في الفترة ما بين 1991 حتى 1995، وبعد أن انتهى عملي التطوعي مشرف عام لجنة البناء والتعمير في كلية الآداب، برئاسة الأستاذة الفاضلة ابتسام القعود، ومسؤول لجنة إنقاذ الحدائق والملاعب بكلية الآداب، برئاسة الدكتور عبدالوهاب الظفيري، وبطلب من الراحل الأستاذ الدكتور أحمد مختار عمر، رئيس قسم اللغة العربية، في إعادة إنشاء وتجهيز مكتبة القسم والإشراف عليها: نعم كنا نحن – الصامدين المتطوعين – في الصفوف الأمامية غير آبهين بما قد يكتنفنا من أخطار (خلفها الغزو العراقي ).
أثناء هذه الفترة عملت متطوعاً في حقل الصحافة تحت إشراف الأستاذة الفاضلة فاطمة النهام، في جريدة (الفجر الجديد)، كان نائب رئيس التحرير أستاذي ومعلمي الدكتور عبدالله الغزالي. كنت يومها أقوم بمقابلات شخصية لأسر شهداء الكويت الأبرار، ثم نقوم بنشرها في صفحة كاملة، تعرفت يومها على الأستاذ فيصل القناعي، في مكتبه، استقبلني استقبال الأخ الكبير لأخيه الصغير، كان بشوشاً جداً صاحب ابتسامة ونكتة خفيفة وعابرة، يتمتع برشاقة في رواية الأحداث، تحب الاستماع له وهو يتحدث بهدوء وبلغة الحكاية الجاذبة والمشوقة – ولاسيما – تلك الحكاية التي يقول فيها: «كان هناك رجل من الأهواز يعمل بائع خضار في (الفرضة القديمة)، هذا الرجل يدخن سجائر اللف، يولّع واحدة في الصباح بعود واحد من الكبريت، ثم بعد ذلك يولّع الثانية من عقب الأولى ويولّع الثالثة من عقب الثانية وهكذا دواليك حتى الظهيرة موعد الغداء، هذا الرجل يقول عنه الأستاذ فيصل القناعي عاش تسعين سنة».
الأستاذ فيصل القناعي لديه بديهة حاضرة في سرد المعلومات وتغليفها بذكاء، صاحب خبرة عميقة لا يتباهى بها؛ ولكنك تحسها في ثنايا حديثه الشجي، بعد مقابلات عدة وحضور ديوانية الثلاثاء في جمعية الصحافيين المكتظة بأصحاب المهنة، منهم من يجلس على الكراسي في ساحة الجمعية، ومنهم من يظل واقفاً ومتحلقاً حول الأستاذ فيصل القناعي، ومنهم من يدخل الجمعية لضيق المكان، هذا الحب، وهذه الألفة، وهذا التآخي النقي الصافي، كان غرساً طيباً يحسب لأخلاقيات وأسلوب وطريقة الأستاذ فيصل القناعي، أمين سر الجمعية، في التعامل مع الآخرين.