المتحدثون صوبوا سهامهم على الأداة الدستورية: نعمة أم نقمة؟
ندوة «ريكونسنس»: الاستجوابات في الكويت... غريبة وغير طبيعية
- النصف: الاستجوابات شبيهة بديموقراطية الكويت... القصد منها شيء وتحقق شيئاً مغايراً
- 85 في المئة من الاستجوابات بسبب التعدي على المال...والتعديات مستمرة
- العنجري: الهلع من الاستجوابات يعود لخلل عدم معرفتنا من نحن... نظامنا رئاسي أم برلماني؟
- نواف الياسين: الإشكالية ومربط الفرس في الناخب قبل النائب
- مشكلة الاستجوابات التعسف باستخدام الحق وكثير منها خارج المنطقة الدستورية
- الملا: نتطلع لدور كبير للغرفة في المرحلة المقبلة ينعكس إيجاباً على دور الاقتصاد
لامست ندوة مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، التي شاركت بها ثلة من السياسيين والقانونيين، ناقشوا عبر برنامج zoom «تقييم الاستجواب كأداة رقابة برلمانية»، الخطوط الحمراء، وخلصت إلى أن الاستجوابات في الكويت غير طبيعية، وليس لها مثيل في العالم، وتمارس بشكل غريب.
الندوة الإلكترونية التي قادها باقتدار وحيادية مؤسس ورئيس مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري، بمشاركة محامي المحكمة الدستورية والتمييز الدكتور نواف الياسين، ووزير الإعلام والمواصلات الأسبق سامي النصف، وعضو غرفة تجارة وصناعة الكويت عبدالله الملا، والنائب السابق عبدالرحمن العنجري.
في البداية، قال وزير المواصلات الأسبق سامي النصف، رداً على سؤال حول تقييمه للاستجوابات كوزير سابق وأكاديمي، كأداة هل هي نعمة أم نقمة، إن «واقع الاستجوابات في الكويت شبيه بحال الديموقراطية الإطار الأوسع، قصد منها شيء وتحقق منها شيء مغاير، فالديموقراطية التي نريدها هي لتعزيز تكافؤ الفرص، ولكن وجدنا أنها هي المخل الأول بتكافؤ الفرص، نتيجة الممارسة الخاطئة، والديموقراطية خلقت لمحاربة الفساد، وجدنا أنها أحيانا لنشر الفساد».
وأضاف النصف «أما الاستجواب، وهو أداة رقابية ولتعديل الخطأ، لكن في كثير من الاستجوابات نائب يريد من وزير أن يتجاوز في أمر ما (مالي، إداري صفقات)، إذا رفض الوزير ذهب النائب للاستجواب، وهدد وتوعد، والأمر الآخر الطريقة التي يتم فيها الاستجواب، لو ذهبت للصحافة في العالم كله لاتجد محاضر الديموقراطية تنشر في الصحف إلا في الكويت، فمنذ أن يتحرك النائب المستجوب من بيته إلى أن يصل مجلس الأمة، تجد الكاميرات خلفه، كأنه يقدم ورقة الاستسلام ويحرج الوزير، كما أن الاستجواب يمتد إلى ساعات طويلة، فمن يركز مع هذه المدة الطويلة في الاستجواب؟ وبعض الاستجوابات يكون في اليوم الأول لعمل الوزير، حتى أصبح الاستجواب يقدم على الهوية وليس القضية، وليس بهدف الإصلاح العام».
وأشار النصف إلى أن «الاستجوابات التي قدمت لم يتم متابعتها، ناهيك عن الحكم المسبق للاستجواب، وما نشاهده قبل تقديم الاستجواب، تجد من يؤيد دون أن يسمع رأي الوزير، وأصبحت للاستعراض، ويذهب إلى دواوين المنطقة للاستعراض وللتجريح».
وزاد «أنا شخصياً لست ضد الاستجواب، بل مع هذه الأداة، ولكن مع الأسف أغلب الاستجوابات قدمت لوزراء مجتهدين، رفضوا طلبات النائب، وبالنهاية يخرج الوزير بالإحراج، ولكن الوزير الذي يلبي طلبات النواب ويفتح لهم الأبواب (محد يقرب صوبه). فهل هذا المراد من الاستجواب الذي قصده الآباء المؤسسون في الاستجواب؟».
ومضى قائلاً «لا أتكلم بالشكل المطلق في الاستجواب فهناك استجوابات ناجحة، ساهمت في تحقيق مرادها بمحاربة الفساد وأتت ثمارها».
وقال «رغم أن 85 في المئة من الاستجوابات تقدم بسبب التعدي على المال، نجد أن التعديات على المال العام مستمرة، وأصبح الكل يقول مفهوم التعدي على المال حتى المتعدي على المال العام يقول هذا الكلام وبعض من يرفع راية محاربة الفساد هو فاسد حتى الاستجواب».
ورأى النصف أن «المشكلة في النصوص وليس في النفوس، كل حالة في الدنيا لابد أن يخلق لها نص قانوني، وهذا سينتج ملايين من النصوص، التي لا يستطيع أن يتعامل معها، والنية في الإصلاح تواجه الجميع وليس الأسرة الحاكمة فقط، والكويت لها خصوصية في النظام السياسي، وهو نظام خليط، وهذا ليس عيباً فكل دولة لها خصوصيتها في النظام بين الرئاسي والبرلماني، فالاستجوابات في الكويت غير طبيعية وليس لها مثيل في العالم ولابد أن يكون لدينا لجنة قيم داخل مجلس الأمة».
من جانبه، اعتبر النائب الأسبق عبدالرحمن العنجري، أن الإشكالية «أزمة نفوس وليست أزمة نصوص دستورية، والباقي تفاصيل... ويجب حسم الأمر: هل الكويت دولة دستورية تسير بقانون ودستور، أو دولة تسير بمفهوم المشيخة والعشيرة؟ برلمان يمارس دوره بشكل حقيقي، أم برلمان مفكك ضعيف لكي يتم اختراقه والسيطرة عليه، وهنا تكمن المشكلة».
وأفاد أن «الاستجواب حق للنائب وممارسة طبيعية في السياسة والبرلمان، ووجود هلع من الاستجوابات يعود لخلل عدم معرفتنا من نحن هل نحن نظام رئاسي أم برلماني؟ هل عمرك رأيت حكومة تشكل ولا تعرف الأغلبية البرلمانية الموجودة لديها؟ وهنا الخلل».
ورأى العنجري أن «الأوضاع الحالية تشير أن هناك تسامحاً مع الفساد ولن يكون هناك إصلاح إلا بوجود رغبة صادقة».
وزاد «نواجه فساداً كبيراً بسبب شطب الاستجوابات والنظام الديموقراطي ينتخب أفراداً وليس برامج سياسية ورؤى».
من جانبه، قال محامي محكمتي التمييز والدستورية الدكتور نواف الياسين، إن مسألة النظام في الكويت، أنه «نظام هجين بين الرئاسي و البرلماني، ولا أعتقد أن أسرة الحكم هي من تحسم الموضوع، لأن الدستور أوجد هذه الحالة في مواده عمدا، ونتكلم أن الاستجواب إحدى الأدوات التي مكّن فيه البرلمان من ممارسة اختصاصه في مواجهة السلطة في الرقابة ومنها الأسئلة، وهناك خلط بين الجانب القانوني والجانب السياسي، هل الاستجواب أداة لإسقاط الوزير أم للاستفهام منه أو يقصد منه التجريح؟».
وأشار إلى أن هذه «المسألة حسمت في المحكمة الدستورية في تفسيرها للمادتين 101،100، لافتا إلى أن الاستجوابات أصبحت مثل حفلة تشهير، ثم تطرح ملفات مفاجئة في الاستجواب، وهذا مخالف للدستور، الذي يرفض وجود مواد غامضة في الاستجواب، ويجب أن يكون الاستجواب واضحاً، من جهة أخرى ارتباك بعض الوزراء عند طرح الاستجواب، مع كل احترامنا لكل الوزراء، هم ليسوا خريجي تجمعات سياسية، هم أناس قياديون مخلصون في عملهم، ثم تبوؤا المنصب الوزاري، (هناك) فرق بين الوزير المدير التنفيذي الجيد والوزير السياسي».
وأكد أن الاستجواب، كما قالت المحكمة الدستورية «ليس حقاً مطلقاً للنائب، إنما الاستجوابات مقيدة بحسن استعمالها وفق الضوابط المقررة في الدستور، فإذا انحرف الاستجواب عن مقاصده الدستورية يسقط في دائرة المحظور».
وأوضح الياسين أن العمل الفردي في البرلمان متاح في الرقابة البرلمانية، والناخب هو الرقيب على النائب، والإشكالية ومربط الفرس، هي الناخب قبل النائب، لأن الناخب هو من يخرج هؤلاء النواب، ومشكلة الاستجواب طريقة التعاطي مع النصوص القانونية والتعسف في استخدام الحق، دون النظر في الإصلاحات، وكثير من الاستجوابات خارج المنطقة الدستورية، وهناك أدلة على ذلك، فعندما فسرت المحكمة الدستورية المادتين 100 و101 فسرت الأداة بشكل تفصيلي.
من جانبه، قال عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت عبدالله نجيب الملا، إن الغرفة على مر التاريخ تجابه بهجمات عليها باعتبارها مركز تجمع التجار، فهناك نوعان من التجار، تاجر نظيف ويخاف الله، وتاجر فاسد. ونجد أن الخير يخص والشر يعم، فالتاجر الفاسد في الفترات السابقة، ساهم في عرقلة الإصلاحات، وربوا أبناءهم على تكسير القوانين واستعمال الضغوط لتمرير مناقصاته.
وقال الملا إن «غرفة التجارة منذ بداية التأسيس في العام 1958، كان لها إسهامات في التطوير وحل مشاكل التجار، وأي شخص يفتح محلاً فهو تاجر»،
وأشار إلى التوجه الحالي لحل التركيبة السكانية، بسبب تجار الإقامات الفاسدين، والعمالة السائبة، ونجد التوجه العام للضغط على غرفة التجارة للضغط على التجار، فهناك تجار من خارج الغرفة، ولدينا أكثر من 100 ألف تاجر.
واعتبر أن «تجديد الدماء مطلوب، ولدينا انتخابات كل سنتين لتجديد الدماء، ونجد أنه لم تتح فرص لبعض أعضاء الغرفة لأخذ دورهم في التمثيل لدى الجهات الحكومية والهيئات، وبعض الأعضاء مع كل الاحترام طلبنا إعادة النظر في عضوياتهم في بعض الجهات الرسمية بشكل عام، وبعضهم تجاوز العضوية أكثر من 20 عاماً، ولم يفتح المجال لغيره».
وأشاد بأداء جميع من تقلدوا رئاسة الغرفة، لافتاً إلى أن أداء الغرفة في حقبة المرحوم عبدالعزيز الصقر، كانت حقبة مليئة بالإنجازات والمواقف السياسية والاقتصادية المشهود لها، ونتطلع لدور كبير للغرفة في المرحلة المقبلة، ينعكس إيجاباً على دور الاقتصاد في الكويت.
«موسوعة الكويت الدستورية»
تحدث الملا عن «موسوعة الكويت الدستورية»، وقال «هي مبادرة مني... اعتمدت على مبادرة بدأت العام 2008، وهي إصدارات مهمة تعطي الباحث معلومة صحيحة».
أسئلة وتعقيبات
فتح مؤسس ورئيس مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري، باب الأسئلة أمام الحضور، حيث أجاب المتحدثون عن الأسئلة، التي طرحت من المتابعين، وعقبوا على بعض الآراء.