«لا دليل قاطعاً حتى الآن... والكثير من الدراسات غير مُحكم»
بهبهاني لـ «الراي»: إجراءات أكثر تشدداً في حال ثبوت انتقال «كورونا» عبر الهواء
رسالة العلماء أحدثت ضجة أكبر من اللازم وسبّبت مخاوف قد تكون غير مبررة
بعض العلماء الموقعين على الرسالة مهندسون... والتجارب الفيزيائية قد لا تتفق مع الواقع العملي
الإجراءات المشددة المحتملة قد تشمل منع التجمعات الكبرى وستكون داخل وخارج المستشفيات
إرشادات وزارة الصحة كافية لكسر سلسلة انتشار الفيروس لو تم الالتزام بها من قبل الجميع
فيما تستعد منظمة الصحة العالمية لتحديث الإرشادات والاشتراطات الصحية في حال ثبوت انتقال فيروس «كورونا» المستجد عبر الهواء، بناء على رسالة موجهة إليها من 239 عالماً في 23 دولة، أكد طبيب الصحة الوقائية بمركز عبدالرحمن عبدالله الزيد الصحي، الدكتور عبدالله بهبهاني أن ثبوت انتقال الفيروس عبر الهواء يعني اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لا يوجد حتى الآن دليل قاطع على أن الفيروس ينتقل عبر الهواء أو الهباء في الغرف والأماكن العامة.
وأوضح بهبهاني لـ«الراي» أن «طرق الانتقال التنفسية المؤكدة من شخص لآخر هي عن طريق القطيرات التنفسية المحملة بالفيروس والهباء الناتج عن بعض الإجراءات الطبية المعينة كمنظار القصبة الهوائية والانعاش القلبي الرئوي»، مشيراً إلى أن «تلك الإجراءات تعرف باسم Aerosol Generating Procedures (APG)، ولذلك يجب أن يرتدي أفراد الطاقم الطبي كمام N95 التنفسي عند القيام بها».
ولفت إلى أن «منظمة الصحة العالمية تقوم بمراجعة منهجية للدراسات في شأن هذا الأمر، وهي كثيرة والعديد منها غير محكم ويحتاج إلى مراجعة الأقران «Peer review»، مشيراً إلى أن «المنظمة مهتمة بالبحث في شأن طرق انتقال الفيروس المختلفة».
وأكد أن «من الضروري وجود تحليل تلوي Meta-analysis والذي يتضمن تطبيق الطرق الإحصائية على نتائج دراسات عدة قد تتفق أو تتعارض في النتائج والخلاصات»، معتبراً أن «رسالة العلماء الموجهة إلى منظمة الصحة رغم أهميتها، إلّا أنها أحدثت ضجة أكبر من اللازم، كما أن تعاطي الإعلام معها سبّب مخاوف قد تكون غير مبررة».
وأوضح بهبهاني أن «بعض العلماء الذين وقّعوا الرسالة هم مهندسون، وأن التجارب الفيزيائية في ظروف مخبرية معينة قد لا تتفق بالضرورة مع ما يحدث في الواقع العملي، وأن استنباط النتائج وتغيير البروتوكلات لا يكون معتمداً عليها فقط»، مؤكداً ضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمام وتعقيم اليدين والاهتمام بالتهوية الجيدة وتجنب الاكتظاظ خاصة في الأماكن المغلقة.
وكشف أنه «في حال ثبوت انتقال المرض عبر الهواء، فإن ذلك قد يعني اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً داخل وخارج المستشفيات، خاصة في لبس كمامات N95 ومنع التجمعات الكبرى»، مشيراً إلى أن «إرشادات وزارة الصحة كافية لكسر سلسلة انتشار الفيروس وخفض حجم الإصابات بشكل كبير في ما لو تم الالتزام بها من قبل الجميع».
وكان 239 عالماً من 23 دولة وجهوا رسالة إلى منظمة الصحة طالبوها فيها بضرورة تحديث إرشاداتها، في ظل وجود أدلة على أن انتقال العدوى بـ«كورونا» قد تحدث عبر استنشاق جسيمات الهواء التي تحمل الفيروس.
وأعلنت المنظمة، تعقيباً على الرسالة، أنها «ستنشر ملخصاً علميا يوضح حالة المعرفة في شأن طرق انتقال الفيروس» في الأيام القليلة المقبلة.
وقالت المسؤولة في المنظمة بينيديتا أليغرانزي «نقرّ بأن أدلة تظهر في هذا المجال وبالتالي يجب أن نكون منفتحين لهذا الاحتمال وأن نفهم انعكاساته... لا يمكن استبعاد احتمال انتقال (الفيروس) عن طريق الجوّ في الأماكن العامة المزدحمة بشكل خاص. يجب أن يتمّ جمع الأدلة وتفسيرها».
من جهته، قال الكيميائي في جامعة كولورادو خوسيه خيمينيز، وهو أحد الموقعين على الورقة، «أردنا منهم الاعتراف بالأدلة، وهذا بالتأكيد ليس هجوماً على منظمة الصحة العالمية، بل حوار علمي».
عالم في «منظمة الصحة»: لن نجد مطلقاً مصدر الوباء!
حذر علماء من احتمال عدم التوصل إلى مصدر جائحة «كورونا» أبداً، وسط مزاعم بأن الفيروس لم ينشأ في الصين.
ومن المتوقع أن يقوم فريق من خبراء منظمة الصحة العالمية باستجواب مسؤولي الصحة الصينيين في الأيام المقبلة بشأن مصدر الفيروس، لكن أستاذ علم الأوبئة ديفيد هيمان، الذي سيقود المهمة، حذر من أنه «قد لا يكون من الممكن» تحديد المصدر الدقيق بعد ستة أشهر.
وقال هيمان: «ربما لن نحصل على هذا المصدر من الدراسات الحشدية الرجعية (وهي دراسة تجري فيها مقارنة حشد من الأشخاص الذين يشتركون بتعرضهم لعامل ما مع مجموعة أخرى من الأشخاص المكافئين لهم والذين لم يتعرضوا لهذا العامل، وذلك بغرض تحديد تأثير العامل على حدوث حالة ما مثل الإصابة بمرض أو حدوث وفاة)».
وتابع: «لكن قد نحصل على ذلك من الدراسات للمضي قدماً، إذا كان لدينا جدول أعمال الدراسة الصحيح. وهذه الفرضيات ستخدم البحث المستقبلي من خلال تحديد ما نريد النظر إليه عن كثب».
ويأتي ذلك بعد قول أحد كبار أساتذة جامعة أكسفورد الدكتور توم جيفرسون إن فيروس «كورونا» ربما لم يبدأ في مدينة ووهان بالصين، وأنه نشأ بالفعل في جميع أنحاء العالم بفضل الظروف البيئية.
وقال جيفرسون، الأستاذ المشارك الأول في مركز الطب القائم على الأدلة (CEBM)، في تصريح لصحيفة «ذي تلغراف» البريطانية: «نحن بحاجة إلى البدء في البحث في بيئة الفيروس، وفهم كيفية نشأته وتحوله... أعتقد أن الفيروس كان موجوداً بالفعل هنا، وهذا يعني في كل مكان. ربما نشهد فيروساً خاملاً تم تنشيطه بسبب الظروف البيئية».