ما من شك أن لكل أزمة دروساً مستفادة، وما قدمته جهات الدولة في أزمة «كورونا» يعدّ عملاً نموذجياً، لأسباب عدة أبرزها جودة القرار، وتطبيق مبدأ الشفافية وإدارة الأزمة بعيداً عن التدخلات السياسية، وقدرة خلية إدارة الأزمة على استشراف التحديات، والمسارعة في اتخاذ إجراءات وخطوات تحقق الاستفادة الحقيقية، ولقد برهنت الظروف التي فرضتها هذه الجائحة أن الكويت قوية بسواعد أبنائها.
وإن كان لهذه الأزمة انعكاساتها على مختلف مجالات الحياة، فإن أكثر الدروس المستفادة منها قدرة المجتمع على التعاون والتكاتف والعمل بوتيرة موحدة وسريعة، إذ بادرت مختلف جهات الدولة منذ بدء ظهور الفيروس في البلاد في فبراير الفائت، وحتى قبل ظهوره لاتخاذ خطوات فعّالة، آتت ثمارها، وحتى مع تسجيل ملاحظات تعتبر بسيطة في درجتها، فقد رأينا تحرك القطاعات المعنية في وزارات الدولة للعمل على تفاديها خلال وقت قياسي.
ولعل ما لا يدركه البعض أن نجاح التعامل مع الأزمة لم يأتِ هباء، بل اعتمد على منهج علمي وعملي، أدى إلى استمرار معالجتها بكفاءة، إذ رغم الضغوط التي فرضتها الأزمة على كاهل وزير الصحة وقيادات الوزارة، إلّا أنهم وبتكاتف مختلف جهات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، استطاعوا الثبات في وجه أزمة لم تشهد البشرية لها مثيلاً منذ قرون، عبر الاحتكام إلى المعايير العلمية والفنية، مع مراعاة مختلف الجوانب للخروج منها بأفضل النتائج وأقل الخسائر وهذا ما يتجسّد حتى اللحظة على أرض الواقع، عبر الانتقال بشكل متوازن بين مراحل خطة عودة الحياة، التي تم إقرارها وفق معايير وضوابط محددة، واستناداً إلى التوصيات الصحية المستمدة من الواقع العلمي والعملي، وقراءة وتحليل نتائج الأوضاع الصحية محلياً وعالمياً.