No Script

على وقع تفاعُل «القنْص على العيون»

«هيومن رايتس» ترفع الصوت ضدّ «العنف المثير للصدمة» بحق متظاهرين في بيروت

No Image
تصغير
تكبير
  • الاستعمال المفرط للقوة يُظهر تَجاهُل السلطات القاسي لشعبها 
  • ذخيرة حية ورصاص مطاطي وخردق وكميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع
  • وزير الداخلية لنقيب الأطباء: منعنا استخدام الرصاص المطاطي منذ أشهر ولا وجود للخردق لدى قوى الأمن الداخلي

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، القوات الأمنية اللبنانية باستخدام القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين السلميين، ما تسبب بوقوع مئات الإصابات وخصوصاً خلال التظاهرة التي نُظِّمت في 8 أغسطس بعد أربعة أيام من الانفجار في مرفأ بيروت الذي أوْقع أكثر من 180 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح وتَرَكَ نحو 300 ألف شخص بلا مأوى وسط دمارِ نحو نصف العاصمة.
وقالت المنظمة إن القوات الأمنية أطلقت الذخيرة الحية، والرصاص المطاطي والكريات المعدنية (الخردق) على أشخاص منهم موظفون طبيون، كما أطلقت كميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع، بما في ذلك على محطات الإسعافات الأولية، كاشفة أن عدة قنابل غاز مسيل للدموع صُوّبت مباشرة على المتظاهرين، فأصابت بعضهم في الرأس والعنقن ومشيرة إلى أن القوات الأمنية عمدت أيضاً إلى رمي الحجارة على المتظاهرين وضربهم، وشملت هذه العناصر «شرطة مجلس النواب»، و«قوى الأمن الداخلي»، و«الجيش اللبناني»، وقوى غير محدّدة بملابس مدنية.
وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بَيْج «بدل مدّ يَد العون إلى أهل بيروت الذين ما زالوا يُخرجون أنفسهم من تحت ركام الانفجار (الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس)، انقضّت الأجهزة الأمنية اللبنانية على المتظاهرين وسلّطت عليهم كمية من العنف تثير الصدمة. ويُظهر هذا الاستعمال غير القانوني والمفرط للقوة ضدّ متظاهرين سلميين بأغلبهم، تجاهل السلطات القاسي لشعبها».


وكان عشرات آلاف المتظاهرين تجمّعوا في وسط بيروت، في 8 أغسطس للتعبير عن غضبهم بسبب عدم كفاءة النخب السياسية والحكومة وفسادها، في أعقاب انفجار المرفأ. ووفق التقرير فقد راقب باحثو «هيومن رايتس ووتش» التظاهرات، وأجروا مقابلات مع 25 شخصاً في بيروت بين 8 و18 أغسطس، بمَن فيهم أطبّاء وغيرهم من الكوادر الصحية، وصحافيين، ومحامين.
وقد صوّرت المنظمة أيضاً الذخائر التي تمّ إطلاقها وجمعتْها من موقع التظاهر، وحلّلت الصور والفيديوات التي أُرسلت مباشرة إلى الباحثين، أو جُمعت من منصات التواصل الاجتماعي، والتي تُظْهِر القوى الأمنية تستعمل القوّة المفرطة. وحدد الباحثون الأسلحة التي استعملتْها القوى الأمنية، وراجعوا التقارير الطبية للمتظاهرين المصابين.
وكان بعض المتظاهرين الذين تمّت مقابلتهم قد أُصيبوا بالذخيرة الحية، أو الكرات المطاطية، أو الخردق المُطلق من بنادق، أو بإطلاق مباشر لقنابل الغاز المسيل للدموع.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني ومنظمة الإغاثة الإسلامية عن إصابة، 728 شخصاً خلال تظاهرات 8 أغسطس، ونُقل 153 من بينهم على الأقل إلى المستشفيات للمعالجة.
وقالت «هيومن رايتس ووتش»، إنه ينبغي أن تضع قوى الأمن فوراً حداً لاستعمال الخردق المُطلق من بنادق وغيره من الذخيرة ذات النطاق الواسع والعشوائية، وإن «على النيابة العامة فتح تحقيق مستقل في الانتهاكات والإعلان عن النتائج».
كما طالبت الجهات الدولية المانحة لقوى الأمن اللبنانية بالتحقيق فيما إذا كان دعمها يصل إلى وحدات تمارس انتهاكات، وفي هذه الحال، وقف الدعم فوراً.
وأكدت «هيومن رايتس ووتش» أن استعمال بعض المتظاهرين للعنف لا يبرر لجوء القوى الأمنية إلى القوة المفرطة، ومن غير استفزاز في بعض الأحيان.
ووفق المنظمة «يرتدي عناصر شرطة مكافحة الشغب التابعة لقوى الأمن الداخلي وشرطة مجلس النواب البزّات المموّهة نفسها باللون الأزرق الداكن ويحملون لوازم مكافحة الشغب، ومن المستحيل التفريق بينهم»، وقالت: «ادّعت شرطة مجلس النواب أنّ مهامها تقتصر على حماية مبنى المجلس، وأنّ قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني يتولّيان تأمين محيطه. لكن، قال مسؤولون أمنيون وحكوميون في مراكز عالية لـ هيومن رايتس ووتش إنّ عناصر شرطة مجلس النواب كانوا مسؤولين عن انتهاكات خطيرة بحقّ المتظاهرين أمام المجمّع البرلماني في ديسمبر 2019».
ووثّقت هيومن رايتس ووتش من مصادر عدة استعمال الذخيرة الحية على المتظاهرين، أو تصويبها عليهم في أربع مرّات متفرّقة في 8 أغسطس. وفي إحدى الحالات، أطلق جنديان نيران بندقيتيهما الهجوميتين باتجاه المتظاهرين. لم تُعرف هويات وتبعيات مطلقي النار في الحالات الثلاث الأخرى.
وإذ أوردت أن «قوى الأمن الداخلي كانت أعلنت أنّ أحد عناصرها توفّي (في 8 اغسطس) خلال محاولة إنقاذ أشخاص عالقين في فندق (لو غراي)، وذكرت إصابة 70 عنصراً في صفوفها في حين صرّح الجيش بإصابة 105 من جنوده، بمَن فيهم جنديان في حالة حرجة»، أشارت المنظمة إلى أنه في إحدى المرات «أطلقت القوى الأمنية الذخيرة الحية على المتظاهرين في محاولتهم إجلاء رجل مُصاب. وتحدّثت هيومن رايتس ووتش إلى أحد المتظاهرين الذين تعرّضوا لحادثة أخرى قال إنّه أُصيب في فخذه قرب فندق لو غراي جرّاء طلقة حية، وراجعت سجلّه الطبي الذي أظهر شظايا رصاص في فخذه. وفي حالتين، كان مطلقو النار في مجمّع البرلمان محاطين بعناصر من الجيش والشرطة يرتدون بزّات لم يحرّكوا ساكنا لإيقافهم».
وأضافت: «كان الخردق الذي جرى إطلاقه من بنادق غير آلية السبب الرئيسي لإصابات خطيرة عديدة في 8 أغسطس، بما في ذلك إصابات في عيون المتظاهرين وأعضائهم الحيوية. لم يسبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش استعمال قوى الأمن اللبنانية الخردق، وقالت إنّه يجب التوقّف فوراً عن استعمال البنادق التي تطلق كريات عديدة، سواء كانت معدنية أو مطاطية، على المتظاهرين مهما كانت المسافة، لكونها بطبيعتها غير دقيقة وعشوائية، والأدلّة التي تشير إلى الإصابات الخطيرة التي تسبّبت بها. ويشكّل استعمال الذخيرة الحية في غياب تهديد للحياة أو خطر إصابة حرجة بشكل وشيك، واستعمال البنادق التي تبعثر مقذوفات عديدة عشوائياً على مساحة واسعة، في ظلّ احتمال إيذاء أي شخص في طريقها، انتهاكاُ للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحكم استعمال القوّة من قبل المسؤولين عن إنفاذ القانون».
وكانت نقابة الأطباء في لبنان قد عممت يوم الاثنين في بيانٍ لها ردّ وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي على كتاب نقيب الأطباء شرف أبو شرف ومناشدته له «الايعاز للاجهزة الامنية تجنب استعمال الرصاص المطاطي».
وجاء في البيان:
«على إثر تعرُّض عدد من المتظاهرين للإصابة بالعين وأنحاء أخرى من الجسم بالخردق والرصاص المطاطي وجّه نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف أبو شرف إلى وزير الداخلية كتابا بتاريخ 11/8/2020 يناشده فيه الايعاز الى الأجهزة الأمنية تجنب استعمال الرصاص المطاطي، وعدم التصويب على الوجه والرأس والقسم العلوي من الجسم، والأفضل الاستغناء كلياً عن هذه الوسيلة في ردع المتظاهرين».
وفي 14/8/2020، ردّ الوزير فهمي في كتاب خطي إلى أبو شرف انه «بعد إصابة عدد من المتظاهرين بالرصاص المطاطي، أصدرت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بياناً مفصلاً بتاريخ 21/1/2020 يوضح حيثيات استخدامه في ذلك الحين. وعلى إثر ذلك تمّ وضْع أسس جديدة صارمة من المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عثمان عثمان، حيث اتخذ قراراً بعدم السماح باستخدام هذا النوع من الرصاص إلا بأوامر مباشرة منه، تفادياً لحصول اصابات غير متوقعة وغير مقصودة في صفوف المتظاهرين. ومنذ ذلك الوقت لم تطلق القوى الأمن الداخلي، خلال التظاهرات وأعمال الشغب، الرصاص المطاطي ولا أي نوع آخَر من الرصاص»، مؤكداً في اتصال هاتفي مع ابو شرف انه «منع استخدام الرصاص المطاطي منذ أشهر وأن لا وجود أصلاً للخردق لدى قوى الامن الداخلي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي