محمد الوشيحي / آمال / البحث عن الفكة

تصغير
تكبير
«البعض معه فكة، والبعض ليس معه فكة... وهكذا الحياة». هذا ما قاله ابراهيم منصور. وكلامه حكمة ليس كمثلها حكمة، وهدف في الزاوية التسعين ألهبَ أكفنا تصفيقا وإعجابا. الله عليه، فعلا، حياتنا تقوم وتجلس على هذا المثل؛ البعض معه فكة والبعض ليس معه فكة، وهكذا الحياة! وعلى وقت المقبور صدام حسين كان ثلثا الشعب العراقي ينتمون إلى حزب البعث، والآن يقال بأنهم نحو الف عضو فقط، فحزب البعث العراقي الآن ليس معه فكة، بينما حزب البعث السوري لا يزال هو الحاكم وهو ملك الفكة، لذا تتوافد عليه القوافل المؤيدة، وبمجرد سقوطه ستختفي الفكة وسينفض الناس من حوله مصداقا لحكمة صاحبنا.
ويكفيك في الكويت أن تكون شيخا من الأسرة الحاكمة أو تاجرا لتفوز في انتخابات الأندية وكل انتخابات تعترض طريقك، وسيتبعك الباحثون عن الفكة، ويكفي أن تكون وزيرا ليفسحوا لك في مجالسهم، ولو كنت قبل ذلك وبعده نكرة لا اسم لك ولا فعل في اللغة العربية، فالوزير يحتكم على فكة. أما إذا كنت سمو رئيس وزراء، فيا للهول الهويل، أنت إذاً تمتلك السلطة كلها والفكة كلها، ستردح خلفك بعض الصحف والفضائيات، وستسوم خصومك العذاب، وستدندن على ظهورهم بالسوط والقبقاب، وسيرقص الكل أمامك وهم عرايا رقصة الباليه، وهي رقصة الحرب في هذا الزمن، وصاحب باليه كذاب، والكل سيكون معك، إلا ما فقر أو ما ندر. وهذا الذي فقر وندر، ستنهال على رأس أمه الافتراءات بالأحمر والأخضر والمشمشي، وسيخرج عصاعصك ليهاجموا منتقديك: «الروس نامت والعصاعص قامت»، وستضحك أنت كثيرا، لأنك رئيس حكومة، ولأنك تعرف بأن غالبية ربعك عصاعص مكفولة من المصنع.
والنائب علي الراشد مؤمن شديد الإيمان بحكمة صاحبنا ابراهيم منصور، ولذلك ترك الفريق الذي ليس معه فكة وفرّ هاربا بطبله ومزماره، بعدما تمرّن على رقصة الباليه، ليعلن السمع والطاعة للفريق الذي معه فكة، وهكذا الحياة. وتبيّن لنا لاحقا أنه استطاع توزير أحدهم. للفكة شنشنة ودندنة يا صاحبي! في حين أن طيب الذكر أنس الرشيد، والغائب الحاضر وليد الجري، لم يبتسما مجرد ابتسامة واحدة لمن هزهز قبعته بالفكة أمامهما، والرجال يختلفون، وهكذا الحياة.

على أنني لم اشفق على أحد كما أشفقت على النائب المخضرم، شديد الخضرمة، خلف دميثير، الذي تعلم الباليه بالأبيض والأسود، قبل اختراع الألوان، ولا يزال يقبل بـ «فكة الطفاية»؛ مخالفة مرور هنا، ومعاملة في الشؤون هناك، رغم أن الفكة كلها أمام ناظريه، ولكنه لو طالبَ كما فعل علي الراشد - بتوزير أحدهم لتركوه يتخضرم خلف فرع الغاز لوحده، ولمنعوا عنه حتى فكة الطفاية، فليس كل باليه باليه، ولو تسلم لا قدر الله أحمد السعدون رئاسة الحكومة لصرّح دميثير بالخط العريض: شبيك لبيك، راقص الباليه بين يديك، ولزاحمه على الباب علي الراشد: أنا الذي شبيك ولبيك وتأمرني بهزهزة حاجبيك.
يا صاحبي، لكل شيء تسعيرة، إلا الكبار قاتلهم الله، لا تسعيرة لهم. وحكمة صاحبنا ابراهيم منصور صحيحة مئة بالمئة، لولا أن البعض القليل كسرها، من أمثال الرشيد والجري وآخرين لا يجيدون الباليه.
محمد الوشيحي
alwashi7i@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي