رؤية ورأي

الرمز سيد عدنان

تصغير
تكبير

العديد من الذين أمجدوا وأجلّوا النوّاب الثلاثة المرحوم الدكتور ناصر صرخوه وعدنان سيد عبدالصمد والدكتور عبدالمحسن جمال، وأكبروا تصويتهم ضد القرض الكويتي الأول للعراق إبان الحرب العراقية - الإيرانية، اختزلوا قيمة وثقل الموقف في كونه معاكساً للتوجه الحكومي ومتناقضاً مع رغبة دولة جارة كبيرة ـ العراق ـ متغافلين الجانب الأصعب والأخطر في التصويت وهو مخالفة الرأي العام المحلي، وإن كان موقفهم متّسقاً مع مجاميعهم الانتخابية. فالرأي العام المناصر للنائب يمنحه حصانة شعبية من أي إجراء أو استهداف حكومي أو خارجي، في حين الرأي العام المعادي يسلب منه الحصانة البرلمانية ويسقط عنه حقوقه الدستورية، فيسهل استهدافه.
هناك رمزية لمعظم نوّاب كتلة العمل الشعبي، وفي مقدمهم رئيس الكتلة رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون والناطق الرسمي باسم الكتلة النائب السابق مسلّم البرّاك. ورغم أن سيد عدنان يشترك معهما في الرمزية النابعة عن مواقفهما المعارضة للحكومة، وهي مواقف ذات مردود انتخابي إيجابي، إلا أن السيد ينفرد عنهما في الرمزية المنبثقة من قدرته على الصمود - وفق قناعاته الشخصية - أمام غضب الجماهير. فجميع مواقف السعدون والبراك كانت بغطاء شعبي أو ملبّية لضغوط جماهيرية، حتى الموقف التاريخي لهما (وزملائهما في الكتلة ومنهم السيد) ضد الاتفاقية الأمنية الخليجية ذات البعد الخارجي - كان بمباركة شعبية، وهو بذلك في درجة أدنى من الموقف ضد القرض للعراق.
من أجل تأكيد التقييم، استذكر موقف السعدون والبراك وزملائهما في الكتلة من السيد وزميله النائب السابق أحمد لاري أثناء أزمة التأبين. حيث استجاب أعضاء الكتلة بالإجماع للضغوط الشعبية التي طالبت بإسقاط عضوية السيد ولاري من الكتلة، وذلك قبل عودتهما إلى الكويت والاجتماع بهما.
بعيداً عن رأيي في قضية التأبين، الشاهد هنا هو أن السعدون والبراك وزملاءهما تخاذلوا عن نصرة زميليهم في الكتلة، حين تعرضا لحملة استهداف جماهيرية متطرفة. واستعجلوا في الخنوع لتلك الحملة وتعسّفوا في معاقبتهما على فعل، لم تدينه المحاكم الكويتية بل برّأتهما من جميع التهم التي وجهت إليهما.
رمزية السيد أكسبته ثقلاً شعبياً استُثمر في دعم استقرار النظام في مرحلة الربيع العربي بالكويت. فعلى سبيل المثال، كان السيد أحد أركان إضفاء الشرعية على انتخابات المجلس المُبطل الثاني. ولذلك من الطبيعي أن يستهدف السيد في الجولة الثانية من الربيع العربي في الكويت، وتتضاعف المساعي لعزله سياسياً أو دفعه نحو الاعتزال.
ولذات السبب (أي رمزية السيد)، وبعيداً عن رأيي الشخصي في سيرة السيد السياسية، وبعد الاستماع إلى كلمة سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، التي حذر فيها من تجدد مظاهر العبث والفوضى والمساس بكيان الوطن ومؤسساته، التي أكد فيها أن تعزيز استقرار الكويت مسؤولية الجميع؛ أدعو السيد إلى البقاء في الساحة السياسية والاستمرار بدوره البرلماني الوطني الداعم لاستقرار الكويت، وتوخي الحذر من الأصوات والآراء المخادعة .
ما دفعني إلى كتابة هذا المقال ليس إلا تخوفي على أمن واستقرار الوطن، من الذين يطالبون معنا بمكافحة الفساد، ولكنهم يشككون باستمرار في أهلية وجدّية حكومة صباح الخالد الفتية على التصدي لملفات الفساد، رغم الإجراءات الاستثنائية في عهدها الجديد ضد عدد من المتهمين الكبار في الدولة، وفي المقابل يعقدون آمال الإصلاح على طبقة سياسية تضم وزراء وقياديين سابقين تضخمت ثرواتهم ومشرّعين تقاعسوا عن سن قوانين تعزز النزاهة والشفافية ونوّاباً عجزوا عن محاسبة حكومات سابقة عن تقاعسها تجاه جرائم سرقة المال العام وغسل الأموال... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».


abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي