مدى قانونية قرار «هيئة الأسواق»
كي نصل إلى مدى قانونية قرار هيئة أسواق المال الصادر أمس في شأن إلغاء تداولات جلسة الأربعاء، وهل ما قامت به الهيئة يتوافق مع قانون إنشائها من عدمه، يجب أولاً الوقوف على التسلسل الزمني للأحداث.
أولاً: بيان اتحاد المصارف
في الساعة 11:17 من صباح يوم الأربعاء، أصدر اتحاد المصارف بياناً صحافياً يفيد بأنه تماشياً مع معايير لجنة بازل المصرفية، والتي تتطلب مقابل تخفيف المتطلبات الرقابية على القطاع المصرفي، أن تقوم البنوك من جانبها بإجراءات موازية، في مقدمتها عدم توزيع أرباح نقدية على مساهمي البنوك لعام 2020، وذلك لتعزيز قدرات القطاع المصرفي على القيام بدور الوساطة المالية، وضمان انسياب السيولة إلى القطاعات الحيوية، حيث إن هذا التوجه يساهم في دعم التصنيف الائتماني للبنوك الكويتية ويعزز قوة مراكزها الائتمانية.
ويظهر من هذا البيان أن اتحاد المصارف يقدم توصية للبنوك لمسايرة معايير لجنة بازل المصرفية، حيث إنه لا اختصاص للاتحاد في اتخاذ قرار بتوزيع الأرباح من عدمه، فهذا الأمر يخضع للجمعية العامة للبنوك وفقاً للمادة (211) من القانون رقم (1) لسنة 2016 بإصدار قانون الشركات.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) البيان الصحافي لاتحاد المصارف بعنوان «اتحاد مصارف الكويت: عدم توزيع أرباح نقدية على مساهمي البنوك لعام 2020»، ليعقب الخبر قيام بعض المتداولين لبيع وشراء الأسهم، مما نتج عنه آثار بالغة الضرر في السوق ككل، حيث خسر السوق في هذه الجلسة ما يقارب 450 مليون دينار بحسب الأخبار الصحافية.
ثانياً: قرار الهيئة
أصدرت هيئة أسواق المال قراراً بإلغاء جميع تداولات يوم الأربعاء وتسوية آثارها كاملة باعتبارها كأن لم تكن، مع افتتاح جلسة أمس الخميس على ما انتهت إليه جلسة يوم الثلاثاء الموافق 9 /6 /2020 من اقفالات وأرصدة.
وثارت بين الأوساط القانونية بلبلة حول مدى أحقية الهيئة بإصدار هذا القرار بالاستناد للمادة (44) و(57) من قانون هيئة أسواق المال من عدمه.
ودون إسهاب في الموضوع فقد نصت المادة (3) من القانون على أن تهدف الهيئة إلى «تنظيم نشاط الأوراق المالية بما يتسم بالتنافسية والشفافية...، وتوفير حماية المتعاملين في نشاط الأوراق المالية».
كما نصت المادة (44) من القانون على أنه في حالات الكوارث والأزمات والاضطرابات التي يمكن أن تخلق آثاراً بالغة الضرر في السوق وكذلك في حالة ممارسة بعض المتداولين إيحاءات أو إشارات مضللة، فللهيئة أوسع الصلاحيات بإصدار التعليمات التي تهدف إلى استعادة العدالة والشفافية والكفاءة للسوق ولها على وجه الخصوص اتخاذ تدابير مختلفة، من بينها إلغاء التداول لفترة زمنية محددة أو إلغاء الصفقات على سهم معين.
وبذلك يحق للهيئة اتخاذ قرارها بموجب هذه المادة في حالات الكوارث والأزمات والاضطرابات، وعند ممارسة بعض المتداولين إيحاءات أو إشارات مضللة. ومتى تحققت إحدى هذه الحالات يكون للهيئة أوسع الصلاحيات بإصدار التعليمات التي تهدف إلى استعادة العدالة والشفافية والكفاءة للسوق.
أما عن صلاحيات الهيئة في اتخاذ قرارها بهذا الشأن، فإنه يجوز لها إصدار هذا القرار وفقاً للمادة (44) من القانون المذكور أعلاه، حيث ان الفقرة الثانية من المادة (44) أجازت للهيئة إلغاء التداول لفترة زمنية معينة أو إلغاء الصفقات على سهم معين، ويترتب على اتخاذ الهيئة قراراً في شأن هذه الإجازة، بإعادة الأسهم للبائع وإعادة الثمن للمشتري، أي إعادة الحال كما كان عليه عند التعاقد، وبالتالي، فإن للهيئة سلطة تقديرية واسعة باتخاذ قرار بهذا الشأن، بشرط تحقيق العدالة والشفافية وكفاءة السوق، كما حدث في جلسة الأربعاء التي نتج عنها آثار بالغة الضرر في السوق ككل، وذلك بسبب قيام بعض المتداولين ببيع وشراء الأسهم بالاعتماد على خبر.
وتبقى مسألة أخيرة تتمثل في تأخر توقيت إصدار الهيئة لقرارها بهذا الشأن، حيث كان من الأجدر صدوره في جلسة الأربعاء بوقف تداول أسهم قطاع البنوك، وهذا ما لم تفعله الهيئة. ومع ذلك يمكن الذهاب إلى أن عدم اتخاذ الهيئة قراراً في جلسة الأربعاء لا يعني عدم أحقيتها في اتخاذ القرار الخميس.
* أستاذ القانون التجاري المساعد
كلية الحقوق - جامعة الكويت