يمسك بـ «خاصّتيْن» لا يتمتع بهما آخَر

علي حسن خليل يصوّب الأرقام و... البوصلة

u0639u0644u064a u062du0633u0646 u062eu0644u064au0644
علي حسن خليل
تصغير
تكبير

أحدثت المواقف اللافتة التي أعلنها أخيراً وزير المال السابق، المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، النائب علي حسن خليل أصداء واسعة في بيروت، التي تعاني واحدة من أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأكثرها خطراً على الكيان والناس، على الصيغة والنموذج، منذ ولادة لبنان الكبير قبل نحو مئة عام.
بـ«كلام واضح» يُعْلي الجرأةَ ويتمرّد على الشعبوية، وبـ«صمت» يشي أحياناً أن في «فمه ماء»، أطلّ علي حسن خليل مع الزميل مارسيل غانم في برنامجه «صار الوقت»، ربما لأنه صار ملحاً وقتُ تصويبِ الموقف والأرقام والخيارات وعموم البوصلة لحماية المركب اللبناني من الجنوح والغرق.
وما جعل لمقارباتِ النائب خليل، المالية والوطنية، وقْعاً مؤثّراً وسط الضجيج اللبناني والصراخ في الشارع وعلى المنابر، أنه يُمْسِكُ بـ«خاصّتين» لا يتمتع بهما آخَر... فهو وزير المال الذي غادَرَ «الحقيبة» من دون أن يغادر أرقامها وكلَّ «شاردةٍ وواردةٍ» في أحوال مالية الدولة المُنْهَكة وما لها وما عليها، وهو ظِل الرئيس ـ المايسترو نبيه بري، ابنُ التجربة اللبنانبة بأفقها العربي الواسع وصمّام أمانها الآن، وفي كل زمانٍ، هي التي يراد تهشيمَها وتهميشَها ونهْشَها.


فرغم أن بري عارَضَ وصول الجنرال ميشال عون إلى الرئاسة على «أكتاف» شريكه في «الثنائية الشيعية» أي «حزب الله»، وقادَ يومها معركةَ «الأوراق البيض»، فإنه يلعب الآن دور «مانعة الصواعق»، وهو ما عبّر عنه خليل بقوله «إن الرئيس بري عاشِق المصالحات». وربما ليس أدل على ذلك من دوره في محاولة إنضاج ظروف الحوار الذي يعتزم الرئيس عون رعايته في القصر الجمهوري في 25 مايو الجاري.
وكشف خليل عن أن «الرئيس عون اتصل بالرئيس بري وطرح فكرة الحوار في بعبدا (القصر الجمهوري)»، لافتاً إلى «أن مساهمة الرئيس بري في هذه الدعوة مع الكتل النيابية تحقق مناخاً أفضل يساعد على الوصول إلى نتائج»، ومشيراً الى أن للرئيس بري «دوراً وطنياً قوياً وملتزماً، وهو يدعو للحوار السريع في كل المراحل والمحطات التي يتعرّض لها الوطن للضغوط».
وأظهر وزير المال السابق في الحوار التلفزيوني، الذي دار بلا قفازات، درايةً عميقةً بالملفات المطروحة، فأخذ على حكومة الرئيس حسان دياب تسرُّعها، وربما لأسباب مختلفة منها أهواء بعض المستشارين، في تقديم أرقام خاطئة في حوارها مع صندوق النقد الدولي يعمل البرلمان على تصحيحها، داعياً الى ضرورة إطلالة لبنان بموقف موحّد لمخاطبة الآخَرين.
ورغم الثغرة التي لا يستهان بها بالنسبة إلى أرقام الحكومة، فإن المسألة الأهمّ والجوهرية، في نظر وزير المال السابق هي الإصلاحات التي لم تتم مقاربتها بالطريقة الصحيحة وستترك نتائج غير مشجعة في الحوار مع صندوق النقد، وخصوصاً في مسألتي الكهرباء والقضاء في اللحظة «التي تحتاج الدولة إلى استعادة ثقة الناس بها ويحتاج لبنان لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بالتزاماته».
وأخذ خليل على الحكومة، التي لم يشاطر رئيسَها الكلام عن انقلابٍ أحبطتْه عبر الاحتجاجات في وسط بيروت، أنها تمارس سياسةً دأبت على انتقادها، فـ«الاتهامات الأساسية للسياسات السابقة تقوم على انتقاد تثبيت سعر الصرف والاستدانة من الخارج، وإصدار سندات خزينة لتمويل الدولة، وهو ما تفعله الحكومة الآن تماماً»، مشيراً إلى «أن كل ليرة تصرفها الآن يجري استدانتها».
ورأى أن الضغط على مصرف لبنان للتدخل في السوق ولجْم ارتفاع سعر صرف الدولار «أمر صعب، فهذه السياسة لا يمكن أن تستقيم على المستوييْن المتوسط والبعيد»، داعياً إلى «عدم التسليم بالموجة الشعبوية التي صار الجميع أسراها»، مذكّراً بمواقف على شكل «جرس الإنذار» أطلقها يوم كان وزيراً للمال وشُنت في ضوئها حملات قاسية عليها.
وبلهجةٍ فيها الكثير من الوجدانية، تحدث الوزير خليل بلهفة عن بيروت، «أم الشرائع» ومدينة التنوع وعاصمة العيش المشترك، وقال: «المُعْتَدون على الممتلكات في وسط بيروت يجب أن يُحاسَبوا. نحن حريصون على عدم تعرض بيروت أو غيرها من المدن لتخريب الغوغائيين، كما أن أي تقييد للحريات هو ضرب لروح البلد».
وأضاف: «نحن حريصون على السلم الأهلي وعدم تعريض بيروت لفوضويين تصرفوا بطريقة لا تعكس أي قرار لدى حزب الله وحركة أمل، وقمنا بالتنسيق مع القوى الأمنية للمساعدة (...) وهناك مبالغة في تصوير الأمور على أن حزب الله يحرك البلد كما يشاء. إن رئيس الحكومة والحكومة كلاهما مغطى من قوى أساسية منها التيار الحر وحزب الله وحركة أمل، وهذه الحكومة أخذت ثقتها من البرلمان المنتخب، وهي حكما ستتأثر بسياسة هذه القوى».
وقدّم خليل مقاربة واقعية لسبل التعاطي مع «قانون قيصر» وتداعياته، فقال «إن الحكومة اللبنانية معنية بطلب استثناءات في (قانون قيصر) والعمل على تجنب العواقب. والعلاقة الجغرافية للبنان مع سورية ضرورة للبنان أكثر مما هي ضرورة لسورية بالتواصل مع العالم العربي، ومصلحتنا أن نجد صيغة تعاون جدية وواقعية مع سورية وإلا نحن أمام حصار خانق».
وإذ حضّ الحكومة على الاقتداء بما يفعله العراق وتركيا للحدّ من تداعيات القانون، رأى أن «لا مناص من التمسك بالاقتصاد الحر والانفتاح على الشركاء في الغرب من دون أن يعني ذلك عدم السعي لتوسيع مروحة تعاون لبنان مع الدول الأخرى في الشرق أو في أي مكان آخَر».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي