ميَّز الله تعالى الإنسان بالعقل والفهم، ودعتنا شريعتنا إلى الفكر وإعمال العقل، والبعد عن التقليد، فيحسن الإنسان في القول والعمل دون أن ينظر إلى الناس أأحسنوا، أم أساؤوا! ويكون قوي الشخصية متبوعاً وليس تابعاً، كما في حكاية القروي التي يُضرب بها المثل، الذي كان يمتلك مجموعة من الخيول يدربها يومياً في مزرعته، ولديه بقرة اسمها شقرا، عندما يفتح الإسطبل تطلق الخيول ساقيها للريح، وتتبعها البقرة رافعة ذيلها كأنها واحدة من الخيول، ومع تكرر المشهد أطلق القروي كلمته: مع الخيل يا شقرا... وصار مثلاً يشير إلى من ينساق خلف جماعة لا رأي له ولا استقلال، فهو إمعة مقلد للغير، متردد لا يثبت على شيء، وكل ما يهمه هو اتباع وجهتهم، والسير وراءهم بلا تفكير.
ومن أسباب التقليد الأعمى التربية الخاطئة للأبناء، فبدلاً من تربية الأجيال على الثقة بالنفس وقوة الشخصية، تربى الأجيال على التقليد والاتباع... من الطبيعي أن يقلد الإنسان من حوله في معظم الحركات والعادات في طفولته وبداية حياته، ولكنه عندما يبلغ ويعقل يفكر ويختار باتزان، وهو بحاجة إلى من يحفزه ويعلمه الطريق السليم... فالحياة تريد الإنسان الفطن المتميز بعقله، المتبع للحق ولو كان وحده... وليس المقلد للغير، الفاقد لشخصيته، الذي لا ينفع نفسه ولا ينفع مجتمعه، وما تخلّف شباب المجتمع إلا لأنهم ابتعدوا عن العلم والبحث وتفعيل الفكر وساروا في طريق مظلم، ولم يلتفتوا إلى المبادئ والقيم التي وصى بها ديننا الحنيف، قد يمشي الشاب خلف الجهلاء، كإقبال الشباب على عمليات التجميل تقليداً للغرب والمشاهير كتغيير ملامح الوجه والأنف والشفتين، ومن يقلد صحبته في كل صغيرة وكبيرة من دون أن يميز الخطأ من الصواب، وقد يصدق الشاب الذين يدّعون العلم، الذين يظهرون كل يوم بمذهب جديد وأفكار متناقضة، أو الملحد ومن ينشر الأفكار المنحرفة فيتبعه الآخرون من دون تفكير... والأمثلة كثيرة على ذلك، ومنتشرة بين الناس خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي، يتأثر ويُعجب بهم الكثير حتى يصبح نسخة منه في الفكر والشكل والأسلوب، على الإنسان أن يتعلم ويكون ذا عزيمة واستقلالية في الذات، بعيداً عن التبعية والإمعية، يتخذه الآخرون قدوة لهم.
[email protected]
aaalsenan @