د. عبداللطيف الصريخ / عن أي نصر تتحدثون؟

تصغير
تكبير
أدرك تماماً مدى النقد الذي سيوجه لي مما سأخطه بقلمي في هذا المقال! وأعلم علم اليقين أن هناك من سيصفني بالعمالة والخيانة والتخذيل!
أستغرب وأصاب بالذهول عندما يتحدثون عن انتصارات غزة! عن أي انتصار تتحدثون؟ لقد خطط اليهود لهذه المعركة، زماناً ومكاناً؛ وحددوا ما يريدون منها واستطاعوا الوصول إلى ما يريدون بالخيانات الداخلية والخارجية طبعاً.
لقد هدمت مئات المباني والمدارس والمساجد، وهدم بعضها على من فيها، وكانت النتيجة أكثر من 1300 شهيد، أما عدد الجرحى فقد فاق 4000 جريح. صحيح أن هناك صرعى وقتلى وجرحى من جنود العدو الصهيوني، ولكن شتان بين الأعداد. إنها معركة غير متكافئة على الإطلاق!
يزعم البعض أن الصهاينة أجبن من أن يواجهوا على الأرض، فهم يستخدمون الطائرات للقصف. وأقول لهؤلاء الذين لم يواجهوا عدوهم في معركة برية، وهم يستطيعون تدميره من الجو، ولو خيرت بين المواجهة البرية والجوية لقررت السلاح الذي أتفوق فيه على خصمي، وهو السلاح الجوي في هذه المعركة.
أنا لا أستغرب صمود أبطال غزة، فهم أبطال - بلا شك - ويحق لهم أن يصمدوا دفاعاً عن دينهم وأرضهم وعرضهم وكرامتهم، ولا يحق لأي كائن من كان أن يمنعهم من ذلك، أو يخذل فيهم. أما صمود الأطفال والشيوخ والنساء فهو صمود المضطرين الذين لم تفتح لهم المعابر للهرب، وإلا فمن يتحمل القصف بالقنابل الفسفورية، ومن يتحمل قصف جوي من عدو أرعن، لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة! لقد تركنا - نحن المسلمين - أطفال غزة ونساءها وشيوخها ليكونوا هدفاً سهلاً ولقمة سائغة لمعركة سياسية في قالب عسكري مجنون!
إنني أستغرب حقاً من أولئك، وبعد ذلك الدمار والخراب كله الذي لحق بغزة، أن يسموا ما جرى بالانتصار! عن أي انتصار تتحدثون يا سادة، لنفترض أن الصهاينة لم يحققوا ما أرادوا، مع أنني أرفض هذه الفرضية، فهذا لا يعني أن أهل غزة ممثلة بـ«حماس» انتصروا في المعركة، قليلاً من العقل يا أحبة!
دعونا نقلب صفحات التاريخ ونقرأ ما حدث في «معركة أحد». لا أحد يستطيع أن يقول إن نتيجة المعركة كانت انتصاراً للمسلمين، مع أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بين ظهرانيهم، وفي أحسن الأحوال لا نستطيع أن نحكم بانتصار كفار قريش في المعركة. يقول محمد السيد الوكيل في كتاب «تأملات في سيرة الرسول» عن معركة أحد: «انتهت المعركة على هذا النحو الذي لايستطيع محقق أن يثبت أنه نصر لأحد الطرفين، وذلك لأن تلك النهاية لم تحقق للمشركين الغاية التي قدموا من أجلها».
نريد صدقاً وشفافية، لا نريد مهاترات صحافية وفضائية، وادعاءات بانتصار أجوف، سرعان ما نصحو منه على واقعنا المر الأليم.
لقد كان زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في العام 2006 أكثر صدقاً مع نفسه وأتباعه والناس عندما اعترف بأنه لو كان يعرف حجم ردة الفعل الصهيونية، لما أقدم على استفزاز آلة حرب بربرية لا تعرف للإنسانية معنى، وليس لـ «الرحمة» معنى في قاموسها.

في الأفق:
قال هتلر في كتابه «كفاحي»: «لقد كان في وسعي أن أقضي على يهود العالم كلهم، ولكنني تركت بعضاً منهم، لتعرفوا لماذا كنت أبيدهم».


د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي