«فيلسوف»... على مقاعد الدراسة
- رفض فليك تعقيد الأمور في النهائي أمام باريس سان جرمان... وهي تهمة لطالما طاردت غوارديولا في العديد من المباريات الكبرى
عندما كان لاعبو بايرن ميونيخ الألماني يهمّون برفع كأس دوري أبطال أوروبا لكرة القدم في سماء العاصمة البرتغالية لشبونة، في 23 أغسطس الجاري، كان المدرب الأسبق للفريق، الإسباني جوسيب غورديولا، يضيف سنة جديدة إلى مفكرة فشله على الجبهة القارية التي عجز عن لعب أدوارها الأولى مذ ترك برشلونة في العام 2012.
ومهما سيق من أسباب وحجج، فإنّ اسم «غوارديولا» بقي لفترة طويلة مرادفاً للنجاح، لكن ليس أيّ نجاح.
فقد كان يُنتظر منه، على الأقل، أن يصل ببايرن ميونيخ (2013-2016) إلى أعلى نقطة من منصة التتويج في الـ«تشامبيونز ليغ»، كما فعل مرتين مع برشلونة، لكنه فشل.
بعدها، عُقدت عليه الآمال لتحقيق المرتجى نفسه مع مانشستر سيتي الإنكليزي (منذ 2016) غير أنه اكتفى بزعامة محلية مطلقة، قبل أن يأتي «ليفربول - كلوب» ويقول كلمته «القاسية» على حسابه.
لكن، هل استشفّ «بيب» شيئاً من التتويج القاري البيِّن لـ«بايرن»؟
بالنسبة إلى الخبير الألماني، فلوريان بوغنر، فإن نجاح المدرب هانز-ديتر (هانزي) فليك مع الفريق البافاري يعتبر درساً صريحاً لغوارديولا، ويقول في هذا الصدد: «رفض فليك تعقيد الأمور في المباراة النهائية أمام باريس سان جرمان (الفرنسي)»، وهي تهمة لطالما طاردت المدرب الإسباني في العديد من المباريات الكبرى.
وتابع: «قام فليك بكل ما أراد غوارديولا أن يقوم به في بايرن ميونيخ عندما كان مدرباً للأخير، وبأسلوب اللعب نفسه أي اعتماداً على الضغط الهجومي العالي. ما أنجزه فليك هو بمثابة المعجزة. ما قام به في 36 مباراة على رأس الإدارة الفنية للفريق مثير للدهشة»، حيث حقق ما معدله لقب واحد في كل 12 مباراة.
معلوم أن فليك تولى الدفّة الفنية في «بايرن»، خلال نوفمبر الماضي فقط، خلفاً للمدرب الكرواتي نيكو كوفاتش الذي كان مساعداً له، فحوّل الفريق من حال إلى حال، محلياً وقارياً، محققاً معه «الثلاثية التاريخية» الثانية.
من جهته، كان «سيتي» مرشحاً فوق العادة لبلوغ الدور نصف النهائي لمواجهة «بايرن» بالذات لولا سقوطه الدراماتيكي المفاجئ أمام ليون الفرنسي 1-3، وقد حُمّل غوارديولا مسؤولية الخروج نتيجة الأسلوب التكتيكي الخاطئ الذي قارب به المباراة والتشكيلة «الغريبة» التي زجّ بها.
يرى بوغنر بأن المدرب الإسباني «لم يتعلم الدرس الذي تلقاه في فترة تدريبه لبايرن عندما فشل في ثلاث مناسبات من الوصول بالفريق إلى أبعد من الدور نصف النهائي للبطولة الأوروبية الأم»، ويتابع: «في بعض المرّات، ونقولها بصراحة، قام بتعقيد الأمور في بايرن. عندما خسر الفريق أمام ريال مدريد الإسباني في 2014 ومواطنه أتلتيكو مدريد في 2016، قال بأنه يتحمل مسؤولية الخروج نتيجة أخطاء تكتيكية اقترفها. وبين هاتين النكستين، خرج بايرن أمام برشلونة (2015) لأسباب مرتبطة بسوء الحظ. كانت هناك بعض الظروف الأخرى، كالإصابات مثلاً، لكن فوق كل ذلك، لم يقم غوارديولا بالعمل المتوجب عليه في النادي على الرغم من أنه امتلك تشكيلة أقوى من التشكيلة الحالية».
وأردف: «كان هناك الكثير من الكلام حول المباراة النهائية بين بايرن وسان جرمان. هل يتوجب على فليك أن ينتهج أسلوباً دفاعياً (أمام المدّ الهجومي المتمثل في البرازيلي نيمار دا سيلفا والفرنسي كيليان مبابي والأرجنتيني أنخيل دي ماريا)؟ أعليه إشراك (الفرنسي) بنجامان بافار؟ هل عليه إقحام جوشوا كيميتش في خط الوسط (بعدما لعب كظهير أيمن في ظل غياب بافار)؟ فليك لم يكترث بكل ذلك، وقال: حسناً، فلنلعب كما اعتدنا أن نفعل».
واستطرد بوغنر: «قرار ذكي من فليك أن يتمسك بأسلوبه. لو خسر بايرن النهائي، لقال بأنه قام بما اعتاد عليه القيام به في السابق. لكن إن أجرى تغييراً ما على أسلوبه وخسر، لارتدّ الأمر بالسلب عليه، وهو ما عايشه غوارديولا تماماً عندما خسر المباراة أمام ليون».
الخبير البريطاني، بيت شارلند، من جهته، شدّد على أن بعض القرارات التي اتخذها غوارديولا، الملقّب بـ«الفيلسوف»، في المباريات الكبرى، نادراً ما حققت الفارق المرجو منها، ويقول: «أتمنى أن يقرأ بيب ما يُكتب عنه ويتعلم شيئاً منه. بعد الخسارة الأخيرة لمانشستر سيتي أمام ليون، تركز الحديث على تعقيده للأمور، وهو ما كان ينتهجه في بايرن ميونيخ أيضاً».
ويتابع: «عندما تصل إلى مستوى معيّن في عالم كرة القدم، عليك أن تعي بأنك هنا بفضل لاعبين هم الأفضل في العالم. لذا يتوجب عليك أن تحدّ من كمية المعلومات التي تنقلها إليهم. عمِلَ فليك على جعل فريقه سعيداً، ومنح لاعبيه حرية اللعب بالطريقة التي يرغبون بها، رافضاً اعتماد تركيبة تكتيكية صلبة ومعقدة»، وختم: «لو كان غوارديولا أكثر هدوءاً مع نفسه، لوجدنا، ربما، فريقاً آخر في النهائي... غير بايرن ميونيخ».