أكد ضرورة تجنب اختزال العمل السياسي بالبرلماني
الديين: الصيغة الدستورية والمنظومة السياسية قاصرتان عن تلبية متطلبات تطوّر المجتمع
- الديموقراطية لا تقتصر على الجانب السياسي ولا بد أن تكون بجانبها ديموقراطية اقتصادية
- قوى الحلف الرأسمالي المسيطر لا مصلحة لها في التطور الديموقراطي
- الاقتصاد الريعي والدولة الريعية لديهما درجة أعلى من الاستقلال عن المجتمع
- ندافع عن مكتسبات ديموقراطية في دستور 62 ممن يريد انتقاصها
- مجلس الأمة ليس منتخباً بالكامل فثمة 15 لم ينتخبهم الشعب هم أكبر كتلة متماسكة
- نظامنا الانتخابي يمنع وجود كتل نيابية كبيرة والعمل الانتخابي فردي
اعتبر الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين، أن الأزمة المتصلة بالعمل البرلماني في الكويت، ناجمة عن تناقض بين تنامي متطلبات تطور المجتمع الكويتي، والصيغة الدستورية والمنظومة السياسية القاصرة عن أن تلبي المتطلبات، بسبب تحكم المصالح الطبقية الضيقة للسلطة والحلف الطبقي المسيطر وعقلية المشيخة، وعدم استجابتها لمتطلبات التطور الديموقراطي بشكل عام.
وفي ندوة إلكترونية تحت عنوان «وقفة تحليلية نقدية حول أزمة العمل البرلماني في الكويت»، عبر حساب الحركة التقدمية في «تويتر» و«يوتيوب»، مساء أول من أمس، استعرض الديين مسار العمل البرلماني وتناقضاته ونواقصه وسلبياته والمعوقات التي اعترضته ومتطلبات الاصلاح والتصحيح، وصولاً إلى النظام الديموقراطي البرلماني مكتمل الأركان.
وعن كيفية حل التناقض الذي يعتبر سبب الأزمة، رأى الديين أن «التناقض لن يحل إلا إذا حدث إصلاح وتغيير ديموقراطي، وصولاً إلى نظام ديموقراطي برلماني مكتمل الأركان».
واستعرض الديين بدايات تشكل البرلمانات في العالم. ورد على الاختزالات الخاطئة في الفكر السياسي او الممارسة الديموقراطية، مثل ان الانتخابات هي الديموقراطية، مؤكداً أن الديموقراطية ليست مجرد بقعة تحت قبة البرلمان وليست مجرد صندوق انتخابات، إنما تعني أن تكون هناك حقوق وحريات مكفولة، مبيناً أنها أشمل من أن تنحصر في الانتخابات والبرلمان، إذ إن في كثير من النظم الديكتاتورية انتخابات برلمانية، وذلك لايعني أنها ديموقراطية.
وأضاف «كتقدميين ويساريين واشتراكيين، الديموقراطية لا تقتصر على الجانب السياسي، إذ لا بد أن تكون بجانبها ديموقراطية اقتصادية».
وأكد ضرورة تجنب اختزال العمل السياسي بالعمل البرلماني، وذلك من دون تقليل لأهميته، لكن في كثير من البلدان بما فيها الكويت يختزل العمل السياسي بالعمل البرلماني.
واستعرض الديين أشكال المجالس التي مرت على الكويت، ولفت إلى أن مجلس الشورى عام 1921 صار بسبب تنامي معارضة التجار للانفراد بالسلطة، مبيناً أنه «لم يكن منتخباً واهتم بتنظيم مالية الامارة، وهو تحلل ولم ينحل ثم عدنا للحكم الفردي».
وأضاف أن «مجلس 1938 كان يهدف إلى ضمان مشاركة التجار في إدارة الامارة وتحول إلى دولة حديثة بالارتباط إلى نزعة الاستقلال الوطني، كما كان يدير البلد وشكل عملياً ادارة تنفيذية للبلد، ووضع اساس دستور لم يتم اقراره»، مبيناً أن «المجلس انتهى بأحداث دامية وسقط شهداء بعد تبدل موازين القوى، خصوصاً موقف الانكليز وتبدله».
وأشار إلى أنه «في الخمسينيات صارت حالة انفراج مع مجيء الشيخ عبدالله السالم إلى سدة الامارة، وكذلك بسبب أن العالم بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ حركات تحررية قوية وسقط النظام الاستعماري العالمي، وبالوقت نفسه نمت حركات تحررية عربية، كما أن البرجوازية الكويتية بدأت تنشأ أكثر وتطالب بالتحديث والتناقض مع الأرستقراطية الحاكمة وتطالب بالمشاركة الشعبية».
ورأى أن تطور المجالس والصراع حولها، والتمثيل الشعبي، هو العنصر الرئيسي في تاريخنا السياسي، ولا يمكن تفسير أوضاع المجلس وحالته، بمعزل عن الصراع السياسي ككل.
وعن الأسباب العميقة لتعطل التطور الديموقراطي وبقاء حال مجلس الأمة على الوضع الحالي، قال الديين إن «السبب الأول هي الطبيعة الطبقية للسلطة، وعقليتها وهي المشيخة، بالإضافة إلى المصالح الطبقية الضيقة لقوى الحلف الرأسمالي الطفيلي المسيطر، وهذه ليس لها مصلحة في التطور الديموقراطي، بل مصلحتها في اعاقة التطور الديموقراطي».
وتابع: «الأمر الآخر، أن اقتصادنا ريعي، وبالتالي فإن الدولة الريعية لديها درجة أعلى من الاستقلال تجاه المجتمع، وهذا ما بدا واضحاً منذ السبعينيات وحتى الآن».
وبيّن أن هناك عوامل أخرى في تعطيل التطور الديموقراطي، ومنها الموقف الدفاعي عن دستور 1962، مبيناً أن «هذا دستور حد أدنى وليس دستوراً ديموقراطياً، ولكن فيه مكتسبات ديموقراطية، ونحن ندافع عنها أمام السلطة التي تريد الانتقاص من هذه المكتسبات وتنقح الدستور، وكذلك القوى الدينية عندما جاءت بمشروعها في اقامة الدولة الدينية لتنقيح المادة 2 أو المادة 79 من الدستور، فهي تريد الغاء الطابع المدني للدولة».
وحول أبرز العيوب والنواقص البنيوية، التي تعاني منها المنظومتان الدستورية والسياسية، بما فيها البرلمانية في الكويت، أشار الديين إلى أن «مجلس الأمة ليس منتخباً بالكامل، إذ يتم انتخاب 50 نائباً، لكنه يتكون من 65 عضواً منهم 15 لم ينتخبهم الشعب، وهم أكبر كتلة متماسكة، كما أن الضمانات مبالغ فيها للحكومة ورئيسها، تجاه طرح الثقة، إلا عبر الاستجواب، ورئيس الوزراء يكون عبر إعلان عدم تعاون، وهذا يتطلب احتمال حل المجلس، إلى جانب غياب أي آلية لتداول المناصب السياسية، وغياب حياة حزبية منظمة، إذ إن العمل الانتخابي فردي والترشيح عمل فردي والنواب أفراد، وهذا أضعف تطور العمل السياسي، كما أن نظامنا الانتخابي صمم لمنع وجود كتل نيابية كبيرة».
«نتمنى السلامة لسمو الأمير»
رد الديين على سؤال في شأن الأمر الأميري بالاستعانة بسمو ولي العهد، لممارسة بعض اختصاصات صاحب السمو موقتاً، وقال «نتمنى السلامة لسمو الأمير، وهذا الاجراء تم في إطار تطبيق الدستور وتحديداً قانون توارث الامارة بصفة دستورية، وهو قانون وضع ليكون ذا طبيعة دستورية، قانون رقم 4 لسنة 1964 بشأن أحكام توارث الامارة».
قوانين تحتاج إصلاحاً
اعتبر الديين أن هناك حاجة لإصلاح قوانين، مثل:
- إلغاء الصوت الواحد المجزوء.
- وضع سقف أعلى للانفاق الانتخابي.
- إلغاء القيود الاستثنائية على حق الترشيح.
- إشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية
مواد جديرة بالتنقيح
- المادة 80، بحيث تقتصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين فقط.
- المادة 98، بحيث تقدم الوزارة فور تشكيلها برنامجها لمجلس الامة، لتنال الثقة على أساسه.
- المادتان 101 و102 بإلغاء الحصانة المبالغ فيها للحكومة ورئيسها تجاه الاستجوابات.
- المادة 116 او تعديل اللائحة الداخلية.
الصوت الواحد عبث مستمر
تطرق الديين إلى النظام الانتخابي، معتبراً أن «نظام الصوت الواحد المجزوء ليس العبث الأول بل هناك عبث مستمر».
وتابع «نظام عشر دوائر ليس النظام الامثل، والتفتيت الثاني قبيل عودة الحياة النيابية، لتقسيم الكويت إلى 25 دائرة صغيرة تخرج اثنين ومفصلة بشكل معين وتحرك بالمطالبة في تصحيح هذا الوضع عام 2006، لكن السلطة عادت وعبثت في النظام الانتخابي في عام 2012».