رأي قلمي

في كلِ سبتمبر...!

تصغير
تكبير

15 عاماً من الحزن والأسى، تفتت فيها قلبي وجف دمعي ووهن جسمي، لأني افتقدت فيها نبع الحكمة والهيبة والصدق والإخلاص، وبسمة الصباح، وقبلة المساء. افتقدت رموزاً ذات حنكة وتجربة، وعقولاً تحتضن القيم والمبادئ والقناعات المؤصلة شرعاً، نعم افتقدت فيها مرافئ الحنان، وممالك العطاء، خسرت رموزاً حصيفة، وشموخاً أصيلاً.
في كل سبتمبر إلى يومي هذا، تتفتق أحزاني، وذلك لأنه سقط العمود الأول من خيمة الأمل والتفاؤل والراحة والطمأنينة في العاشر من سبتمبر عام 2005، وسقط العمود الأخير في الثلاثين من سبتمبر لعام 2010، وبقيت جسداً بلا روح، قلباً بلا مشاعر، رأساً بلا عقل، وذهناً بلا تفكير.
حياة بأحداثها ومواقفها وتاريخها نظّموها ومنْهَجوها بمنظومة كل جانب فيها يكمل الآخر، لأسرة تتكون من خمسة أفراد، وكان أساسها وعمادها قيماً ومبادئ وقناعات لا يمكن التنازل عنها أو المساومة عليها. كل هذا افتقدته وخسرته بين ليلة وضحاها. علماني معنى السعادة الحقيقية، وهي الرضا بالمقسوم، وهذا من سنن الله في الحياة حيث قال الله تعالى: «نحن قسمنا بينهم معيشتهم»... فالراحة والطمأنينة في الرضا والقناعة بما قسم الله لنا، ففي المعيشة قسمة، وفي التعب قسمة، وفي الضيق قسمة وفي السعة قسمة. فكانت السعادة بمفهومها الحقيقي منهجاً وأسلوب حياة لي. علماني كيف أكون صلبة جلدة في تجسيد تعاليم الدين وإسقاطها على الواقع لتكون طريقاً للخُلق والفكر السوي، كيف أكون عطوفة حنونة في تجسيد التعاليم الإنسانية من خلال تعاملي مع الناس.
كل هذا وأكثر يا والدايّ، فقدت أمي في صباح يوم السبت من شهر سبتمبر، وبعدها بخمسة أعوام وعشرين يوماً فقدت أبي فجر يوم الخميس من الشهر نفسه. ومن ذاك اليوم جرّعَني سبتمبر جرعات المرارة والحسرة، وأصبحتُ خيالاً من دون ظل، وأصبح قوتَ يومي الألم والأنين على فراق حبيبين لا يعوضني عنهما ملك الدنيا، وسأظل أذرف الدمع عليهما إلى أن ألحق بهما. لقد مضى على فراقك يا أمي 15 عاماً وكأنها 15 دقيقة، ومضى على فراقك يا أبي 10 أعوام وكأنها 10 دقائق، إن القلب ليحترق ويتحسر والعين لتجهش بالبكاء وتدمع على فراقكما يا والداي، اللهم بلغهما مني السلام واجمعني بهما في أعلى الجنان.

M.alwohaib@gmail.com
@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي