مُلّاك يتمسّكون بإيجاراتهم العالية ومستأجرون غير قادرين على تلبيتها
لماذا يتكدّس عشرات الوافدين بشقق صغيرة وغرف... و80 ألف وحدة خالية؟
عمال يتناوبون على سرير واحد وفقاً لأوقات عملهم... والحظر كشف المستور
مؤجرون قسّموا الشقق إلى «بارتيشنات» لتعظيم عوائدها
حشر الأعداد الكبيرة بهذه الطريقة وتشاركهم جميع المرافق سرّع تفشي الوباء بينهم
غرف لا تزيد مساحتها الإجمالية على 25 متراً يقطنها 10 أشخاص!
كشفت الزيادة المضطردة في أعداد مصابي فيروس كورونا المستجد بين الجاليات الآسيوية ظاهرة تكدّس العشرات من المقيمين في شقق صغيرة، وفي أحيان كثيرة بغرف موزعة في بنايات تسمى «أحواش عربية»، بينما يعاني القطاع الاستثماري من وجود 80 ألف شقة خالية في الكويت وفق آخر إحصائية لاتحاد العقاريين، ما طرح سؤالاً ملحّاً حول أسباب هذه المفارقة؟
وفي هذا الخصوص لفت عقاريون إلى أن ضعف الرواتب يدفع بعض الوافدين إلى تشارك السكن بأعداد أكبر من الطاقة الاستيعابية الطبيعية للوحدة، عزّاباً، وأحياناً بنظام العائلات، وذلك في مسعى لتخفيف ضغوط القيمة الإيجارية العالية، وعدم تناسبها مع قدرتهم المالية، إذ لا يمكن دفع القيمة الإيجارية عبر العدد التقليدي من المستأجرين، أو العائلة الواحدة.
وبينوا أن هذه الحالة زادت الطلب على الشقق التشاركية، ما دفع بعض المؤجرين إلى استغلال هذا الطلب، لتعظيم عوائد بناياتهم، من خلال القيام بممارسات متعددة، متجاهلين الاشتراطات القانونية أو الصحية، أو حتى الانسانية، طالما أنهم يستطيعون في نهاية كل شهر جني أضعاف ما كانوا سيحققونه لو قاموا بتأجير وحداتهم بالنظام الطبيعي.
وأكد عقاريون أن جشع بعض الملاك دفعهم إلى رفع قيم إيجارات الشقق الاستثمارية التشاركية، وربما بما يتجاوز الوحدات الطبيعية مشابهة المساحة، مبينين أنهم ابتكروا لتحقيق ذلك ذلك طرقاً عديدة من بينها التلاعب في مساحات الوحدات السكنية، ومخالفة القانون بقبول وجود أشخاص في السكن، رغم أنه ليس لديهم علاقة واضحة بعقد التأجير.
وذكروا أن هذه الحالة اضطرت أبناء الجاليات كثيفة العدد، وتحديداً الآسيوية، من العزّاب والعائلات، إلى قبول التكدس بأعداد كبيرة داخل شقق وغرف لا تراعي المتطلبات الصحية، ما دامت توزيعة إيجاراتها تناسب دخلهم، وتمكنهم من عدم التعثر في دفع الحصة الإيجارية.
ووفقاً للعقاريين، فإن بعض المؤجرين رأى في تصغير مساحات الوحدات وإعادة هيكلتها إلى عدد أكبر فرصة لرفع عوائده، بينما قام آخرون برفع الإيجار مباشرة والاقتصار على قبول الجاليات الآسيوية وإتاحة الفرصة لهم لتقسيمها إلى «بارتشنات» مع تشارك المطبخ والحمامات.
ولفتوا إلى أن عمارات كثيرة يتكدّس فيها وافدون، سواءً كانوا من عمّال اليوميّة أو من ذوي الدخل الضعيف، وذلك لعدم قدرتهم على دفع القيم الإيجارية المرتفعة التي يطالب بها أصحاب العقارات فيتقاسمونها بينهم، مضحين بالاشتراطات الصحية وعوامل النظافة.
وأوضحوا أن جميع هذه الممارسات تتم بعيداً عن أعين الرقابة، كما أن بعض الملاك حوّل السراديب إلى أماكن للسكن دون النظر إلى المشاكل التي قد يتعرض لها قاطنو مثل تلك المساكن، منوهين إلى أن هناك بعض الغرف لا تزيد مساحتها على 25 متراً ويقطنها 10 أشخاص.
وأشاروا إلى أن الأمر الأخطر من ذلك وجود عمال يتناوبون على سرير واحد، حيث يستأجر كل واحد منهم هذا السرير لساعات معينة تتناسب وأوقات عمله في أماكن مثل جليب الشيوخ والحساوي، لافتين إلى أن تداعيات فيروس كورونا كشفت المستور.
وقالوا «رأينا عشرات الوافدين عندما تم فرض الحظر الكلي وقفوا في الشوارع أو على أسطح البنايات لعدم وجود مأوى يلجأون إليه، لأنهم بكل بساطة مستأجرون يعيشون في أماكن مقسمة في ما بينهم كمساحة وكتوقيت يمكن الاستفادة بها خلاله».
وأفادوا بأن أعداداً كبيرة جداً يتشاركون في هذه البنايات المطابخ ودورات المياه، إلى جانب ما يشكّلونه من ضغط على البنية التحتية من كهرباء وماء وخلافهما.
وأكدوا أن هذه الأزمة فرصة لإصلاح ما تراكم من مخالفات على مدار سنوات عديدة، داعين الجهات الرقابية إلى الوقوف في وجه المخالفين ممّنْ أعادوا تقسيم الشقق وصغّروا المساحات وحشروا أعداداً كبيرة في مساحات ضيقة بغية الحصول على إيجارات كبيرة.