رؤية ورأي

طائفية حلفاء الطائفيين

تصغير
تكبير

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، بدأت تظهر بوادر حملات شيطنة المنافسين في الدائرة الانتخابية وتشويه مواقف وسير مرشحين في دوائر أخرى. فحملات مهاجمة الخصوم غالباً لا تقتصر على استهداف مرشحين في الدائرة الانتخابية نفسها وضمن ذات الشريحة الاجتماعية أو التوجه السياسي، بل تمتد لتشمل مرشحين من شرائح أخرى ضمن الدائرة نفسها ودوائر أخرى.
لذلك على سبيل المثال، من غير المستغرب أن يتمنى النائب أسامة الشاهين (المطالب بأسلمة القوانين) فقدان النائب خالد الشطي (المعزز لمدنية الدولة) مقعده لصالح مرشح آخر - من شريحة الشطي الانتخابية نفسها - منسجماً مع مشاريع وأهداف الشاهين البرلمانية. وبالطبع العكس وارد أيضاً. لذلك، يرى مراقبون أن أحد أبعاد المواجهة الإعلامية الأخيرة بينهما قد يكون متعلّقاً بمساعي - أحد الطرفين أو كليهما - تقليل فرص نجاح الآخر في الانتخابات المرتقبة.
المواجهة الإعلامية بين الشطي والشاهين بدأت بعد أن أعلن الشطي (رئيس اللجنة التشريعية) وجود شبهة دستورية في الاقتراح بقانون الذي قدّمه الشاهين بمعيّة أربعة من زملائه، بشأن إنشاء كيان اعتباري مستقل أو أكثر من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يختص بالتمويل الإسلامي لأصحاب المعاشات التقاعدية الفعلية والافتراضية. حيث أوضح الشطي أن الشبهة تكمن في مخالفة المادة (133) من الدستور التي تنص على أن ينظم «القانون» المؤسسات العامة، في حين أن الاقتراح بقانون المقدم خالٍ من مواد منظمة للكيان أو الكيانات المستقلة المقترح إنشاؤها، ولسد الفراغ في الاقتراح بقانون لجأ مقدّموه إلى تفويض وزير المالية لإصدار «قرار» بقواعد وأحكام وإجراءات العمل في الكيان (أو الكيانات). المراد أن تصريح الشطي سبب حرجاً بالغاً لمقدمي الاقتراح بقانون أمام ناخبيهم، حيث كشف أن الاقتراح المقدّم ناقص ولا يرتقي ليكون اقتراحاً بقانون، وأنه أقرب إلى أن يكون اقتراحاً برغبة.


لذلك انطلقت حملة واسعة ضد قرار اللجنة التشريعية، تضمّنت تصريحات وتلميحات مسيئة لأعضاء اللجنة، شارك فيها بعض النوّاب وكان من بينهم الشاهين. حيث نشر تصريحاً له جاء فيه أن «المرابين وأدواتهم» هم الذين يعارضون إنشاء شركة التمويل المقترحة.
كعادته، تصدّى الشطي للحملة الإعلامية القاسية، هذه المرّة بكلمة عبر منصة البرلمان الإعلامية، وأسهب في توضيح مثالب الاقتراح بقانون المقدّم. وبعدها غّرد الشاهين عبر حسابه في «تويتر» معقباً: «أقول للطائفي...»، في إشارة ضمنية إلى الشطي حسب رأي متابعين سياسيين.
هناك ثلاث ملاحظات متعلقة بتغريدة الشاهين تستحق الإشارة. الأولى هي أن الشاهين بنفسه متهم بالطائفية على خلفية عدد من مواقفه البرلمانية، من بينها تصويته ضمن أقلية ضئيلة ضد إقرار قانون الأحوال الشخصية الجعفرية رغم موافقة المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل، ورغم إشارة النائب الحميدي السبيعي إلى المشاكل التي كان يعاني منها الشيعة في محاكم الأسرة.
الملاحظة الثانية هي أن حرمة الربا محل اتفاق بين الطوائف الإسلامية، فلذلك إقحام تهمة الطائفية في المواجهة الإعلامية الغرض منه - حسب رأي مراقبين - هو تجديد إلصاق تهمة الطائفية بالشطي لكي يتضرر منها في الانتخابات المرتقبة كما تضرر منها في انتخابات سابقة.
أما الثالثة فهي أن مساعي تجديد اتهام الشطي بالطائفية لم تلقَ تجاوباً ولا تأييداً من قبل المغرّدين، إلا من نفر قليل وكان بينهم نشطاء سياسيون شيعة متحالفون برلمانياً مع «حدس». وهذا التحول الدراماتيكي في نظرة المواطنين للشطي جاء كنتيجة طبيعية للجهود التي بذلها مع بعض زملائه كالنائب أحمد الفضل لتغيير هوية المجلس من دينية قمعية إلى مدنيّة تصون الحريّات.
في الختام، أتمنى أن يتواصل تطور مفهوم الطائفية في المجتمع إلى أن يعي طائفية حلفاء الطائفيين، ويدرك دورهم في تحصين الطائفيين ومظاهر الطائفية... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي