قراءة / صاحب أول رواية كويتية / عبدالله خلف تحدث عن «العاشقين العرب لبنات أعمامهم»
غلاف الكتاب
عبدالله خلف
| بقلم - فيصل السعد |
عبدالله خلف هو صاحب اول رواية كويتية صدرت عن دار - الكاشف - في بيروت عام 1962، وله كتب عديدة مطبوعة مثل: الشعر ديوان العرب، الشعراء الصعاليك، وقد طبعه في المكتب العربي للطباعة، الاسكندرية عام 1987. وفي المكتب ذاته تمت طباعة كتاب «اللهجة الكويتية بين اللغة والادب»، اما الجزء الثاني لهذا الكتاب، القيّم فقد طبع في الكويت مطبعة الخط عام 1989.
وهناك كتب عديدة اصدرها الكاتب ليؤكد اهتماماته الادبية والسياسية التي كلها أكدت حبّه لتراب الكويت وعشقه لبحرها.
قبل ايام اصدر كتابا جديدا يحمل عنوانا غريبا «العاشقون العرب ... لبنات اعمامهم»
هذا العنوان دفعني إلى مراجعة ذهنية لبعض قراء اليّ، فتذكرت: عنترة والمجنون والعديد من الشعراء العذريين وعشاقا عديدين لبنات اعمامهم. وقلة الذين توفقوا بالحصول عليهن، اما الاخرون فكان مصيرهم الموت، سواء قتلا ام انتحارا بطيئا.
وخلف لم يبدأ بكتابه الايجابي هذا الا بعد ان جمع حقائق من خلال 46 كتابا تراثيا قرأها وكانت تبحث في الموضوع ذاته الذي اختاره لكتابه الذي نوى تأليفه.
يذكر الكاتب في تقديمه شعر العباس بن الاحنف:
ويح المحبين ما اشقى حدودهم
ان كان مثل الذي بي للمحبينا
يشقون في هذه الدنيا بعشقهم
لا يدركونا بها دنيا ولا دينا
العذريّون أرقّ قلبا
ويذكر ان عروة بن الزبيد قال لاحد العذريين: انكم ارقّ الناس قلوبا. فأجابه قائلا: نعم لقد تركت ثلاثين شابا خامرهم السل وما بهم داء الا الحب.
واستعرض الكاتب في مقدمته حياة المحبين، وكيف كانت تعاني من الاهل والاقارب وكل من له صلة بهذه الدائرة التي يحاول اصحابها ابعاد خطاهم عما يلامون عليه. واول هذه الامور هو الحب. ولو سألهم احد العشاق: لماذا؟! لعجزوا عن ايجاد جواب، لان الاسباب تكون عادة واهية ولا تستأهل رفض حبيب يقتله الحب. بل لابد من تشجيعه ليكون اكثر قربا من العائلة.
وأكد عبدالله خلف في نهاية مقدمته: «تحتار العقول في امر منْ يتوغل في حبه، ويعرف انه مقدم على الهلاك فيقبل ذلك من سهر وتعذيب إلى الموت. وقد بحث في ذلك الفلاسفة وعلماء النفس والطب ولم يصل احد منهم إلى حل».
اكد ابن حزم ان الحب اوله هزل واخره جد، لا يوصف، ولابد من معاناته، والدين لا ينكره والشريعة لا تمنعه، إذ القلوب بيد الله عز وجل. وقد احب من الخلفاء والائمة الراشدين كثير، وقال صاحب طوق الحمامة في الحب:
ودادي لك الباقي على الحب كونه
تناهى فلم ينقص بشيء ولم يزدْ
وليس له غير الارادة علّةٌ
ولا سبب ما شاه يعلمه احد
إذا ما وجدت الشيء علّة نفسه
فذاك وجود ليس يفنى إلى الابد
ولو عدنا إلى الكتب التي تتحدث عن الحب لو جدناها في «طوق الحمامة» لان ابن حزم الاندلسي هو الحب ذاته.
هذا الكتاب يعتمد على الشعر وما جاء فيه من قصص، وكما قال الدكتور طه حسين في هذا الكتاب ان ابن حزم اعتمد على مهارته الفنية ولم يعمل، كما عمل غيره من جمع القصائد واعتبر كل من الاستاذ علي الادهم والدكتور شوقي ضيف انه نوع من انواع السير الذاتية.
عشق بنات الأعمام
وأكد الكاتب ان ابن الجوزي اهتم بدراسة الحب ثلاث فئات، كما ذكرها الاستاذ يوسف الشاروني في كتابه «الحب والصداقة» في شعرهم ونثرهم وقصصهم. كذلك عنى به المتصوفة.
هذا الكتاب يعتمد على الحب.
وعرض ابن الجوزي لمواضيع الصداقة والحب والعشق والزواج في كتاب اخر هو «صيد الخاطر»، وهو مجموعة من الخواطر في مواضيع شتى.
اما الفصل الاخير والذي احتوى اكثر من نصف الكتاب فتحدث فيه الكاتب بشكل مفصل عن كل شاعر وحبيبته. فتناول: عروة بن حزام وليلى الاخيلية، وابو البلاء وابنة عمه سلمى، وفتى ابن عامر، وسعاد وابن عمها، وابن عوف وابنة عمه، واسماء بنت فلان بن مسافر، وعنترة بن شداد.
وهناك القسم الاخير من الكتاب تحدث فيه الكاتب عن حكايات ومعاناة العشاق الذين فارقوا من يعشقون وما عاد بوسعهم الحديث عنهن لان الحديث المسموع له صدى مغرٍ.
عبدالله خلف قال عن عنترة بن شداد انه من بني عبس ابناء عم بني ذيبان وخصومهم في وقت واحد اما ... امه فجارية حبشية اسمها «زبيبة» فهو من اجل ذلك هجين اي مختلط النسب، وبسبب لونه لم يلحقه ابوه بنسب «بني عبس»، ولكنه نشأ في الصحراء بطّاشا شديدا وفارسا قويا.
بعد ذلك استعرض الكاتب العديد من الشعراء وبشكل خاص العذريون ليعطي صورة حقيقية لصدق العشق القديم والخوف من تدنيسه.
خاتمة
هذه المواضيع بحاجة إلى عقل متفتح يؤكد انه تابع إلى قلم يجيد الابداع والاتيان بالجديد، الذي من شأنه ان يقدم خدمة للجميع.
الكاتب لم يذكر حكايات عشقية مغايرة تنتمي إلى الحاضر، وكأنه اراد ان ينبهنا - نحن ابناء اليوم - بان سلوكنا يختلف عن سلوك اهل الماضي فقد كانوا هم الاكثر ابداعا في الاخلاق والحرب والسلم والاخلاص.
نحن اليوم لا ندري من اين نحصل على سلوكنا الايجابي، لذلك فإن هكذا كتب من شأنها ان تترك اثرها الايجابي في الاذهان.
عبدالله خلف هو صاحب اول رواية كويتية صدرت عن دار - الكاشف - في بيروت عام 1962، وله كتب عديدة مطبوعة مثل: الشعر ديوان العرب، الشعراء الصعاليك، وقد طبعه في المكتب العربي للطباعة، الاسكندرية عام 1987. وفي المكتب ذاته تمت طباعة كتاب «اللهجة الكويتية بين اللغة والادب»، اما الجزء الثاني لهذا الكتاب، القيّم فقد طبع في الكويت مطبعة الخط عام 1989.
وهناك كتب عديدة اصدرها الكاتب ليؤكد اهتماماته الادبية والسياسية التي كلها أكدت حبّه لتراب الكويت وعشقه لبحرها.
قبل ايام اصدر كتابا جديدا يحمل عنوانا غريبا «العاشقون العرب ... لبنات اعمامهم»
هذا العنوان دفعني إلى مراجعة ذهنية لبعض قراء اليّ، فتذكرت: عنترة والمجنون والعديد من الشعراء العذريين وعشاقا عديدين لبنات اعمامهم. وقلة الذين توفقوا بالحصول عليهن، اما الاخرون فكان مصيرهم الموت، سواء قتلا ام انتحارا بطيئا.
وخلف لم يبدأ بكتابه الايجابي هذا الا بعد ان جمع حقائق من خلال 46 كتابا تراثيا قرأها وكانت تبحث في الموضوع ذاته الذي اختاره لكتابه الذي نوى تأليفه.
يذكر الكاتب في تقديمه شعر العباس بن الاحنف:
ويح المحبين ما اشقى حدودهم
ان كان مثل الذي بي للمحبينا
يشقون في هذه الدنيا بعشقهم
لا يدركونا بها دنيا ولا دينا
العذريّون أرقّ قلبا
ويذكر ان عروة بن الزبيد قال لاحد العذريين: انكم ارقّ الناس قلوبا. فأجابه قائلا: نعم لقد تركت ثلاثين شابا خامرهم السل وما بهم داء الا الحب.
واستعرض الكاتب في مقدمته حياة المحبين، وكيف كانت تعاني من الاهل والاقارب وكل من له صلة بهذه الدائرة التي يحاول اصحابها ابعاد خطاهم عما يلامون عليه. واول هذه الامور هو الحب. ولو سألهم احد العشاق: لماذا؟! لعجزوا عن ايجاد جواب، لان الاسباب تكون عادة واهية ولا تستأهل رفض حبيب يقتله الحب. بل لابد من تشجيعه ليكون اكثر قربا من العائلة.
وأكد عبدالله خلف في نهاية مقدمته: «تحتار العقول في امر منْ يتوغل في حبه، ويعرف انه مقدم على الهلاك فيقبل ذلك من سهر وتعذيب إلى الموت. وقد بحث في ذلك الفلاسفة وعلماء النفس والطب ولم يصل احد منهم إلى حل».
اكد ابن حزم ان الحب اوله هزل واخره جد، لا يوصف، ولابد من معاناته، والدين لا ينكره والشريعة لا تمنعه، إذ القلوب بيد الله عز وجل. وقد احب من الخلفاء والائمة الراشدين كثير، وقال صاحب طوق الحمامة في الحب:
ودادي لك الباقي على الحب كونه
تناهى فلم ينقص بشيء ولم يزدْ
وليس له غير الارادة علّةٌ
ولا سبب ما شاه يعلمه احد
إذا ما وجدت الشيء علّة نفسه
فذاك وجود ليس يفنى إلى الابد
ولو عدنا إلى الكتب التي تتحدث عن الحب لو جدناها في «طوق الحمامة» لان ابن حزم الاندلسي هو الحب ذاته.
هذا الكتاب يعتمد على الشعر وما جاء فيه من قصص، وكما قال الدكتور طه حسين في هذا الكتاب ان ابن حزم اعتمد على مهارته الفنية ولم يعمل، كما عمل غيره من جمع القصائد واعتبر كل من الاستاذ علي الادهم والدكتور شوقي ضيف انه نوع من انواع السير الذاتية.
عشق بنات الأعمام
وأكد الكاتب ان ابن الجوزي اهتم بدراسة الحب ثلاث فئات، كما ذكرها الاستاذ يوسف الشاروني في كتابه «الحب والصداقة» في شعرهم ونثرهم وقصصهم. كذلك عنى به المتصوفة.
هذا الكتاب يعتمد على الحب.
وعرض ابن الجوزي لمواضيع الصداقة والحب والعشق والزواج في كتاب اخر هو «صيد الخاطر»، وهو مجموعة من الخواطر في مواضيع شتى.
اما الفصل الاخير والذي احتوى اكثر من نصف الكتاب فتحدث فيه الكاتب بشكل مفصل عن كل شاعر وحبيبته. فتناول: عروة بن حزام وليلى الاخيلية، وابو البلاء وابنة عمه سلمى، وفتى ابن عامر، وسعاد وابن عمها، وابن عوف وابنة عمه، واسماء بنت فلان بن مسافر، وعنترة بن شداد.
وهناك القسم الاخير من الكتاب تحدث فيه الكاتب عن حكايات ومعاناة العشاق الذين فارقوا من يعشقون وما عاد بوسعهم الحديث عنهن لان الحديث المسموع له صدى مغرٍ.
عبدالله خلف قال عن عنترة بن شداد انه من بني عبس ابناء عم بني ذيبان وخصومهم في وقت واحد اما ... امه فجارية حبشية اسمها «زبيبة» فهو من اجل ذلك هجين اي مختلط النسب، وبسبب لونه لم يلحقه ابوه بنسب «بني عبس»، ولكنه نشأ في الصحراء بطّاشا شديدا وفارسا قويا.
بعد ذلك استعرض الكاتب العديد من الشعراء وبشكل خاص العذريون ليعطي صورة حقيقية لصدق العشق القديم والخوف من تدنيسه.
خاتمة
هذه المواضيع بحاجة إلى عقل متفتح يؤكد انه تابع إلى قلم يجيد الابداع والاتيان بالجديد، الذي من شأنه ان يقدم خدمة للجميع.
الكاتب لم يذكر حكايات عشقية مغايرة تنتمي إلى الحاضر، وكأنه اراد ان ينبهنا - نحن ابناء اليوم - بان سلوكنا يختلف عن سلوك اهل الماضي فقد كانوا هم الاكثر ابداعا في الاخلاق والحرب والسلم والاخلاص.
نحن اليوم لا ندري من اين نحصل على سلوكنا الايجابي، لذلك فإن هكذا كتب من شأنها ان تترك اثرها الايجابي في الاذهان.