عندما يتجاوز العالم أزمة الجائحة كورونا، ستعود حياتنا إلى طبيعتها، بعد ليالٍ طويلة من الحجر والانغلاق داخل بيوتنا لنبقى سالمين على الأقل، في ظل حالة عدم التأكد واليقين التي ضربت العالم وغيرت مجرى حياته الطبيعية. لست متشائمة بشأن مستقبل سكان المعمورة بعد كورونا فقد شهدنا خلال الشهور الماضية أعلى درجات الاستعداد والتعامل الجاد والحذر مع الأزمة في العالم.
وتشير المعطيات الراهنة وفقاً لمتابعتي اليومية للأخبار إلى احتمالات تجاوز العالم لأزمة كورونا على المدى الطويل، رغم أن العالم بأجمعه يعمل يومياً على إنتاج مصل وقائي وعقاقير للعلاج النهائي من الفيروس وتداعياته الخطيرة على صحة الإنسان وعلى سلام العالم وبيئته، التي أصبحت مهددة مع درجة الانتشار المتسارعة للفيروس.
ليس كل أزمة شراً محضاً، فقد اعتدت أن أنظر دوماً إلى الجانب الإيجابي من الظروف والمواقف إلى نصف الكوب الممتلئ وإزاء الوضع الراهن المتسم بالخوف والحذر من الفيروس الغامض في تقديري، أرى أن ما أصاب العالم ليس شراً كله فقد تكمن النعم في طيات المحن، فقد أصبحنا بفعل الحظر المنزلي وساعات التواجد الطويلة داخل البيوت أكثر قرباً وتفاعلاً مع أفراد العائلة، استخدامنا لشبكة الإنترنت بشكل أكثر جدوى بالاستفادة من تقنيات التعلم عن بعد والاشتراك في الدورات التدريبية المتاحة على تطبيقات مختلفة على الشبكة العنكبوتية. أيضاً من الأمور الإيجابية للحظر المنزلي المفروض بسبب أزمة كورونا هو توفرنا لأوقات فراغ طويلة للاطلاع والقراءة، والبدء بمشاريع جديدة على مستوى الإنتاج الثقافي والمعرفي والعلمي.
شخصياً لست ممن يبددون الأوقات الثمينة في متابعة ما لا طائل من ورائه، سواء كان على شبكة الإنترنت أو في الفضاء المجتمعي.
لذا ينبغي ألا نُضيع أوقات الراحة المفروضة، وفقاً للإجراءات الوقائية لتجاوز الأزمة فيما لا جدوى منه كما أسلفت، ولطالما كانت أوقات الفراغ الطويلة تمثل هاجساً لدى البعض، ولكن يمكننا دوماً التفكير في خيارات جيدة لتمضية عطلات طويلة بمكان واحد أو حيز جغرافي محدود مثل الرياضة المنزلية، وتعلم واكتساب مهارات جديدة، قراءة الكتب ذات المضمون الجيد.
ولكن من وجهة نظري الشخصية كان الجانب الأكثر إيجابية من تلك الأزمة، هو الانتقال الفعلي سواء في القطاع الحكومي أو الخاص وبشكل كبير إلى الاستخدام الفعال لوسائل وتقنيات وتكنولوجيا العصر الحديث، وذلك عن طريق توفير العديد من الخدمات الإلكترونية للمواطنين والمقيمين على حد سواء من دون الحاجة إلى الحضور لإنجاز المعاملات، واتباع الروتين والطرق المعتادة. نعم هناك صعوبات في التنفيذ وهذا أمر طبيعي، ولكننا على الأقل بدأنا الخطوات الأولى على أمل الاستمرار وتطوير الخدمات الإلكترونية حتى ما بعد كورونا.
في الختام ربما يستمر الحظر المنزلي والإجراءات الاحترازية الأخرى لفترة قد تطول أو تقصر، حسب تقدير السلطات الصحية، ولكن الأمل موجود دوماً في أن تتجاوز بلادنا والعالم هذه الجائحة قريباً.
علينا إذاً مساعدة الدولة للعمل على إخراج بلدنا من الأزمة بأقرب وقت، وذلك بالبقاء في بيوتنا واتخاذ التدابير الوقائية الشخصية كافة، كلبس الكمامة وتعقيم أماكن التواجد اليومي ومحلات التعامل المباشر مع الآخرين.
وفي انتظار قرار رفع الحظر المنزلي، أو انتقال الإجراءات الاحترازية الضرورية لمرحلة جديدة من المعالجات المقترحة للأزمة، وقريباً سنكون بإذن الله على موعد مع الأمل بانفراجة تسعدنا جميعاً.
Twitter : t_almutairi
Instagram : t_almutairii
[email protected]