ساحة الإرادة المشابهة لزاوية المتحدثين في «الهايد بارك» تظهر كلما حدثت أزمة شعبية وملامسة لمتطلبات الشارع الكويتي، لتأتيك الكتل لتدلي بدلوها إعلامياً، وقد تجد حتى من ينطبق عليه المثل «مع الخيل يا شقرا». إنها أشبه بانتفاضة وقتية لتسجيل موقف.
ما يحدث في ساحة الإرادة لا يصورها بساحة الشعب المراد العمل ضمن حدودها، وفق ما نصت عليه المواد الدستورية والأعراف والقيم التي تركها لنا الأجداد لـ «تشخبط» عليها الأجيال الحاضرة والقادمة. فلو كانت هذه «الشخبطة» تحاول إضفاء تحسينات جمالية على الصور الموروثة، خصوصاً في ما يتعلق بالأعراف والتقاليد والقيم لقبلناها رغم «مشاغباتها»، لكن ما يحصل يصب في خانة التشويه ويفقد العناوين من مضامينها، هذا إن كان البعض يتذكرها بعد تفشي حس العنصرية والتحزب لدى البعض، وهو داء لا علاج له!
يقولون «حدس» أخذت نصيبها، و«التحالف الوطني» نصيبه مازال كما هو، و«السلف» في خانة الضبابية، حتى ولو أنهم أخذوا الكثير، و«المستقلون» حاشهم «طشار» من الحكومات السابقة، وهذا معروض للجميع، وعلى صفحات الصحف، فكتاب الزوايا كتبوا والنقاد تطرقوا، وهذا يدل على أن الخلل بلغ ذروته، والله الحافظ.
إن ساحة الشعب لم تسمح للاعبين الأصليين ذوي الأفكار النيرة المحايدة من اللعب، سواء من جانب الحكومة أو مجلس الأمة، أو حتى المتخصصين من الكفاءات، وهذا يجعلنا نترحم على العقود الماضية التي شهدت الإنتاجية وطيب العلاقات الاجتماعية والتآلف الأدبي.
لقد بلغ الأمر هذا الحد من الخطورة فـ «حدس» لها نفوذ، و«السلف» لهم نفوذ، و«التحالف الوطني»، وغيرهم، وإن حاول أحد العمل بها أو انتقد أحد الجهات المحسوبة عليها، فستجد الفزعة إن لم تجد تحقيقاً في انتظارك و«يا ويلك» فيا عجبي! لقد جعلونا نشعر بأن ساحة الشعب مختطفة: فهل هي كذلك؟
الإجابة بنعم، مؤكدة، إلا من القليل جداً ممن رحم ربي، فهي مختطفة، وليتنا نعلم عمن يرغب في إبعاد الرجال عن الأحداث الأخيرة، وأعني الرجال الحكماء... والآن عليك الاختيار ما بين ساحة «حدس»، و«التحالف الوطني»، و«السلف» و«المستقلين»، وأستغرب غياب ساحة نواب القبائل، وهم كثر، ولكنهم مستقلون!
لقد بلغ السوء مرحلة حرجة، رغم خطورتها، إلا أن الأمل في الله عز وجل كبير، وتعود الساحة وحدة وطنية فقط تعمل بحيادية تامة لا تعرف للشخصانية درباً في تعاطيها مع الأمور، فنحن جميعاً يؤلمنا ما آلت إليه الأوضاع في الآونة الأخيرة، وحسبنا الله ونعم الوكيل... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]