No Script

جودة الحياة

الخذلان... عندما يأتيك من حيث لا تتوقعه!

تصغير
تكبير

خيبة الأمل، فقدان الثقة، الإحباط، كلها صفات لمعنى وحالة تُشعل النفس بمشاعر الخسارة والفقد، إنه الشعور بالخذلان، بالصدمة إثر التعرض لموقف لم تتوقعه بأي حال من الأحوال أن يأتيك ممن كان يوماً ما مصدراً للثقة والأمان ومستودعاً للأسرار.
علينا أن نتأمل علاقاتنا مع الناس، والابتعاد عن من كان سبباً في خسارة علاقاتنا بآخرين، أو ربما بأنفسنا، ولأننا نعيش حياة عصرية معقدة، متشابكة، فإن من الحِكمة أخذ الحذر باتخاذ مسافة الأمان من الذين نتشارك معهم العيش في محيط العمل والفضاء العام، فنختار بإحساس القلب مَن لم يكن يوماً مصدراً لآلامنا ولا يكدر عيشنا. ولست أدعي هنا أي مثالية أو أحلق في عالم المجرد والفنتازيا، وإنما القلوب جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
لن نعيش حياتنا مرتين، لذلك لا مجال لتكرار القصص الفاشلة والأشخاص والعلاقات الخاطئة، فماذا يفيد إذا كسبت العالم وخسرت نفسي؟، ولن يفيدنا بأي حال من الأحوال البكاء على اللبن المسكوب.


ليس غريباً أن يأتيك الخذلان من صديق حميم، أو ممن كنت تظنه أقرب الناس إليك، وهنا أقول إن التعب النفسي والإحباط سيكون أكثر وقعاً وشدة على النفس لا سيما عندما يكون التخاذل وقت الحاجة، والحاجة هنا ليست بالضرورة مادية فحسب، وإنما إنسانية معنوية ونفسية. فكلنا عرف وعاش لحظات شدة وخوف وتمزق، كنا خلالها شمعة في مهب الريح، فان يخذلك ويخيب آمالك أخ أو صديق مقرب وقت الحاجة وفي المواقف الصعبة التي تستدعي التضامن والتآزر والوقوف معك بحزم وصدق إلى أن تتجاوز الأزمة، كم سيكون ذلك مؤذياً للنفس، ومدعاة لإعادة النظر بالواقع والحياة وطبيعة علاقاتنا مع الآخرين.
وبرغم ذلك لن تتوقف الحياة، ولن يكف الناس عن العيش في جماعات وسيكون ثمة مَن ينتظر سقوطنا بل تلاشينا، علينا إذاً أن ندرك تماماً أن طبيعة الحياة سجال بين الخير والشر، والجمال ونقيضه، وأن ندرك متى نذهب في علاقاتنا لمرافئ الصداقة الحقة، أو أن نُبقيها سطحية في حدود زمالة العمل أو المهنة أو أن تكون محلاً للثقة والاحترام فحسب.
ثمة نوع من الخذلان أشد وقعاً على النفس، هو أن تخذل نفسك، كأن تكون في موقع أقل من توقعك وقدراتك، أن تتخاذل في موقف كان يستحق أن تكون فيه على النقيض، كأن تشعر أنك صغُرت وتضاءلت أمام نفسك بسبب موقف محدد في الحياة، فنحن نعيش الحياة والواقع وللإنسان بالطبع قيمة أمام نفسه وذاته وهي القيمة الأعلى والأسمى.
ينبغي إذاً أن نتعلم من تجاربنا وأخطاء غيرنا، وأن نتعامل بوسطية وتوازن في علاقتنا بالآخرين، فكل شيء زاد على حده انقلب إلى ضده، وألّا ننسى أنفسنا أبداً، وفي غمار الحياة وتقلباتها يتعيّن أن نجعل المواقف هي التي تقرر من نسطح علاقتنا به، ومن يذهب غير مأسوف عليه، ومن ُنبقي على وُد وصداقة وحُسن معشر، فصفاء القلوب والنوايا الحسنة والنبل قيم لا تدركها كل نفس، أن نتعلم مبدأ العطاء بلا مقابل، والحكمة في التعامل مع الناس بخفض سقف التوقعات فلن نكون سوى أنفسنا بأي حال، فلا أحد يشبه أحد ويقوم مقامه، وينبغي ألّا يدفعنا الخذلان وتغيّر المواقف والتحاسد والتباغض في محيطنا وواقعنا إلى الكف عن أعمال الخير ومساعدة الآخرين وانتظار الأجر والثواب من رب العالمين عاجلاً أو آجلا.
وحتى تقي نفسك من ألم جرح الخذلان وخيبة الأمل بالآخرين، خذ مسافة أمان بينك وبين الآخرين، فالحيطة واجبة.
Twitter : t_almutairi
Instagram : t_almutairii
talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي