بوح صريح

شكراً للصخور

تصغير
تكبير

كنت أشاهد زوربا اليوناني منذ أيام، ودهشت للحوار التالي الذي بدا لي كأنه يتحدث عن مرحلة الحظر التي نمر بها. إذ قال:
«تخلصت من الوطن. تخلصت من الكاهن.
تخلصت من الماء.


إنني أغربل نفسي. كلما تقدم بي العمر. غربلت نفسي أكثر. إنني أتطهر. كيف أقول لك. إنني اتحرر. أصبح إنساناً..».
نجد أن الفنون قفزت بعد تجربة الحظر إلى مستوى آخر، يخاطب أعماق النفس والاضطرابات التي حلت بها وكيف انسلخت عن واقعها والروتين اليومي الذي كان يمدها بالاستقرار والأمان. الفنان مرآة عاكسة عميقة للمجتمع والإنسان والعالم. وحده - بجانب الأديب والمفكر والعالم - القادر على التوثيق والتلخيص والتنبؤ.
فحين نتفحص الواقع عن كثب. نرى أننا رغم مظاهر التدين في مجتمعاتنا... إلا أننا غارقون في الازدواجية والنفاق والكذب والتزوير وغسيل الأموال والمتاجرة بالإنسان. والإساءة إلى الطفل وتشغيله... وكثير من الأمور التي يندى لها الجبين.
يومياً تنزل علينا كم أخبار مؤسفة مزعجة غير معقولة. تتحدى خيالنا. تتركنا في حيرة حتى أننا نكاد نتمنى لو ظهر لنا مذيع النشرة الإخبارية يقول: أيها السادة المستمعون... لا يوجد ما أخبركم به اليوم!
أما العلم. الشهادة. الاسم. المال. العائلة. الأملاك. السعادة.المناصب.الثراء... كلها اختبار لشخصيتك. لأخلاقك. لمدى تمسكك بمبادئك وتنازلك عن غرورك. وتخليك عن جبروتك... والاستمرار بالتمييز بين الصواب والخطأ، والأهم. اختيار الصواب كل مرة، كل... كل مرة.
ثم إن الصخرة هي أوفى أصدقائك ومن يصاحبك في الحياة. هي ليست عائقاً يعرقلك طوال الوقت، بل عائق يوقف سقوطك وانحدارك أحياناً.
لذا شكراً للصخور في حياتنا.
ومن أدب العزلة. اخترت لكم:
ويحدث أن يكون لديك إخوة وأخوات
وأبناء عم وخالات...
لكنك «مقطوع من شجرة»
تكاتب نفسك وترسل لها الرسائل
تهاتف نفسك وتسألها عن حالها
تلتقط «سلفي» وتملأ فراغ الخلفيات بالحروف والرموز
وتعانق نفسك. تشد على يدك
وتحشو قلبك بالحلوى والورود
لكنه مليء بالثقوب. لذا يبقى خالياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي