محمد الدلال / أفكار / رسالة إلى القمة الاقتصادية الغزاوية

تصغير
تكبير
إلى من يهمه الامر، إلى من تشرئب إليهم الأنظار لترى منكم الأفعال قبل الأقوال، إلى من بيده صنع القرار لواقع ومستقبل الأمة السياسي والاقتصادي والتنموي، نتقدم بعدد من الرسائل المهمة التي تعبر عن آراء ومطالب الأكثرية الغالبة من أبناء شعوبكم من المحيط إلى الخليج.
الرسالة الأولى: نصرة غزة. نعلم جميعاً أن هذه القضية في نظر البعض فُرضت على جدول أعمالكم بغير رضا منكم، بل إن هناك من يؤثر أن يتجاهل ما يحدث في غزة من عدوان وجرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولكننا كشعوب لا نأبه بهؤلاء، فالله كفيلهم في الدنيا والآخرة والتاريخ سيسجل أفعالهم المشؤومة في أسود صفحاته، أما عن هذه القمة فإن الشعوب ترى أن الأولوية لنصرة غزة قبل أمر آخر، ونصرتها باتخاذ مواقف لا ضبابية فيها ولا دخل للصراعات القائمة بين عدد من الدول في شأن الموقف من غزة، وذلك بالتحرك الكبير والسريع للإيقاف الفوري للعدوان وفتح المعابر جميعها ورفع الحصار الجائر عن شعب غزة ودعم فصائل المقاومة وتمكينها من تمثيل الشعب الفلسطيني. وأخيراً إعادة إعمار غزة والأراضي الفلسطينية في إطار من الشفافية والإدارة الحكيمة للأموال، بعيداً عن مؤسسات الفساد في السلطة الفلسطينية المدانة دولياً بالفساد المالي.
الرسالة الثانية: الإصلاح السياسي مقدمة للإصلاح الاقتصادي. تكاد تجمع النظريات الحديثة كافة في علم السياسية والتطبيقات العملية في إدارة الدول أو اقتصادياتها أنه لاصلاح لاقتصاديات الدول بلا حكم جيد صالح، وهو أمر مفتقد في معظم الدول العربية التي تعاني جور وظلم وانفراد بعض الأنظمة العسكرية أو الاستبدادية بالحكم من دون مشاركة حقيقية للشعوب في إدارة شؤون الدول، فالعديد من الدول العربية لا توجد فيها ديموقراطية الانتخابات، أو حرية التعبير، أو تكوين الأحزاب، أو الجمعيات، أو التيارات السياسية أو المجتمعية، ويعشش في معظمها مراكز النفوذ من أصحاب المصالح في السلطة أو أصحاب المال التي تسعى جميعاً إلى الاستحواذ على ثروات الدول أو الشعوب والاستثناء في ذلك قاعدة شاذة. فيا أيها القادة إن إصلاح الاقتصاد، أو دعم التنمية، يتطلب إصلاحاً سياسياً حقاً ومشاركة للشعوب وفق آليات دستورية وقانونية وشفافية في إدارة الحكم وقيادة تتوافر فيها القوة والأمانة تنهض في الشؤون السياسية والاقتصادية، وإلا فإن اجتماعكم أو مؤتمركم وما ينتج عنه سيذهب بعد حين قصير أدراج الرياح أو في جيوب أصحاب المراكز والنفوذ.

الرسالة الثالثة: دعم الطبقة المتوسطة. إن المجتمعات المستقرة سياسياً أو اقتصادياً والبعيدة شعوبها عن التطرف أو الاختلال هي تلك المجتمعات التي نرى فيها أن الطبقة المتوسطة هي الطبقة السائدة والمتجذرة في المجتمع، والتي تشعر أنها تعيش في ظل واقع ومستقبل متوازن تستطيع من خلالها العيش الكريم في إطار من التنمية السليمة في مجالات التعليم والصحة والنشاط الاقتصادي ضمن أجواء ديموقراطية تحيط وتكفل نجاحاً لمجالات التنمية المختلفة. وعليه فإن القادة مطالبون بأن يدعموا الطبقة المتوسطة في مجتمعاتهم بالخطوات والوسائل العملية والتحرك الجاد لإنهاء حال الطبقية المقيتة والفقر الكافر الذي يحيط بحياة معظم الشعوب العربية ويُعد المسبب الرئيسي لتخلف تلك الدول والشعوب.
لمن يهمه الامر... هذه بعض الرسائل وفي جعبة الشعوب الكثير من الآمال والطموحات والرغبات والرسائل التي لا يتسع المجال لذكرها، وإنها لمسؤولية وأمانة على عاتقكم، وتاريخ وصحائف تكتب إما لكم واما عليكم.
وفقكم الله يا مسؤولينا لمرضاته، ولدعم غزة وصمودها ومقاومتها، ولنهضة وتنمية دولكم وشعوبكم ومجتمعاتكم.
محمد الدلال
محامٍ وكاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي