عادل حسن دشتي /شقشقة / العرب وشرف القدس

تصغير
تكبير

لم نكن نرجم بالغيب عندما تحدينا في مقالنا «المعتدلون ومؤتمرات الضحك على الذقون»، والمنشور بـ «الراي» بتاريخ 21/8/2007 وحتى قبل أن توضع أجندة أعمال المؤتمر ولا أسماء الدول المدعوة، عندما تحدينا المشاركين فيه مناقشة وضع مدينة القدس أو عودة اللاجئين أو إيقاف عمليات القتل اليومي أو غير ذلك من المواضيع الجوهرية المرتبطة بالقضية الفلسطينية. فالبعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فما بالك بكيان صهيوني عنصري قائم على القتل والاجرام والتنكيل والإبعاد والحروب طوال أكثر من ستين عاماً؟

الأمر لا يحتاج إلى منجم أو خبير سياسي لاستشراف المستقبل ومعرفة نهاية النفق أو الطريق الذي نسير فيه، ولم يخيب رئيس الوزراء الصهيوني ظننا، فبمجرد اجتماعه مع وزرائه أعلن عدم التزام حكومته بأي جدول زمني لحل أي من القضايا المطروحة بالمؤتمر، ليرجع المشاركون العرب إلى أوطانهم بأحلام كبيرة وأوهام أكبر لا ندري كيف اقتنعوا بها أصلاً، وكيف بإمكانهم تسويقها على مجانين شعوبهم، ناهيك عن عقلائهم، وإلا فقل لي بربك كيف يستطيع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن ينتزع أي أرض أو حقوق من الصهاينة، في ما شرطته تقتل المتظاهرين المحتجين على المؤتمر؟ وماذا يتوقع من رئيس سلطة يطلب من الكيان الصهيوني تأجيل الإفراج عن بضع مئات من أسرى شعبه في سجون الاحتلال إلى ما بعد الانتهاء من فعاليات المؤتمر ليشهد حضورهم، حسبما ذكرت بعض المصادر الإعلامية وعدم نفيها من قبل السلطة، وهذا ما حصل؟ وماذا يُرتجى من رئيس سلطة يرفض لقاء مخالفيه من أبناء شعبه في ما يلتقي بالأحضان والقبلات الحارة قاتلي أبناء شعبه وسجاني آلاف المناضلين في سجون الاحتلال، أما باقي المشاركين العرب فإن لكل منهم حكاية خاصة لا مجال لعرضها هنا.

أما من الجانب الآخر فإن وزيرة الخارجية الصهيونية كانت أكثر من واضحة عندما صرحت ونيابة عن الجميع، حسبما يبدو، بأن المؤتمر قد شكل جبهة معتدلة ضد جبهة المتطرفين في إيران و«حماس» و«حزب الله»، وعليه فإن العرب لم يخرجوا حتى بخفي حنين من هذا المؤتمر، بل إنهم أقحموا إقحاماً في جبهة عالمية ضد التطرف حسب المفهوم الصهيوني، وتتفق تماماً مع المفهوم الأميركي للفوضى الخلاقة في المنطقة، وبلا مقابل ملموس لكل الفوضى والمخاطر التي ستعانيها المنطقة وشعوبها العربية تجاه هذه السياسة الصهيو أميركية الرعناء في المنطقة.

إن ما خرج به المؤتمر هو دعاية مجانية للكيان الصهيوني وإعادة تأهيل عربية لهذا الكيان وتبرئة سافرة له عن جرائمه كلها ضد أهلنا في فلسطين ولبنان، ودعوة علنية إلى التطبيع معه، وإن كل ما خرج به العرب من هذا المؤتمر وعود أميركية وصهيونية لا تسمن ولا تغني من جوع، إذ يرى الكثيرون أن المفاوضات بين الطرفين ستستمر لستين عاماً أخرى وبلا أي نتيجة يفرح لأجلها أهلنا في فلسطين، ولا نملك هنا إلا أن نستذكر المقولة الخالدة للإمام المغيب موسى الصدر، عندما قال للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات: «اعلم يا أبا عمار أن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء»، وإلى أن يحين ذلك فلا نملك حقيقة إلا أن ندعو الله أن يهدينا ويرشدنا وعلماءنا وزعماءنا وسياسيينا ومثقفينا إلى سواء السبيل، وأن نكون من أولئك المؤمنين الشرفاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


عادل حسن دشتي


كاتب كويتي

[email protected]


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي