ارتفع 4 أمتار فاقتحم الشاليهات واقتلع الأشجار... واختلفت تفسيراته

مدٌّ عالٍ أغرَقَ شواطئ الكويت

تصغير
تكبير
  •  عادل السعدون: 
  •  كل الموضوع مدّ عالٍ ليس له علاقة بالاحتباس الحراري  ولا بذوبان الجليد 
  • - المد صادف بداية الشهر الهجري واستقامة القمر بخط وهمي مع الشمس فارتفع 
  • عيسى رمضان:   
  • مناسيب المياه سترتفع  من 10 إلى 50 سنتيمتراً خلال السنوات المقبلة   
  • - دول العالم بدأت تأخذ حذرها وتغير مخططات سواحلها وتضع المصدات المائية   
  • محمد الصائغ: 
  • ارتفاع المياه بمقدار نصف متر قد يتسبب بخطر انغمار أجزاء من الجزر 
  • - على الجهات المعنية تشكيل فرق متابعة ووضع التصورات العلمية المناسبة 

في وقت هاجم مدٌّ قوي أجزاء مختلفة على طول سواحل الكويت، وجعل المياه تغمر أجزاء من الشاليهات وتقتلع بعض الأشجار وتسحب كميات كبيرة من رمال الشواطئ، بعد ارتفاعها قرابة أربعة أمتار عن معدلاتها الطبيعية، اختلفت التفسيرات البيئية بين فريق عزا ما حدث لظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الجليد في المناطق القطبية، وما يصاحبها من ارتفاع مستوى مياه البحر، وفريق آخر أكد أن «الأمر لا علاقة له بالاحتباس أو الذوبان، وإنما هو أمر اعتيادي متكرر الحدوث، ومرتبط بالمد والجزر وبداية الأشهر القمرية».
البداية كانت مع خبير الأرصاد الجوية والبيئة عيسى رمضان الذي بيّن أن «ما حدث خلال الأيام الماضية هو عبارة عن ارتفاع كبير وغير معتاد لمناسيب مياه البحر في الأيام العادية»، موضحاً أن «هذه الظاهرة تسمى بفيضان البحر، وأحيانا تستمر لأيام عدة وقد بدأت يوم الثلاثاء الماضي، وتراوح الارتفاع بين 3.25 و3.95 متر، ويعتبر هذا الارتفاع كبيراً مقارنة بحالات المد المعتادة».

ارتفاع المنسوب
وأضاف رمضان لـ«الراي» ان «ما ساعد على دخول مياه البحر للبر واليابسة، اعتدال ونشاط الرياح الجنوبية الشرقية، وارتفاع الأمواج على السواحل»، لافتاً إلى أنه «سبق وحذرت من قبل من ارتفاع منسوب مياه البحر عما كان عليه بالسابق، فارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات سببه ذوبان الجليد في القطبين، والدلائل على ذلك كثيرة ومشهودة بصور الأقمار الاصطناعية ورصدها الباحثون».
وبيّن أن «كثيراً من الجزر والسواحل في العالم شهدت ارتفاع مناسيب مياه البحر لشواطئها، مثل جزر المالديف وكاريباتي وجزر أخرى، وكذلك سواحل البحر المتوسط وأستراليا والأميركيتين، وبحسب الدراسات التي أجريت في البلاغ الوطني الأول والثاني لدولة الكويت والمقدمة من قبل اللجنة الوطنية لتغير المناخ، فإن ارتفاع مناسيب المياه سيزيد من 10 سنتيمترات إلى 50 سنتيمتراً خلال السنوات المقبلة (من 10 إلى 50 سنة) وقد تزيد على هذا مع زيادة ذوبان الجليد في القطبين».
وشدد على أن «دول العالم بدأت تأخذ حذرها وتغير من مخططات سواحلها، وتضع المصدات المائية وتبعد مبانيها ومنشآتها عن السواحل بمسافة أكثر من 100 متر في بعض المناطق الأكثر عرضة لذلك، فيما نشاهد في مناطقنا بناء المباني والشاليهات والمنشآت الحيوية قرب السواحل، بل بناؤها بشكل مباشر من دون الأخذ بالاعتبار المخاطر المتوقعة مستقبلا».
وتوقع رمضان أن «تزيد مثل هذه الحالات في المستقبل القريب جداً، فنحن نتكلم خلال العقود المقبلة، ويجب ألا ننتظر حتى يأتي ذلك الوقت، ونتمنى أخذ تلك التحذيرات بالاعتبار والعودة للدراسات العلمية والبحوث الخاصة بارتفاع مناسيب مياه البحار والمحيطات، ويجب ألا ننتظر حتى ذلك الوقت بل نبدأ من اليوم حتى لا تكون الخسائر المادية والبشرية أكبر في المستقبل».

احتباس وغازات
أما الناشط البيئي الدكتور محمد الصائغ فأكد لـ«الراي» أن «الكثيرين يقللون من خطر الاحتباس الحراري، أو يعتقدون أن تأثيره لن يكون مباشراً على بيئتنا، أو حتى يعتقدون أن تأثيره لن يصلنا إلا بعد مئات السنين»، موضحاً أن «الاحتباس الحراري وانبعاثات الغازات الدفيئة هو واقع حالي يجب وضع الخطط العلمية الصحيحة لمكافحته وتقليل أثره».
وأضاف الصائغ «أثبتت الدراسات العلمية أن الاحتباس الحراري من أهم أسباب ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة والتي بدورها تعجل من إذابة جليد الجبال القطبية»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «ذوبان الجليد القطبي يؤدي إلى الزيادة العامة لمنسوب المياه بالمسطحات المائية بالكرة الأرضية بما في ذلك منطقة الخليج العربي حيث تقع الكويت».
وتابع «تشير بعض الدراسات التشبيهية التي أجريت أخيراً بالكويت أن ارتفاع المياه بمقدار نصف متر وأكثر من الممكن أن يسبب خطر انغمار أجزاء من الجزر، وأجزاء من المناطق الساحلية التي أصبحت الآن مأهولة بالسكان (أكثر من 70 ألف نسمة)، وبالتالي ينصح بالعمل على وضع سيناريوهات مختلفة للحد من هذا الخطر».
واختتم بالقول «ارتفاع منسوب البحر في السنوات الحالية لن يشكل خطراً يذكر كما أنه سيكون تدريجياً خلال الـ100 سنة المقبلة، وبحسب الدراسات فإنه قد يتراوح ما بين أربعة إلى ستة أمتار، لذا يجب على الجهات المعنية بالكويت تشكيل فرق متابعة ورصد، مهمتها وضع التصورات العلمية المناسبة للبيئة الكويتية وطبيعة الحياة فيها، بهدف تقليل أي احتمالات مستقبلية قد تؤدي لارتفاع منسوب المياه مقارنة باليابسة، وما قد يتبعه من أضرار مجتمعية و اقتصادية قد يصعب معالجتها عند حدوثها».

لا علاقة للاحتباس
أما عضو الجمعية الملكية الفلكية البريطانية الفلكي عادل السعدون، الذي كان له رأي مخالف حول أسباب ما حدث، فأكد أن «ما حدث خلال اليومين الماضيين هو مد عال دخل للمناطق الساحلية، وهذا المد ليس له علاقة بالاحتباس الحراري للأرض ولا بذوبان الجليد في المناطق القطبية».
وأوضح أن «هناك سببين لحدوث المد العالي، الأول أنه صادف بداية الشهر الهجري الجديد ويكون القمر بخط وهمي مستقيم مع الشمس والأرض فيتضاعف المد والجزر، وهو ما نسميه بـ(حمل الراس) أي رأس الشهر الهجري، والسبب الثاني أن هذه الظاهرة تزامنت مع أن القمر بالحضيض (أي في أقرب نقطة للأرض) مما ساعد في زيادة المد والجزر».

وليد الفاضل لـ «الراي»: ترتفع 4 أمتار شمالاً و3 جنوباً

5 أو 6 فيضانات سنوية في الكويت

أكد رئيس فريق الغوص الكويتي في المبرة التطوعية الكابتن وليد الفاضل أن «كل عام تحدث خمسة أو ستة فيضانات في الكويت، تصل إلى قرابة أربعة أمتار في الشمال وثلاثة في الجنوب»، لافتاً إلى أنه «عندما تصاحب هذا الفيضان رياح شرقية أو جنوبية شرقية يتسبب في أمواج عالية، ما قد يسبب خسائر في المباني القريبة واغراق عدد من الطراريد».
وتابع «ننصح القائمين على المشاريع البحرية وأصحاب الشاليهات بالابتعاد قرابة 20 متراً عن أعلى مد»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «هذا الفيضان له جانب إيجابي مفيد لأنه ينظف البحر مما فيه من ملوثات، ويكون وقتاً مناسباً لتعويم السفن».
وشدد على أنه «إذا صادف هذا الفيضان سقوط أمطار فإن ذلك يتسبب في غرق المناطق البرية بسبب توقف مجاري الأمطار عن العمل»، محذراً من أن «هذا الفيضان قد يشكل خطراً على السباحين، والسلامة من هذه الظاهرة تكمن في متابعة الرزنامة وتوقيف أي نشاط بالتزامن معه».
واستبعد الفاضل أن «يكون هذا الفيضان له علاقة بالاحتباس الحراري»، مردفاً بالقول «أنا أتابع هذا الأمر منذ 50 عاماً ويحدث بشكل سنوي».

3 سيناريوهات
لمواجهة ارتفاع المنسوب

تحدث الناشط البيئي الدكتور محمد الصائغ عن سيناريوهات مواجهة ارتفاع منسوب المياه، قائلاً إنها تشمل ثلاثة سيناريوهات كالتالي:
1 - إبعاد المساكن الشخصية عن شواطئ البحر.
2 - رفع مستوى التربة القريبة من البحر.
3 - عند التخطيط لمشاريع جديدة قريبة من المناطق الساحلية، يجب الأخذ بعين الاعتبار الزيادات المتوقعة بمنسوب مياه البحر، من ناحية نوع المباني ومسافاتها من المناطق المحتمل تضررها.
وبيّن الصائغ أن «أول الحلول لتقليل احتمالات ارتفاع منسوب المياه قد يكون هو علاج السبب الرئيس وهو الاحتباس الحراري، وذلك من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة والاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة البديلة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي