خبراء يرسمون عبر «الراي» خريطة التأقلم مع الفيروس في ظل الترجيحات باستمراره طويلاً
تعايَشوا مع «كورونا» كـ... ضيفٍ ثقيل
حازم الرميح:
تقوية المناعة عن طريق الصيام والغذاء الصحي وممارسة الرياضة
عبدالله بهبهاني:
تعزيز الثقافة الصحية المتعلّقة بالأمراض المعدية لتصبح جزءاً أساسياً من حياتنا
هند الشومر:
انتظار اللقاح يعني الحظر لفترة لا تقل عن سنة في أحسن التقديرات
محمد العماني:
على العالم تغيير عادات يومية بسيطة تكفل تقليل انتشار الوباء
حسين الزامل:
مع مرور الوقت سيضعف نتيجة حدوث طفرات جينية فيه
طارق العربي:
المحافظة على عدم المصافحة والتقبيل ومنع البصق في الشارع
«تعايشوا مع كورونا، ولو على مضض، كضيف ثقيل»، هذه خلاصة رؤى عدد من أخصائيي الطب والاقتصاد والإعلام وعلم النفس والشريعة، ممن حاولوا عبر «الراي»، رسم خريطة التأقلم مع الفيروس والتعايش معه في أعقاب إعلان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، مايكل ريان احتمال عدم اختفاء فيروس كورونا المستجد من العالم، وبقائه إلى الأبد بجانب الفيروسات الأخرى.
طبياً، أكد عدد من الأطباء أنه «يجب ألا يستمر الحظر لحين توافر الأمصال، لأن انتاج لقاح مضاد للفيروس عملية صعبة قد تستغرق وقتاً طويلاً»، معتبرين أن «انتظار اللقاح يعني الاستمرار في الحظر لفترة لا تقل عن سنة في أحسن التقديرات»، لكنهم شددوا في الوقت ذاته على «ضرورة العمل تقوية المناعة عن طريق الصيام والغذاء الصحي وممارسة الرياضة، والمحافظة على عدم المصافحة وعدم التقبيل ومنع البصق في الشارع». وفيما بينوا أن «كثيراً من الدول ستتخطى ذروة الإصابات قبل أن يتم اكتشاف لقاح للفيروس»، أشاروا في الوقت ذاته إلى أن «ثمة جائحات حدثت من قبل وانتهت أو خفت من دون إيجاد لقاح لها».
اقتصادياً، كان التأكيد على أن «العودة ستكون على مراحل، وهو أمر مرهون بمعدل انتشار الفيروس مع معدلات النمو تحتاج لعامين للعودة لطبيعتها». وشرعياً، صدرت فتاوى بـ «جواز التباعد في المساجد لأن سد الفُرَج من السنن والمستحبات وليس من الواجبات، والمستحب لا مانع من تركه إذا كانت هناك مصلحة أعظم في تركه».
أما نفسياً، فكانت النداءات بأن «نتعامل مع الفيروس كضيف ثقيل، لكنه حتماً سيرحل مع التحذير من التعامل معه كعدو حتى لا نرهق أنفسنا»، في حين أنه على المستوى الإعلامي كان هناك «تأكيد على ضرورة إعداد خطة طوارئ، وبناء ترسانة إعلامية تحسباً لأي ظروف».
أطباء أكدوا لـ «الراي» أنه لا يجب أن يستمر الحظر لحين توافر الأمصال
طبياً... تقوية المناعة وتعزيز الإجراءات الوقائية
يظل الجانب الطبي أهم وأبرز الجوانب في التعامل مع فيروس كورونا المستجد، واحتمالية بقائه، لأنه يتعلق بكيفية التعاطي مع المصابين، وآلية مواجهة الفيروس، وهو ما يوجد وسائل وطرق أخرى.
فقد أكد عدد من الأطباء أن التعامل مع الفيروس، في حال عدم التوصل للقاح له، يكون من خلال «العمل على تقوية المناعة عن طريق الصيام والغذاء الصحي وممارسة الرياضة، والمحافظة على عدم المصافحة وعدم التقبيل ومنع البصق في الشارع»، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن «انتاج لقاح مضاد للفيروس عملية صعبة قد تستغرق وقتاً طويلاً، وانتظار اللقاح يعني الحظر لفترة لا تقل عن سنة في أحسن التقديرات». وفيما توقعوا أن «كثيرا من الدول ستتخطى ذروة الإصابات، قبل أن يتم اكتشاف لقاح للفيرس»، أشاروا في الوقت ذاته إلى أن «ثمة جائحات حدثت وانتهت من دون إيجاد لقاح لها».
استشاري أمراض النساء والولادة رئيس وحدة الخصوبة في مستشفى الجهراء الدكتور حازم الرميح، قال لـ «الراي» إنه «من الضروري الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس القفاز وغسل اليدين بشكل منتظم، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، واتباع الإرشادات الرسمية، بالإضافة إلى محاولة تقوية المناعة عن طريق الصيام والغذاء الصحي وخاصة الخضراوات والفواكه، وممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين، والمتابعة الدقيقة للأمراض المزمنة مثل السكري».
وأضاف «حتى الآن، ووفقاً لآخر الإرشادات الصادرة عن الكلية الملكية البريطانية للنساء والولادة، فإن الحوامل لسن في خطر أكثر من غيرهن في الإصابة والمعاناة من مرض كورونا»، مشيراً إلى أن «وزارة الصحة الكويتية تبذل جهودا كبيرة ويجب الاستماع لما يصدر عنها والبعد عن الإشاعات».
واختتم قائلاً «هذه الموجة نعرفها تاريخيا ونحن وصلنا للقمة، ونتمنى أن تنخفض هذه الموجة وهذه الزيادة في الأعداد مردها توسيع نطاق الفحص، والدولة لم تقصر ويجب ألا نخاف من الأرقام المعلنة مع ضرورة الالتزام بكل الإجراءات الاحترازية».
بدوره، قال طبيب الصحة الوقائية الدكتور عبدالله بهبهاني لـ «الراي» إن «عملية إنتاج لقاح مضاد للفيروس عملية صعبة قد تستغرق وقتاً طويلاً، رغم تسابق الدول والشركات الكبرى على ذلك، ووجود العديد من اللقاحات المحتملة للفيروس»، موضحاً أنه «يشترط أن يجمع اللقاح بين الفعالية والمأمونية، ويتمثل ذلك في قدرة اللقاح على إحداث استجابة مناعية دون التسبب في أعراض جانبية يعتد بها، وهذا أمر غير مضمون وحتى في حال حدوثه فإنه لا يستبعد أن تكون استجابة كبار السن ومن لديهم مشاكل في جهاز المناعة أقل من غيرهم للقاح وهي ذات الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات الوخيمة لمرض كوفيد - 19».
وأضاف «العالم يجب أن يستعد للتعامل مع هذا المرض دون لقاح، الأمر الذي يفرض تغييرات جذرية دائمة في نمط العمل والحياة ومن ذلك التوسع في الوظائف عن بعد، والتغير في نمط التفاعل الحياتي والتعليمي، وفرض عادات اجتماعية جديدة لم تكن موجودة، إضافة الى تعزيز الثقافة الصحية المتعلقة بالأمراض المعدية لتصبح جزءا أساسيا من حياتنا».
من جانبها، قالت الرئيس السابق لمكتب الإيدز والإحصاءات والمعلومات، عضو جمعية القلب الكويتية الدكتورة هند الشومر «لا نقول فشلا في الوصول لمصل، ولكن نقول تأخير توافر التطعيم المناسب واتاحته للاستخدام، وعلينا أن نفكر في المواءمة بين عودة الاقتصاد وعجلة الحياة وفي الوقت نفسه حفظ الحياة عن طريق تقييم المخاطر واتخاذ الإجراءات الوقائية سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى المؤسسي بتعديل السلوكيات وتجنب الازدحام والانتقال إلي المعاملات الرقمية والتواصل عن بعد، وتقويم نظم الترصد الوبائي بأنواعه المختلفة ودعم قدرات النظم الصحية للوقاية والعلاج وتوفير الموارد والإمكانات اللازمة».
وأضافت الشومر لـ«الراي»، إنه «يجب ألا يستمر الحظر إلى حين توافر الأمصال التي ينتظرها العالم، لأن ذلك معناه الحظر لفترة لا تقل عن سنة في أحسن التقديرات والتنبؤات، ولن يتحمل العالم الحظر التام إلى حين توافر وإتاحة الطعوم»، مشددة في الوقت ذاته على أنه «من الضروري ألا يكون الوباء مبرراً لإجراءات تنطوي على الوصمة والتمييز والتهاون في حقوق الإنسان، مثل الحق في الخصوصية، وهو حق يعلو فوق غيره من الحقوق لأنه حق دستوري، وقد بادرت المفوضية الدولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بالتنبيه على أن الوباء ليس مبرراً لإجراءات تمس حقوق الإنسان».
واعتبر طبيب جراحة الأنف والأذن والحنجرة الدكتور محمد العُماني في تصريح لـ«الراي» أن «ما جاء على لسان منظمة الصحة العالمية يٌعد تصريحاً غير مسؤول، وخاصة أنه ليس حقيقة علمية مؤكدة فقد يحتمل هذا التصريح الخطأ والصواب، لذلك ليس من العدل نشر الذعر عند البسطاء والعامة من الشعوب بمثل هذا التصريح».
وأضاف «أرى ومعي كثير من الزملاء أن كثيرا من الدول ستتخطى ذروة الإصابات قبل أن يتم اكتشاف لقاح للفيروس، وقد يكون هناك تفاصيل طبية تتعلق بمدى فترة المناعة المكتسبة ولكن لا نعلم إلى الآن كم ستطول مدة المناعة المكتسبة بعد الإصابة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «في حال عدم التوصل للقاح، على العالم أجمع تغيير عادات يومية بسيطة تكفل تقليل انتشار هذا الوباء».
وقال «يجب التأثر بدول شرق آسيا لخبرتهم بالتعامل مع فيروسات سريعه الانتشار، وخاصة في ما يتعلق بارتداء الكمامات، فقد يستغرق ظهور اللقاح من سنة إلى سنتين، ولكني متفائل بسرعة وجود لقاح فعال».
في غضون ذلك، بين استشاري الأنف والأذن والحنجرة الدكتور حسين الزامل، لـ«الراي» أن «هناك العديد من الفيروسات التي تسبّب أمراضاً فتاكة للإنسان، ولم ينجح الإنسان في تطوير لقاحات ضدها، وهناك جائحات حدثت وانتهت أو خفت وطأتها من دون إيجاد لقاح لها، مثل الإنفلونزا الإسبانية وإيبولا والإيدز».
وقال الزامل «هناك سيناريوهات عدة بالنسبة لفيروس كورونا المستجد من بينها وجود دواء فعال أو استخدام الأجسام المضادة أو التعايش مع هذا الفيروس حيث إنه مع مرور الوقت سيضعف نتيجة حدوث طفرات جينية فيه»، مذكراً في الوقت ذاته أن «80 في المئة من المرضى بكورونا لا تظهر عليهم أعراض أو تظهر أعراض خفيفة لا تتعدى ارتفاع درجة الحرارة أو الجفاف بالبلعوم».
بدوره، قال طبيب النساء والتوليد الدكتور طارق العربي إنه «يجب المحافظة الدائمة على سبل الوقاية والنظافة وتحسين المناعة، وعدم المصافحة وعدم التقبيل، ومنع البصق في الشارع»، مشيراً إلى أن «وجود أكثر من شكل للفيروس يؤخر من انتاج اللقاح».
الهليلي لـ «الراي»: ضيف ثقيل لكنه سيرحل
نفسياً... خطأ أن نتعامل مع الفيروس كعدو
في الجانب النفسي، قال الاستشاري النفسي البروفيسور محمد سالم الهليلي «إننا نواجه شيئاً حتماً سيزول، بحكم أنه لم يكن موجوداً بيننا من قبل، فهو كالضيف الثقيل لذلك يجب أن نتعامل معه كشيء ثقيل نهايته في أذهاننا».
وبين الهليلي لـ«الراي»، أنه «من الخطأ أن نتعامل مع هذا الفيروس على أنه عدو، أو أن نحاربه، لأنه كلما سارعنا إلى وضع تصنيفات لفظية أو ذهنية مرعبة بحق هذا الفيروس أصبح واقعنا أكثر سطحية»، مشيراً إلى أن «المعاناة الشديدة تبرز بسبب فكرة سلبية، مفادها سأموت من هذا الفيروس، ثم تتوالى وتهجم علينا الأفكار كميدان الحرب».
وأضاف «الشيء الوحيد الذي يجب أن نخاف منه، هو أن نكون خائفين، فلنكن رافضين للخوف، لأننا من يصنع الجحيم لنتعذب به، ونحن أيضا من نصنع الجنة لننعم بها»، مبيناً أن «تعاسة الإنسان ناتجة من مقاومته للوجود، وبالتالي لا تقاوم، استرخ، دع الأمور تأخذ مجاريها، وإذا انتابك البؤس فاعلم أنه بإرادة منك تغرد خارج سربك».
وشدد على أن «لا نعامل المرض كعدو لكي لا يخلف أمراضاً جديدة، فكلما قاتلنا الفيروس قويناه، فيجب ألا نتفاعل أكثر من ذلك معه، يكفي أنه صغير لا نهتم به ولا نعيره أي اهتمام، فما هو إلا ضيف ثقيل يجب ألا يأخذ حقه من الضيافة»، مردفاً «اخلق هالة من المحبة حول ذاتك ستجد المحبة والخير تأتيك من كل جانب، وكن دائم التطلع والتجدد».
رمضان لـ «الراي»: الأمر مرهون بمعدل انتشار الفيروس
اقتصادياً... استئناف النشاط على مراحل
قال الخبير الاقتصادي محمد رمضان لـ «الراي» إن «التأقلم في الشق الاقتصادي يتمحور على الالتزام بقضية التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، فالجهات الاقتصادية التي باتت تعود تدريجياً لعملها، يكون الشرط الرئيسي هو التباعد الاجتماعي، فمثلاً المطاعم ستلتزم بأن يكون هناك مسافة كافية بين روادها، والأسواق الكبيرة ربما تعمل بنصف السعة».
وبيّن أن «الدول تعود لاستئناف النشاط الاقتصادي على مراحل، المرحلة الأولى ستكون في المطاعم، والثانية المتاجر، والثالثة ستشمل دور السينما والمقاهي، وقد يتم التراجع إلى الوراء وفقاً لبيانات كل مرحلة، حتى لا يتم التسبب في ضغط كبير على المنظومة الصحية»، لافتاً إلى أن «هذا الوضع سيستمر حتى يظهر لقاح ونتأكد من فعاليته وخاصة مع كبار السن».
وعن تعويض الخسائر التي تسبب فيها الفيروس، أوضح رمضان أن «الخسائر التي فقدتها الدول انتهت ولا يمكن تعويضها، ولكن المفترض أن يحدث نمو في المراحل المقبلة، إلا أن غالبية التوقعات تشير إلى أن الأمور تحتاج قرابة العامين، حتى تعود معدلات النمو لطبيعتها، ويبقى الأمر كله مرهوناً بمعدل انتشار الفيروس».
شرعاً...يجوز التباعد في الصلاة
على المستوى الديني، صدرت فتاوى عدة بجواز التباعد في الصلاة للحفاظ على الأنفس، فقد أفتى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور أحمد ممدوح، بأن «الأصل أن إقامة الصلاة ورص الصفوف وسد الفرج من السنن والمستحبات وليس من الواجبات والمستحب لا مانع من تركه إذا كانت هناك مصلحة أعظم في تركه».
وقد تابعنا الصلوات في كثير من المساجد تقام مع التباعد بين المصلين.
بشاير الصانع لـ «الراي»: الفرصة سانحة الآن لبناء ترسانة إعلامية
إعلامياً... إعداد خطة طوارئ
إعلامياً، قالت أستاذة علم الاتصال والإعلام الحديث بجامعة الكويت الدكتورة بشاير الصانع، إن «المؤسسات الحكومية والإعلامية يجب أن تعي أهمية إعداد خطة طوارئ إعلامية مسبقة، تحسباً للأزمات تشمل آلية تنسيق الجهود الحكومية إعلامياً، وتدريب الناطق الرسمي للجهات الحكومية وتأهيل المكاتب الإعلامية، مع مراعاة جودة ونوعية الخطاب المستخدم وآلية الرد التصحيحي وضبط الضرر، بالإضافة إلى ما أسميه السرد الاستباقي، لتفادي انتشار الشائعات والأخبار المغلوطة».
وأضافت الصانع لـ«الراي» أنه «بات ضرورياً إدراج الوعي الإعلامي كمنهج في جميع المراحل الدراسية، لتنمية مهارات التفكير النقدي والقدرة على تنقيح وفلترة الرسائل الإعلامية والدعايا المضمنة فيها»، لافتة إلى أن «الفرصة سانحة الآن للقيادة بالقوى الناعمة وبناء ترسانة إعلامية هدفها بناء صورة ذهنية مدروسة تقود بها الدولة، لأن الحرب الإعلامية الذكية أقوى سلاح بإمكان الدول استخدامه لخدمة مصالحها المحلية والخارجية».