د. وائل الحساوي / نسمات / هل تجهزنا للغزو المقبل؟!

تصغير
تكبير
منذ ثمانية عشر عاما وفرحتنا غامرة بتحرير بلادنا من براثن وحش كاسر استأصل بسمة الطفولة من شفاه اطفالنا، ولولا فضل الله تعالى ومنته لكنا الآن في ظرف اسوأ مما يعانيه الفلسطينيون في ديارهم وخارجها، لكن الأهم من تلك الفرحة هو التساؤل ان كنا قد استوعبنا دروس الغزو ولقنّا ابناءنا كيف يحتاطون لمستقبلهم، فصدام حسين لم يبدأ حياته السياسية بالغزو وانما تدرج في مراحل من النمو كانت جميعها تعطي مؤشرات واضحة بأنه صاحب اطماع لايحدها ابتلاع الكرة الارضية بأسرها، وتصرفاته كانت تنذر بأنه سينتهي من اعدائه الظاهرين لكي يرجع الى اصدقائه المقربين ليبتلعهم، ولكن كنا غفلى وساذجين الى آخر اللحظات التي سبقت الغزو.
لسنا في مجال جلد الذات ونبش الماضي ولكن (السعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه)، ونحن قد وعظنا بأنفسنا دون ان نتعظ، فأمامنا اليوم جارة لا تقل عدوانية عن صدام حسين ان لم تتخطاه بدرجات ألا وهي ايران، وهي دولة استعمارية تلبس لباس الدين للتغرير بالناس وقد بدأت أطماعها منذ بداية حقبة الدولة الفارسية، وحتى عندما قامت بثورتها عام 79، لم يتغير شيء من أطماعها الفارسية بل ازدادت رسوخا، ففي الداخل قمع متواصل لجميع فئات شعبها من اكراد وعرب وسنة وبلوش، وقتل على الهوية والمذهب، وفي الجوار كررت ايران اطماع حقبة الشاه بتكريس احتلال الجزر الثلاث الاماراتية وبالمطالبة بضم البحرين اليها، مهما تعددت تصريحات المسؤولين الايرانيين وتضاربت، فهذا مطلوب لتخدير الناس وايهامهم بعكس المراد.
ثم تغلغت تلك الثورة الشعوبية إلى لبنان منذ اكثر من ثلاثين عاما لتخلق لها كيانا قويا ومسلحا يكاد يستولي على كل لبنان تحت مسميات تحرير الارض والجهاد، ثم زحفت إلى فلسطين تحت نفس الشعارات وانطلت حيلتهم على اهل فلسطين بحجة ان الدول العربية خانت القضية وايران هي من سيحررهم.

ثم تعاونت تلك الثورة مع الاميركيين لتسقط نظام الطالبان في افغانستان - باعترافها - وتركت البلد مشتتا ممزقا فقيرا يخوض الحروب الاهلية الواحدة تلو الاخرى، وتعاونت مع الاميركيين لتشكل البديل في العراق بعد سقوط النظام البعثي المجرم، واصبح العراق تابعا مطيعا لها بعد ان كان بلد العروبة بجميع طوائفه واتجاهاته، وهكذا حاصرت تلك الثورة الشعوبية جميع البلدان من حولنا ونحن ساكتون راضون، ولم تكتف بذلك وانما تسلحت حتى الاسنان وطورت قدراتها العسكرية دون ان يعلم العالم ضد من ستكون تلك القوة الجبارة، بل اصبحت قاب قوسين او ادنى من دخول النادي النووي، بينما الدول الغربية تكتفي بالتهديد والوعيد وتقدم رجلا وتؤخر رجلا في التصدي لها، ومادامت اسرائيل بخير فلتفعل ايران ما تريد.
هل نحن بحاجة الى ادلة اكثر لكي ندرك بأننا سنؤكل كما أكل الثور الابيض، وان اعتمادنا على الدول الغربية لتحقيق امننا وضمان مستقبلنا انما هو كمن يضع امواله تحت ظل سحابة في صحراء ممتدة ليرجع اليها، وان غفلتنا وحسن ظننا بجيراننا هو سبب مآسينا؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي