أنا متأكد بأن «رجب طيب اردوغان» رئيس الوزراء التركي لم يكن يخطط لكلامه الذي قاله في مؤتمر دافوس ضد شمعون بيريز، ولكن حمية المسلم تفجرت عندما شاهد إنسانا حقيرا يقتل النساء والأطفال بدم بارد تحت سمع العالم وبصره دون ان ترق له دمعة او يرف له جفن، ثم بعد ذلك يتبجح ويتكلم بصوت عال وبصراخ ظانا بأن الناس يصدقونه.
العفوية التي رأيناها من كثير من الشخصيات على مستوى العالم في رفض ذلك الواقع المرير الذي أراد الكيان الصهيوني ان يفرضه على العالم وتفجر غضبهم من خلال كلمات قالوها او قرارات اتخذوها، ألا يدل ذلك على ان الدنيا مازالت بخير، فهذا الرئيس الفنزويلي ورئيس بوليفيا يأمران بطرد سفراء اسرائيل من بلادهما مع أنهما لا دخل لهما بالقضية الفلسطينية، وهذا امين عام الامم المتحدة يتفجر بكلمات إدانة ضد العدوان الاسرائيلي مع ان قد تضره، حتى الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر قد دان اسرائيل في ما تفعله، ولم يقبل الدعايات الاسرائيلية التي تحاول المساواة بين الضحية والجلاد، وغالبية المفكرين والعامة من الشعب الفرنسي قد استنكروا العدوان، كما خرجت المظاهرات في الدول الغربية من اهل البلاد لاستنكار العدوان وهكذا.
وأين أنتم ياعرب؟!
لا نريد ان نقلل من ولاء العرب لقضيتهم ولكن يحق لنا ان نتساءل عن بعض المواقف العربية التي أقل ما يمكن ان نقوله عنها بأنها كانت متخاذلة من العدوان الاسرائيلي على غزة ومنها:
أولا: لم نسمع عن دولة عربية تقيم علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل قد قررت قطع علاقاتها او سحب سفرائها، وحتى قمة الصمود في الدوحة اكتفت بتجميد العلاقات القائمة بين اسرائيل وكل من قطر وموريتانيا.
ثانيا: ايران التي ملأت الدنيا صراخا في شتم مصر وبيان تقاعسها عن نصرة غزة، اثبتت بأنها لا تتعدى بوقا كبيرا يوزع الشتائم، ويتبعها البوق الصغير في لبنان الذي ظل مرابطا على حدود لبنان مع اسرائيل دون ان يحرك ساكنا مع شتم المصريين، وعندما اطلقت قذيفة تجاه اسرائيل سارع بالاعتذار وتبرئة حزبه من اطلاق تلك القذيفة مثلما رفضت ايران ذهاب المجاهدين من ايران إلى غزة.
ثالثا: انصار ذلك البوق الايراني في الكويت لم يتركوا مهرجانا خطابيا إلا وحضروه وألقوا فيه كلماتهم الحماسية والتي تتلخص في إدانة مصر ومدح ايران، وخدعوا الناس بثوريتهم التي لا ترى إلا بنصف عين.
رابعا: بعض كتاب الصحف في الكويت استغلوا المناسبة ليبثوا احقادهم ضد اخوانهم في فلسطين وليفجروا الاحقاد القديمة مثل حرب (داحس والغبراء) واخذوا يلفقون القصص المكذوبة وينسجونها من بنات افكارهم، ثم اخذوا يلفقون تهديدات تلقوها بتصفيتهم من الفلسطينيين وذلك ليزيدوا من نكهة اكاذيبهم.
ولو كانوا صادقين في دعواهم لكان لهم دور في نصرة اخوانهم المحاصرين خلال الحرب او على الأقل في ادانة اسرائيل، ثم بعد الحرب ليقدموا نصائحهم للفلسطينيين، ولكن لا أشك بأنها اقلام مأجورة تقف وراءها جهات معروفة.
د. وائل الحساوي
[email protected]