رؤية ورأي

حتى لا تتكرّر أخطاء انتخابات سابقة

تصغير
تكبير

مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الأمة، يتسابق المرشحون على كسب إعجاب الناخبين من خلال خطاب سياسي عاطفي مفرط في محاور تقليدية، أبرزها الطائفي والعنصري والإصلاح الشعبوي، بزخم متباين في ما بين المحاور، وبدرجة متغيّرة في المحور الواحد عبر المراحل السياسية المتتالية.
بشكل عام يُتوقع أن يستمر فتور الخطاب الطائفي في الحملات الانتخابية الحالية مقارنة بالانتخابات التي سبقتها، وذلك لعدد من الأسباب في مقدّمها التحوّل الجذري في هوية مجلس الأمة من دينية متطرّفة إلى دستورية مدنية. هذا الانكماش في المحور الطائفي حل محله سلفاً محور الإصلاح الشعبوي، وذلك عبر طرح منهجيات سطحية للإصلاح وسياسات فورية لمكافحة الفساد ووعود مخادعة للناخبين، مشابهة بدرجة كبيرة لما تم طرحه في الحملات الانتخابية في أول انتخابات برلمانية بعد التحرير (1992).
النائب السابق المرحوم حمد الجوعان، اكتشف مبكراً زيف معظم نوّاب المعارضة في مجلس 1992، حيث إنه أبلغ النائب السابق الدكتور عبدالمحسن جمال أن «مجلسنا مو اللي هقيناه»، وكان ذلك بعد خروجهما من الاجتماع التشاوري الثاني لنوّاب المعارضة - وفق ما صرّح به الدكتور جمال في لقائه مع برنامج الصندوق الأسود - وبالفعل ثبت دقّة تشخيص الجوعان وصحّة رأيه فيهم، من خلال مواقفهم المتخاذلة في المجلس تجاه مجموعة الملفات الحساسة التي وعدوا في حملاتهم الانتخابية بالتصدّي لها.
من أجل توضيح جزئية الخداع في تبني المشاريع الإصلاحية، سأستعرض بإيجاز التباين في مستوى تبني النوّاب تشريع قانونين بحجة تعزيز الديموقراطية في الكويت: قانون تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس دوائر، وقانون الكشف عن الذمة المالية. ففي حين أن المجلس أقر قانون الدوائر الانتخابية بعد أشهر قليلة من انطلاق حملة «نبيها خمس»، المجلس عجز لمدة تقارب العشر سنوات عن إقرار قانون بإنشاء هيئة مكافحة الفساد.
الدعوة إلى تشريع قانون للكشف عن الذمة المالية انطلقت في بداية الألفية الحالية، ومقترحات القوانين بشأن القانون بدأ تقديمها في عام 2003، وتوالت في السنوات اللاحقة. وكانت هناك تجمعات شبابية تطالب بالكشف عن الذمة المالية من قبل النواب والقياديين، منها تجمع «شباب ضد الفساد» ولجنة «نزاهة»، وكان معظم نوّاب المجالس المتعاقبة في تلك المرحلة من بين الموقعين - في مواسم الانتخابات - على وثيقة «ميثاق كشف الذمة المالية» أو مواثيق مناظرة لإقرار القانون المنشود بصفة الاستعجال. ورغم كل ما سبق، لم يصدر القانون إلا في عام 2012، وكان ذلك بـ«مرسوم ضرورة».
المراد أن النوّاب أكثر حرصاً على تنظيم الانتخابات من تنمية الديموقراطية وقدرات الدولة في مكافحة الفساد، وإن كانت الأخيرتان الأكثر شيوعاً في شعارات وخطابات حملاتهم الانتخابية.
لذلك من حقنا بل من واجبنا كناخبين التحقق من مصداقية وجدّية المرشحين في خطاباتهم الانتخابية، من خلال مراجعة سيرهم السياسية وتقييم مواقفهم من الأحداث السياسية والأنشطة البرلمانية الأخيرة. فعلى سبيل المثال، في مجال فك القيود القانونية على حرية التعبير عن الرأي، يفترض أن نطلع على مواقف النوّاب الحاليين تجاه الاقتراح المعزز للحريات الفكرية، الذي نصّ على إلغاء عقوبات الحبس وعبارة «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر» من قانون المطبوعات والنشر، الذي تم رفضه في المجلس بتاريخ 19 أغسطس 2020. كما علينا أن نقيّم مواقف المرشّحين من الاقتراح وتجاه النوّاب الذين لم يوافقوا عليه. فالعديد من المرشحين «المطالبين بالحريات» النشطين إعلامياً لم يصرحوا حتى الآن بشأن المقترح المستحق وموقف النوّاب منه، رغم مرور ثلاثة أسابيع على جلسة التصويت. فهل هؤلاء صادقون في مطالبتهم بالمزيد من الحريات أم أنهم مخادعون كما كان العديد من نوّاب مجلس 1992؟... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي