رأي قلمي

تحديدها تفوُّق ... وحلُّها براعة!

تصغير
تكبير

معظم الأسر العربية خصوصاً المسلمة منها، تربيتها ونظمها وأوضاعها العامة تشجع على الغموض وعلى الهروب نحو الأمام، وإلى جانب ذلك فإنها قلّما تملك الشجاعة على الاعتراف بأخطائها، وقليل منهم أولئك الذين يقدمون على تحمل المسؤولية عن تصرفاتهم، وهذا كله يجعل المجتمع يظهر بمظهر المعافى وهو يعاني من علل ومشكلات فتاكة.
إن وجود مشكلات في حياة الناس هو الأصل، وليس علامة مرض، فالعيش السهل والإحساس بأن كل شيء على ما يرام، قد يكون هو المدخل لتحلل الشخصية، على حين أن وجود المشكلات، ووجود بعض الظروف المعاكسة، يصلّب لدينا روح المقاومة، ويستخرج أفضل ما لدينا من طاقات كامنة، كما يصقل خبراتنا وينميها.
إن الاعتراف بأننا نعاني من وجود مشكلات معينة عامل أمان ضد تفجر المجتمع من الداخل، وضد الانهيار السريع الذي يمكن أن يحدث عند تجاهل ما يتراكم من أخطاء وخطايا.
صحيح أن الاعتراف بالحقيقة مُر في كثير من الأحيان، لكن لا يمكن السير في طريق الشفاء من دونه، والاعتراف بالمشكلة على ما هي عليه دون محاولة طمسها أو تشويهها أمّر من الاعتراف بها. إذا كان الناس لا يشعرون أنهم مرضى أو بحاجة إلى علاج، إذاً ما فائدة الأطباء والمستشفيات والأدوية. كثير من المشكلات التي تواجهنا أشبه بمرض السرطان في محورية مرحلة الكشف عنه في الشفاء منه، فكلما كان الاكتشاف مبكراً كان الأمل في الشفاء أكبر، ولذا فإن إهمال المشكلة لن يحلها، وإنما يجعل حلها يتجه نحو الأسوأ، كما يحل الموت مشكلة الأمراض المعضلة والمستعصية، قد نحتاج إلى بعض الوقت حتى نتقبل المشكلة ونفسح لها مكاناً في مشاعرنا واهتماماتنا وهذا طبيعي.
كثير من الناس ينتابهم شعور غامض بوجود مشكلة في حياتهم دون أن يتمكنوا من تحديدها، وعندما نتمكن من توصيف مشكلة على نحو جيد ممكن أن نستبشر بأنها مشكلة محلولة جزئياً. وعلينا هنا أن نحذر من أن نفكر في تحديد مشكلاتنا ونحن في حالة من الخوف أو الاكتئاب، حيث ذلك يجعل المشكلة تبدو كبيرة ومعقدة، على حين أن النظر إليها ونحن في حالة ثقة وتفاؤل وراحة من الضغوط يجعلها تبدو أصغر، وستصغر أكثر فأكثر عندما نبدأ بمواجهتها.
ومما يساعد على تحديد المشكلة أن يتحدث صاحبها إلى من يثق به ويعرفه معرفة جيدة، فالأصدقاء القريبون جداً يشكلون انطباعات واضحة عن أصدقائهم في العادة، وتلك الانطباعات ستلقي المزيد من الضوء على المشكلات التي يعانون منها.
لنجعل من المشكلات والأزمات نقاط انطلاق جديدة، ولنكتشف من خلالها قدراتنا الكامنة، ولنجدد من خلالها أساليب عيشنا ووسائل إنتاجنا، وبذلك تصبح المحنة منحة، وننجح في الابتلاء.

‏M.alwohaib@gmail.com
‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي