No Script

إيران - روسيا - الصين... تحالفات إستراتيجية في مواجهة أميركا

No Image
تصغير
تكبير

منذ عهد محمود أحمدي نجاد، بدأتْ إيران بالنظر إلى «الشرق» عبر التوجه نحو روسيا والصين بدل أميركا وأوروبا، وذلك بموافقة المرشد السيد علي خامنئي.
وعندما وصل الرئيس حسن روحاني إلى السلطة، لم يرْفض خامنئي طلبه البدء بمفاوضات نووية مع أميركا، قائلاً له: «اذهب وحاوِل ولكن اعلم أنه إذا أعطيتَ الغرب أصبعاً فسيطلب الذراع كلها».
وفي العام 2018 عندما ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي وفرض أقصى العقوبات على إيران، قررت طهران تغيير طبيعة علاقتها مع روسيا والصين من تكتيكية إلى إستراتيجية ترجمتْها بصفقات بمئات المليارات من الدولارات وُقّعت لفترة 20 سنة مع روسيا، ولـ25 سنة مع الصين.


ورفضتْ إيران التواصل مع ترامب أو تقديم أي تنازلات وسارت قدماً في تطوير برنامجها النووي غير العسكري رغم تخريب موقع ناتانز النووي، فوقّعت عقداً بقيمة 400 مليار دولار مع الصين... غير أن استدارتها نحو الشرق، لا تعني قفْل الباب نهائياً مع أميركا إذا غادر ترامب منصبه بعد أشهر أو حتى سنوات (في حال جُدد له). أما التقارب مع روسيا فحَكَمه السعي إلى تعاون إستراتيجي لتشكيل جبهة تشمل الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية، على أن تكون متّحدة ضد واشنطن.
وما زالت هناك العشرات من مليارات الدولارات الإيرانية في أميركا، وتالياً ستحتاج طهران في مرحلةٍ ما لإعادة التفاوض مع واشنطن ولكن ليس في ظل الإدارة الحالية. ويبدو أن أوروبا هي المتضرر الأكبر لأن إيران كانت تفضّل التعاطي معها وكانت أعطتْها الأولوية في العقود عند توقيع الاتفاق النووي العام 2015، إلا أن طهران تعتبر أن أوروبا لا تستطيع التخلص من السيطرة الأميركية وتالياً فقد قرر خامنئي، وبحسب ما يمليه الدستور فقرة 176، تحريك إيران على نحو حاسم نحو الشرق وبعيداً عن الغرب.
لا يقرّر وزير الخارجية، ولا روحاني سياسة طهران الخارجية. فعندما وقف محمد جواد ظريف أمام البرلمان ليشرح السياسة التي اتبعها، قال: «لم أتخذ أي قرار إلا بالتنسيق مع اللواء قاسم سليماني الذي كنت أجتمع به أسبوعياً». وسليماني كان أقرب المقربين لخامنئي وقائد «محور المقاومة».
وكان ترامب وجّه «رصاصة» الرحمة إلى روحاني وظريف بتمزيقه الاتفاق النووي ليعطي الغلبة للمتشددين في إيران على حساب البراغماتيين.
ويقول أحد المسؤولين من صنّاع القرار إن «طهران ليست بعيدة عن المعسكر الأميركي المُناهِض لترامب. وتالياً قرّرْنا عدم القيام بأي رد فعل أو خطوة يمكن أن تدعم معاودة انتخابه، كما أن أي مفاوضات مع هذه الإدارة مرفوضة تماماً، كما مع أي إدارة جديدة في حال لم تُعِدْ الاتفاق النووي إلى مساره من دون شروط إضافية».
وثمة مَن يعتقد أن مجابهة إيران لأميركا وقصْفها لقاعدتها العسكرية في العراق وتحدّيها المباشر لها دَفَعَ دولاً أخرى، كالصين، إلى معاندة أميركا وفرْض عقوبات على مسؤوليها وشركائها، تحت مبدأ المعاملة بالمثل.
وقامت إيران بتغيير مسار صادراتها النفطية من مضيق هرمز إلى بندر جاسك، بعدما أنجزت 40 في المئة من بناء خط أنابيب بطول 1000 كيلومتر وبتكلفة 1.15 مليار دولار، وهو يبدأ من محافظة بوشهر إلى ساحل بحر عُمان وينقل مليون برميل نفط يومياً، كجزء من الاستعداد للحرب إذا وقعت وأُقفل المضيق وكي لا تحبس إيران نفسها داخل هرمز.
ويشير المسؤول الإيراني إلى «إننا نفكّر بأصدقائنا الذين يفتقرون إلى إمكان تجنّب مضيق هرمز، ولذلك فإن قرار الحرب في المضيق يؤخذ بعناية وتُدرس كل الخيارات الأخرى إذا بقي ترامب في السلطة وتدحْرجت الأمور إلى الأسوأ».
وتحاول إيران تحويل التهديد إلى فرصة لاعتقادها بأن معاودة انتخاب ترامب سيكمل مسار عقوبات جديدة وسيمارس استفزازاً، وهو ما يدفع المسؤول إلى رسم مقاربة لما هو محتمل بقوله إنه «خلال العامين الماضيين، لم تقدّم أوروبا لإيران أي التزام بل مجرّد كلام ولم تحترم اتفاقها الذي وقّعت عليه ومنعت شركاءها من العمل في إيران خوفاً من خسارة الأسواق الأميركية. وتالياً، فقد أصبح القادة الأوروبيون شركاء غير موثوق بهم، ولذلك ذهبت إيران نحو الصين وروسيا لأنهما لا تلتزمان بقرارات أميركا المنفردة. وكذلك فعلت تركيا والهند وباكستان بإبقائها على العلاقات مع إيران».
ويشرح المسؤول أن «ظريف قام بأحد أهمّ زياراته لموسكو، الشريك الذي اختبرتْه إيران في سورية وفي أروقة الأمم المتحدة والذي دَعَمَ إيران في مرحلةٍ فقدتْ أميركا توازُنها وانهالت بالعقوبات على الجميع».
بعد الاتفاق مع الصين، باتت صفقة روسيا جاهزة تمهيداً لانضمام إيران إلى «اتفاق شنغهاي» لتصبح عضواً وليس مجرّد مُراقِب ما يمهّد لعلاقات طويلة وصفقات مستقبلية قريبة.
لقد قامت إيران بخطوات استثنائية مع دول عظمى من غير المعتاد أن تقوم بها، وسارت بين ألغام المادة الثالثة من الدستور. وبدأت تظهر تحالفات جديدة بين دول وحّدتْها العقوباتُ الأميركية، بينما تخسر واشنطن موقعَها وحلفاءها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي