No Script

أتم حفظ القرآن وهو دون العاشرة

أصوات من السماء / الشيخ كامل يوسف البهتيمي: قرأ القرآن في المساجد «بلا أجر»

تصغير
تكبير
|القاهرة - من حنان عبد الهادي|

الشيخ كامل يوسف البهتيمي... أحد الأصوات الجميلة التي صدحت بالقرآن فأطرب لسماعه الكثير من المستمعين، انه صوت قادم من السماء حتى انه لجمال صوته أصبح مقرئ القصر الجمهوري، كما أنه تتلمذ على يد الشيخ محمد الصيفي الذي تبناه وأخذ بيده واستضافه في بيته بالقاهرة ومن هنا عرف طريق الشهرة.

ولد الشيخ كامل البهتيمي بحي بهتيم بشبرا الخيمة «شمال القاهرة» في العام 1922، وكان والده أحد قراء القرآن بكتاب القرية حيث ألحقه والده بكتاب القرية وعمره 6 سنوات وأتم حفظ القرآن وهو دون العاشرة وكان يذهب لمسجد القرية بعزبة ابراهيم بك ليقرأ القرآن قبل صلاة العصر دون أن يأذن له أحد بذلك لكن الشيخ كامل كانت ثقته بنفسه كبيرة حيث كان يطلب أيضا من مؤذن المسجد أن يسمح له برفع الأذان بدلا منه وعندما رفض مؤذن المسجد أخذ الطفل يقرأ القرآن بالمسجد وبصوت مرتفع ليجذب اليه انتباه المصلين. وكان له ماأراد فحلاوة صوت الطفل أخذت تجذب الانتباه اليه... حيث أخذ المصلون يلتفون حوله بعد صلاة العصر ليستمعوا الى القرآن بصوته مبهورين به وعندما رأى المؤذن ذلك سمح له أن يرفع الأذان مكانه تشجيعا له وأذن له بتلاوة القرآن بصفة دائمة قبل صلاة العصر ومن هنا ذاع صيت كامل البهتيمي وبدأت تسمع عنه القرى المجاورة وأخذ الناس يدعونه لاحياء حفلاتهم وسهراتهم وكان والده يأتي معه وظل الحال هكذا مدة طويلة حتى أصبح الشيخ البهتيمي قارئا معروفا بالقرية وأصبح قارئا للسورة يوم الجمعة بمسجد القرية.

كان الشيخ البهتيمي لايتقاضى أجرا من قراءته بالمسجد وكان يعتبر ذلك تدريبا لصوته على تلاوة القرآن وكان يقلد الشيخين محمد سلامة ومحمد رفعت ليثبت لمستمعيه أنه موهوب فنال التشجيع الكبير والاستحسان مما كان يبعث في نفسه الثقة.وفي بداية عام 1952 استمع اليه الشيخ محمد الصيفي فكان ذلك فاتحة الخير على الشيخ البهتيمي.

حيث كان الشيخ الصيفي قد علم بوجود قارئ جديد ببهتيم يتمتع بحلاوة الصوت فذهب الى القرية واستمع الى تلاوة الشيخ كامل البهتيمي دون أن يعلم الشيخ البهتيمي بذلك فأعجب به وطلب منه أن ينزل ضيفا عليه في القاهرة فاصطحبه معه وبالفعل نزل ضيفا عليه في منزله بحي العباسية. ومهد الشيخ الصيفي له الطريق، حيث التقى بجمهور القاهرة وجعل له بطانة في الحفلات والسهرات وقدمه للناس على أنه اكتشافه.

وأصبح الشيخ البهتيمي قارئا له مدرسته وأسلوبه في الأداء وعندما امتلك المال اشترى قطعة أرض بشارع نجيب بحي العباسية أقام عليها عمارة كبيرة وهنا استأذن الشيخ الصيفي أن يستقل بحياته وشكر له حسن ضيافته على مساندته له طيلة فترة اقامته بالقاهرة حيث أمكنه أن يثبت جدارته وأهليته لقراءة القرآن وسط عدد كبير من قراء القرآن المشاهير بالقاهرة.

لم يلتحق الشيخ البهتيمي بأي معهد لتعليم القراءات ولم يدخل أي مدرسة لتعليم العلوم لكن بالخبرة والممارسة وأيضا الاستماع الجيد الى مشايخ القراء من أمثال الشيخ محمد رفعت ومحمد سلامة والشيخ الصيفي وعلي حزين. من هنا تعلم أحكام التلاوة.

وفي عام 1953 عرض عليه الشيخ محمد الصيفي أن يتقدم بطلب للاذاعة لعقد امتحان له أمام لجنة اختبار القراء الا أنه رفض خشية أن يتم احراجه لعدم المامه بعلوم وأحكام القرآن وعلوم التجويد وأنه لم يدرس بأي معهد للقراءات ولكن الشيخ محمد الصيفي وعلي حزين أقنعاه بضرورة التقدم لهذا الامتحان وأن موهبته تفوق كثيرين ممن تعلموا بمعاهد القراءات وهنا تقدم للامتحان ونجح بامتياز فتعاقدت معه الاذاعة المصرية في أول نوفمبر 1953 وتم تحديد مبلغ 4 جنيهات شهريا مقابل التسجيلات التي يقوم بتسجيلها للاذاعة.

كان الشيخ البهتيمي محبوبا من جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة وكان الرئيس عبد الناصر يحبه بشدة ويطلبه لرئاسة الجمهورية لاحياء معظم الحفلات التي تقام بمقر رئاسة الجمهورية وكان الناس يظنون أن الشيخ البهتيمي كان يقترب من الرئيس عبد الناصر تقربا للسلطة أو سعيا وراء الشهرة لذلك فبعد وفاته امتنعت الاذاعة المصرية عن اذاعة تسجيلات الشيخ البهتيمي.

في عام 1967 ذهب الشيخ البهتيمي لمدينة بورسعيد لتلبية دعوة وجهت اليه لاحياء ليلة عزاء فتلعثم أثناء القراءة وعجز عن النطق وكان الشيخ يقرأ في السرادق وفوجئ الحاضرون بعدم قدرته على مواصلة القراءة بل وعجزه عن النطق وقد شعر بأن شيئا مايقف في حلقه فثقل لسانه فتم اسعافه ونقل الى القاهرة ولكن بعد الحادث بأسبوع أصيب بشلل نصفي فتم علاجه واسترد عافيته وكانت هذه محاولة لقتله في بورسعيد حيث وضع له مجهول مواد مخدرة في فنجان قهوة وكان قد تناوله قبل بدء التلاوة بالمأتم وعلى الرغم من أن الشيخ استرد عافيته, الا أن صوته لم يعد بنفس القوة التي كان عليها من قبل. وفي عام 1969 أصيب الشيخ البهتيمي بنزيف في المخ وبعدها بساعات فارق الحياة عن عمر يناهز 47 عاما وأكد بعض الأطباء أنه مات مقتولا.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي