د. وائل الحساوي / نسمات / أموالنا فداء لمواطنينا ... ولكن!!

تصغير
تكبير
سؤال كررته مرارا على كل من التقيتهم من النواب والمواطنين: ما المشكلة مع صندوق المعسرين الذي رصدت له الحكومة نصف مليار دينار لمن ارهقته الديون ولم يستطع تسديدها، ولماذا اعرض الجميع عنه وبدأوا بإدلاء دلوهم في مشاريع اقل ما يقال عنها بانها تفتح خزانات الدولة لتفريغ كل ما فيها للمحتاجين ولغير المحتاجين؟!
الجواب الذي استمعته في كل مرة هو ان نظام صندوق المعسرين غير واقعي وغير عملي ويضع شروطا تعجيزية للاستفادة منه.
إذا كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لا تبادر الحكومة إلى حل مشاكل الصندوق بحيث يحقق اهدافه، ويمكنها زيادة رأسماله وبذلك تحل مشكلة المواطنين المحتاجين؟ بل يمكنها تغيير اسمه ليدخل فيه المحتاجون وليس فقط المعسرون.

اطلعت على مشروع قانون الدكتور ضيف الله بورمية وعبدالله الفحماء وسعدون العتيبي وعلي الدقباسي وصالح عاشور في شأن شراء قروض المواطنين والتي قدرتها المصادر الحكومية بتكلفة 6.2 مليار دينار، وينص المقترح على ان تقوم الحكومة بشراء ما تبقى من القروض الاستهلاكية والمقسطة على المواطنين بحيث لا تزيد على 70 الف دينار اخذت بضمان الراتب، وتسقط الفوائد المترتبة عليها ثم تعيد جدولتها على فترة 15 عاما وبأقساط شهرية لا تزيد على 25 في المئة من الراتب، كما يسمح باعطاء المقترضين قروضا استهلاكية تتفق مع احكام الشريعة الاسلامية بما لا يزيد على 50 في المئة من الراتب. ويسمح لجميع البنوك بالتحول إلى اسلامية.
ولنا وقفات مع هذا الاقتراح:
اولا: مخالفته الواضحة للشريعة الاسلامية لعدم ارساء مبدأ المساواة بين المواطنين، فالذي غامر واقترض آلاف الدنانير حتى وان لم يكن بحاجة لها تسدد له الدولة جميع ديونه، وتطالبه برأس المال على مدى 15 عاما، وقد اصدر الشيخ عجيل النشمي في عام 2006 فتوى تحرم ذلك لانتفاء العدل بين المواطنين فيه، واعتقد بان اي محام يرفع قضية على الحكومة يثبت فيها بان الحكومة تبدد الاموال التي يملك جزءاً منها كمواطن سيكسبها بلاشك.
ثانيا: لنفترض ان موظفا راتبه 600 دينار يسدد منها 150 دينارا شهريا للحكومة (ربع الراتب) فانه يحتاج إلى 39 عاما لتسديد الـ 70 الفا المطلوبة وليس 15 عاما، فماذا ستفعل الحكومة مع بقية قرضه؟!
ثالثا: مع ان المقترح يشجع البنوك التقليدية على التحول إلى اسلامية ويمنع منح قروض ربوية للمواطنين الا ان الواقع يخالف ذلك المقترح، فلا يمكن تحول البنوك التقليدية إلى اسلامية بتلك السهولة، والبنوك الاسلامية لا تعطي قروضا استهلاكية وانما تبيع بضاعتها بالاجل، والنتيجة هي تراكم الديون.
رابعا: يسمح المقترح للمواطنين بمزيد من الاقتراض خلال فترة سداد ديونهم للحكومة بخصم لا يزيد على 50 في المئة من راتبهم، وحساب هذه المعادلة صعب ويتطلب جهازا كاملا للتدقيق فيه، كما ان هنالك طرقا كثيرة للاقتراض لا يمكن متابعتها ولو اضفنا على تلك الديون اقساط الاسكان والكهرباء وغيرها لما تبقى للمقترض الا 10 - 20 في المئة من راتبه الشهري، وبذلك سنقع في مشكلة جديدة من الاقتراض.
في تصوري بان مشروع النائب مرزوق الغانم بتسديد القروض عن طريق قرض من الدولة بمبلغ 10 آلاف دينار من دون فوائد لمن يزيد عمره على 21 عاما هو افضل بكثير من اقتراح د. بورمية، فعلى الاقل هنالك نوع من العدالة فيما تقدمه الدولة لمواطنيها، وقد لا تكون فيه الشبهات الشرعية الموجودة في مقترح د. بورمية، ولكن لا شك ان هذا المشروع له تكلفة عالية على الحكومة لن تقل عن خمسة مليارات دينار، كما ان ضمانات تسديد القروض قد لا تكون ممكنة في ظل تجربتنا مع فواتير الكهرباء وغيرها، وقد يكون بعض المعسرين بحاجة إلى اكثر من عشرة آلاف دينار، بل قد لا يستطيعون تسديد هذا القرض بسبب ظروفهم.
نحن مع مساعدة المواطنين ولكن لابد من اقتراحات عملية وغير مكلفة على ميزانية الدولة.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي