No Script

تأييد مودي للدعوة تثير ضجة في البلدين

الهند تطالب بريطانيا بـ 3 تريليونات دولار تعويضاً عن حكمها لها

تصغير
تكبير
آخر ما توقعه البريطانيون أن تطلب الهند من الحكومة البريطانية تعويضات عن «الحكم الكولونيالي الظالم» الذي مارسته بريطانيا خلال قرنين من الزمن في الهند، بل ظن الجميع أن طرح مثل هذا الأمر مجرد كلام يُلقى على عواهنه من سياسي أو كاتب مغمور وربما من حزب معارض صغير يسعى وراء استدرار عطف الشارع الهندي، لكن عندما طرح رئيس الوزراء الهندي نارندا مودي الموضوع سرت في أروقة الحكم في لندن رعشة قوية ولزم المسؤولون البريطانيون الصمت بسبب الدهشة التي اعترتهم والحيرة في كيفية مواجهة مثل هذا المطلب الهندي الخطير.

فوفقاً لباحثين هنود مطلعين على تاريخ معاناة الهنود في ظل الحكم البريطاني يصل حجم التعويضات التي ستتم مطالبة بريطانيا بها عن تلك الفترة إلى 3 تريليونات دولار.


وقال منهاز مرشانت، كاتب العمود الشهير في الهند، إنه «لا يمكن تقدير حجم الفظائع» التي ارتكبها البريطانيون بحق الهنود. وتساءل عما إذا كانت الهند سترفع دعوى في محكمة العدل الدولية للضغط على بريطانيا لدفع التعويض عن تلك الفترة، لكنه أجاب ساخراً من حكومة مودي قائلاً: «من المستبعد أن تفعل الهند ذلك. فالهنود أمة متسامحة».

وكان مودي يُعلق على الضجة التي أثارها في الهند خطاب ألقاه في جامعة أوكسفورد في بريطانيا الأسبوع الماضي كاتب هندي يُدعى شاشي ثارور، الأمين العام المساعد السابق للأمم المتحدة العضو الحالي في البرلمان عن حزب «المؤتمر» شبه اليساري المعارض لحكومة مودي، الذي طالب بريطانيا بدفع تعويضات مالية للهند على الدمار الاقتصادي والتخلف الذي جلبته على الشعب الهندي.

وتناقلت وسائل الإعلام الهندية بتوسع من خلال شريط ظهر لاحقاً على موقع «يوتيوب» واجتذب اهتمام الملايين من الهنود الذين عبّروا عن تأييدهم لما جاء في الخطاب من خلال الرسائل التي تبادلوها في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت.

فهذه الدعوة تتناسب مع التوجهات القومية لمودي، الذي من المنتظر أن يقوم بزيارة رسمية إلى بريطانيا في وقت لاحق من العام الحالي لم يُحدّد موعدها بعد، فكان من الطبيعي أن يركب فوق موجتها من أجل كسب المزيد من الشعبية في الشارع الهندي.

وقال مودي أثناء جلسة للبرلمان الهندي، ليل اول من امس: «خطاب ثارور يعكس مشاعر الهنود الوطنيين حول هذا الموضوع ويعكس الانطباع الذي يُخلفه مثل هذا الرجل عندما يطرح حجة قوية بقوله الشيء الصحيح في الوقت الصحيح».

وامتدحت خطاب ثارور أكثر من وسيلة إعلام هندية، ووصفته صحيفة «ذي إنديان إكسبرس» بأنه «لامع»، فيما أكدت وكالة أنباء «بريس تراست أوف إنديا» أنه «تكلل بمشاعر الوطنيين الهنود».

وجاء في خطاب ثارور إن «نهوض بريطانيا على مدى 200 عام جرى تمويله من نهبها للهند. فنحن دفعنا ثمن اضطهادنا. إنه لأمر زائد بعد ارتكابه الإكراه والتشويه الخلقي والقتل والتعذيب والاضطهاد أن يأتي المرء في النهاية ويحتفل بالديموقراطية»، في إشارة إلى الوعظ البريطاني والغربي لشعوب العالم حول الديموقراطية.

وفي معرض شرحه لكيفية دفع الهنود ثمن اضطهادهم، أوضح ثارور أنه «في النصف الأخير من القرن التاسع عشر شكّل الهنود أكبر سوق استهلاكي للبضائع البريطانية، علاوة على توفيرهم لبريطانيا عمالة رخيصة». وقال أنه «في ظل الاحتلال الكولونيالي البريطاني للهند الذي انتهى بنيل الهند استقلالها في العام 1947 انخفض حجم الاقتصاد الهندي عالمياً من 27 إلى 4 في المئة».

ونقلت وسائل الإعلام البريطانية، أمس، عن ثارور دهشته من رد الفعل الذي أحدثه خطابه وكلماته المؤثرة في الشارع الهندي، رغم أن ما قاله لا يختلف كثيراً عمّا درج الكثير من الهنود قوله حتى في القرن التاسع عشر. واكد ثارور لصحيفة «الغارديان» في تصريح ظهر على موقعها الإلكتروني، أمس، أن «الموضوع سما فوق الخلافات الحزبية في ساحة منقسمة سياسياً بشدة»، موضحا أنه «فوجئ برد فعل رئيس الوزراء وتأثر منه جداً، فالتعبير عن الاحترام المتبادل بين الأحزاب نادر في حياتنا السياسية».

يذكر أن ثارور فُصل من منصبه كناطق باسم حزب «المؤتمر» عقاباً له من زعيمة الحزب سونيا غاندي على امتداح المبادرات السياسية والاقتصادية التي طرحها مودي بعد وصوله إلى الحكم.

ولم يكن نارندا مودي واضحاً في تأييده لمطلب ثارور وما إذا كان سيكتفي باعتذار من الحكومة البريطانية على ممارسات بريطانيا في الهند أم أنه مثل ثارور سيطالب الحكومة البريطانية بدفع تعويضات مالية عن تلك الممارسات.

فوفقاً لما قاله ثارور في خطابه: «ما يهمني أن الاكتفاء بتقديم اعتذار بسيط عن الخطأ الذي ارتُكِب سيظل بعيداً عن تقديم نسبة من الدخل القومي على شكل مساعدات خارجية».

وأوضح: «المطلوب، حسب رأيي، القبول بمبدأ استحقاق التعويض».

يُشار إلى ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي زار الهند العام 2013 رفض الاعتذار عن مذبحة ارتكبها البريطانيون في جلياناوالا باغ في الهند العام 1919 وراح ضحيتها المئات من الهنود واكتفى بالإعراب عن أسفه لوقوع الضحايا ووضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لضحايا المذبحة.

وكان حزب «باراتيا جاناتا» الذي يتزعمه مودي وعد في برنامجه الانتخابي الذي أوصله إلى الحكم في الهند العام الماضي بفوز ساحق على حزب «المؤتمر» الذي ينتمي له ثارور، بتنمية الاقتصاد وتحسين علاقات الهند الخارجية وإعادة الهيبة لها وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي