لدى بعض الشيعة وبعض السنّة، وخاصة في سورية، بتذكير الجميع بالتجربة الرائعة والرائدة التي خاضها المرجع الكبير السيد محسن الامين في دمشق منذ اوائل القرن الماضي وحتى منتصفه، حين تحوّل من إمام لألفين من الشيعة الجعفرية، الى مرجع لدمشق وسورية كلها، من خلال علمه وتعليمه وأدبه ومشاركته في الشأن العام، وتدريبه للشيعة في سورية على الاندماج في قومهم ووطنهم، وعدم الارتهان لأي حاكم في اي فترة من تاريخ سورية. وهكذا تعلموا كيف يحبون شركاءهم في الايمان والوطن، فأحبهم الشركاء واحترموهم. وخرجت دمشق كلها في مأتم السيد الامين العام 1951 وكأنها فقدت احد اركانها.

ان الذي حمى الشيعة الجعفرية تاريخياً هو توحيدهم ووحدتهم واتباعهم لنهج ائمتهم وأخلاقهم التوحيدية الوحدوية، في حين كان غيرهم من فرق الشيعة معلقين على وجود وقوة الدولة الفاطمية او الزيدية، فانحسروا بانحسارها.

• هل تخشون من تداعيات دخول «حزب الله» وبهذا المستوى في المعارك السورية على شيعة لبنان والشيعة عموماً؟

- نعم اخشى ذلك كما يخشاه غيري، ولعلنا قد وقعنا في ما كنا نخشاه. وليس العلاج ان تصدر دعاوى لبنانية متسرعة وهوائية للجهاد السني في سورية مقابل «حزب الله». خاصة واننا نعلم ان هذه الدعوات لا تجد مَن يستجيب اليها، فلا يستفاد منها الا ان تزيد من نار الفتنة. والكلام المبكر والحماس الزائد الذي عايشناه لم يكن له من ثمرة له سوى تأمين الغطاء لتدخل حزب الله علناً في سورية، ورفع الحرج عن هذا التدخل، وقرار الحزب متخذ ومدروس بدقة وليس من الضروري ان يكون صائباً او حكيماً او سليماً او غير كارثي، ولكنه متخذ من بداية الحراك في سورية، وكان يمكن ان يكون محرجاً للحزب باعتبار ان سلاح المقاومة قد تحول من مقاومة اسرائيل الى مقاومة الشعب السوري، فلا يصح ان نخفف عنه الحرج. اما الحل فهو ان يتشكل فريق من العقلاء اللبنانيين والعرب والمسلمين، لتدارك الامر، ووضع حد للخسائر التي قد تكون مدمرة لمستقبل الجميع، ومن دون ان يكون هناك رابح لأن الفتن هي خسارة مشتركة وإن تفاوتت النسب.

• ثمة ما يوحي بوجود قرار شيعي إقليمي واستراتيجي باعتبار معركة الدفاع عن النظام السوري معركة حياة أو موت. ما رأيكم في ذلك؟

- القرار ايراني وقد اصبح ذلك علنياً بعد لقاء السيد حسن نصرالله بالسيد خامنئي الذي مهد بمواقف معروفة لهذه المرحلة من العلنية، التي اقتضتها هزائم وتراجعات النظام السوري، فكان لا بد لإيران ان تتولى المسألة كاملة. ولعلّ الانتخابات الرئاسية الايرانية ذات صلة بهذا التحول الواسع في الشكل لا في المضمون، لان المضمون، اي الانحياز الايراني للنظام السوري، كان صريحاً من البداية.

• هل تعتقد أن معركة حزب الله في سورية هي خط دفاع لحماية مشروع الشيعية السياسية الممتدة من طهران الى بيروت مروراً ببغداد ودمشق؟

- نعم، أعتقد ذلك.

• في ظل الحديث عن صراع سني - شيعي هل تخشى من كربلاء جديدة في حال انكسر مشروع الشيعية السياسية في المنطقة؟

- قد تكون كربلاء اهون مما نحن ذاهبون اليه على تقدير انتصار هذا الطرف او ذاك على حد السواء، ان لم يبادر العقلاء الى العمل على تفادي الاعظم. غير ان كربلاءنا المنتظرة، ونسأل الله ان يبعدها عنا، هي كربلاءات بألوان وايقاعات متعددة، لعلنا قادمون على تبادل وتداول الكوارث. اما الدين، اما الاسلام، فهو اول وأكبر المتضررين، مع كل المسلمين سنّة وشيعة، وسوف نحتاج الى قرون حتى نعيد اجيالنا من القطيعة مع الدين، الذي نحمله مسؤولية تدمير حياتها وأحلامها وايمانها.

 

رسالة الشيخ معاذ الخطيب إلى السيد حسن نصرالله:

شعب سورية هو عين مأساة الإمام الحسين المظلوم



وجّه رئيس الائتلاف السوري المستقيل الشيخ أحمد معاذ الخطيب رسالة إلى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله هي الأولى من نوعها جاء فيها:

«السلام على كل من يمدّ للحق يداً، ويحقِن للأبرياء دماً، ويجعل الانسان مكرماً، وبعد؛ فلا يخفى عليكم أن المنطقة تُجَر إلى فتنة ربما لا ينجو منها أحد، وأن هناك سعياً نحو تفتيتها، وادخالِها في صراع مذهبي مرعب يستهلكها عشراتِ السنين.

انني لا أؤمن بالحرب، وأعتبرها عجزاً للانسان فينا، وأن التفاهم وحدَه هو سبيل حل أيةِ مشكلة تنشأ بين الأفراد أو المجتمعات، وعلى الأمم ألا تغترّ بالقوة التي تمتلكها، فكم تفككتْ امبراطوريات عظيمة بسبب غرور القوة الذي يسكنها. ألم يكفنا سنّةً وشيعة أكثرُ من ألف عام من الخصام، لنَدفِنَ العقلية المذهبية الضيقة ونُخرجَ الأمة من وهم الانتصار. في حرب تموز (يوليو 2006) فتحنا نحن السوريين بيوتَنا وقلوبَنا للمقاومة رغم اختلافنا معها في عديد من أمور الاعتقاد، ليقينِنا أنهم كانوا يصدّون صولةَ عدو لئيم، ورفرفتْ أعلامُ «حزب الله» اللبناني في شوارعنا، وامتدت أيدينا بما تيسّر من قُوت أبنائنا لدعم أشقائنا في لبنان. أفهكذا تكون المكافأةُ لشهامة هذا الشعب المعطاء الكريم؟؟ انّ تدخل «حزب الله» اللبناني في سورية قد عقّد المسألة كثيراً، وكنتُ أتوقّع منكم شخصياً بما لكم من ثقلٍ سياسي واجتماعي أن تكونوا عاملاً ايجابياً لحقْن دماء أبناء وبنات شعبنا.

هل يُرضيكم قصفُ النظام لشعبنا بالطائرات وصواريخ سكود، وعجنُه لحومَ الأطفال مع الخبز؟ هل يسرّكم اغتصابُ آلاف النساء! وقتلُ مئات الأطفال بالتعذيب حتى الموت! هل يُعجبكم أن يعيشَ السوريون تحت حكم حزب طاغوتي خمسين عاماً، فاذا قاموا لنيل حريتهم عوقبوا بالدمار الشامل لبنيتهم التحتية، واجتثاثِ مجتمعاتهم، وتشريدهم ونفيهم، والمذابحِ الجماعية لهم، وادخالِهم في دوامةِ مؤامرةٍ مرعبة كان النظام مَن ساعد في تحقيقها. هل مذهبُ أهل البيت عليهم السلام هو نصرُ الحق مطلقاً كما أفهم، أم الانتصارُ لنظام طاغوتي أرعن، وان شعب سورية بمجموعه هو عين مأساة الامام الحسين المضطهد المظلوم الشهيد، ويبقى النظامُ هوَ المسؤولَ الأولَ عما يجري من قتلٍ وتخريبٍ في البلاد.

أقول لكم بكل صدقٍ وصراحة: ان الموقف اليوم وتصريحاتِ بعضِ المسؤولينَ في الحزب يضع بعض الأفكار تحت طائلةِ التفككِ التاريخي، والافلاسِ الأخلاقي، وان موجة عارمة من الالحاد بدأت تغزو أجيالاً كاملة بسبب بعض المواقف التي (باعتقادي) لا يمكن أن تنتسب إلى فكر آل البيت عليهم السلام بأي طريق.

ان زعم الدفاع عن بعض القرى الشيعية مرفوض، فهل كان الشيعة في خطر خلال مئات السنين؟ وهل سورية ميدانٌ لتصارُعِ كل قوة تريد حماية طرف ما؟ لا أريد أن أدخل في جدال لا ينتهي، وأذْكرَ ما فعله بعضُ المجرمين التابعين للنظام بالنساء في قرىً استغلّوا مذهب أهلها للاحتماء بها، فهل هذا هو السبب لكل ما يجري؟ وهل في داريا والقابون طرفَي دمشق أيُّ قرى شيعيةٍ لقدوم كتائب الحزب اليها، بل رفعِ أعلامهم فيها».

وطالب الخطيب السيد نصر الله «بسحب قوات «حزب الله» من سائر الأراضي السورية والتواصلِ مع الثوار في مناطق القرى الشيعية لضمان أمن الجميع».

وأنهى رسالته قائلاً: «لستُ أخاطب فيكم السياسيَّ ولا الزعيم، بل الضميرَ والوجدان، والعقلَ والحكمة، وسوريةَ ولبنان، وأرجو منكم والشيخين الرفاعي والأسير أن تجتمعوا وتتفاهموا وتدرؤوا عن بلدنا الواحد مصيبةً قادمة، وأن نكون جميعاً سفراء خير وعواملَ انهاءِ صراع.. لا مُشعلي فتنة أو مُوقدي حروب».



علويون سوريون يشبّهون «الدفاع عن العتبات المقدسة» بشعار الحملات الصليبية في القرون الوسطى



مع تزايد انخراط «حزب الله» وإيران في معركة الدفاع عن النظام السوري تحت عنوان «الدفاع عن العتبات المقدسة»، دعت مجموعة من الشخصيات العلوية والوطنية السورية في بيان صدر أواسط شهر أبريل إلى التركيز على السيطرة على مدينة حمص، لقطع الطريق على مشاريع لتقسيم البلاد، ودانت تدخل إيران في شؤون سورية ودفعها إلى «إقامة كيان طائفي».

ومن موقّعي البيان شخصيات شاركت في «مؤتمر العلويين» الذي عُقد في القاهرة اضافة إلى رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المستقيل الشيخ أحمد معاذ الخطيب. وجاء في البيان أن «النظام الإيراني وأتباعه في كل من العراق ولبنان كشفوا عن تطور يتمثل في الإعلان عن الوجود العسكري على الأرض السورية، تحت عنوان الدفاع عن العتبات المقدسة، ما يذكر بشعار الحملات الصليبية في القرون الوسطى: الدفاع عن الأراضي المقدسة».

واعتبر البيان أن التركيز على «إسقاط حمص (في وسط سورية) يفضح بجلاء حقيقة مخطط إيراني، لإقامة كيان طائفي يحظى باعتراف دولي، عبر صفقات سياسية قذرة، تحت عنوان: ضمان حقوق الأقليات كالعلويين والدروز والمسيحيين والأكراد»، قبل أن يتهم طهران بـ «التدخل في شؤوننا، وهي اليوم تدير حرب الطاغية على شعبنا، وتدرّب ميليشيات طائفية تحت عنوان قوات الدفاع الوطني، بقصد إشعال حرب أهلية بيننا، وإطلاق الصراع السنّي - الشيعي من أراضينا، ليشمل لبنان والعراق وكل المنطقة».

وأضاف: «نحمّل أنفسنا معكم جميعاً، متديّنين وغير متدينين، ثواراً وصامتين، مسؤولية حماية البلاد، وتجنيبها مخطط التقسيم. إن جمهوراً عريضاً من الطائفة العلوية يعارض قيام كانتون طائفي يقسم البلاد، ويفتح لحروب تمتد قروناً، ومذابح تأخذنا بعيداً في عصر الظلمات (...) هي مناسبة لنرفض بقوة التدخل الإيراني الغاشم وإدانة الصامتين عنه، سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي، وخصوصاً الدول التي تهيمن على مجلس الأمن والأمم المتحدة». ودعا الموقّعون «الائتلاف الوطني» و «الجيش السوري الحر» إلى تركيز الجهود على حماية حمص «وقد وضعَها قدَرها في موقع الوصل بين إيران والبحر المتوسط». وقالوا إن «تحرير» حمص يجب أن يكون «من أهم أولويات الثورة، نظراً إلى موقعها الذي يربط بين الساحل وحزب الله، ويؤهلها لقطع الطريق على تشكيل دويلة» غرب البلاد.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي