محامون طالبوا بإنجازه مراعاة للظروف الطارئة مع تحقيقه معادلة حفظ حق طرفي العقد
تعديل قانون الإيجارات... أمان وضمان
مريم المؤمن: الظروف التي تمر بها البلاد يمكن اعتبارها عذراً قوياً تقبله المحكمة لعدم دفع الإيجار
- التعديل البرلماني يحقق ميزتين للمستأجر بعدم إخلاء العقار وللمؤجر بضمان حقه
أحمد العطالله: الواقع يحتم إضافة نص صريح بإنقاص الإيجار أو وقف سداده في حال الإغلاق
عمر الحمادي: المنازعات بين المؤجر والمستأجر مرآة عاكسة للتغيرات السياسية والاقتصادية في المجتمع
- مبادرات بعض الملاك بتخفيض الإيجارات أو إلغائها فُهمت خطأ من المستأجرين بأن لهم الحق في عدم دفع الإيجار
من القضايا التي طفت على السطح مع أزمة جائحة كورونا، قضية الإيجارات التي فرضت نفسها بقوة، في ظل أزمة يواجهها آلاف المستأجرين نتيجة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث يطالبون بتسديد إيجاراتهم الشهرية، الأمر الذي جعلهم في مشكلة مع توقف مواردهم المالية، إثر تعطل العمل، وعدم وجود نصوص قانونية تعالج تلك الثغرات في حال عدم قدرتهم على تسديد إيجاراتهم لظروف خارجة عن إرادتهم، كما هو الحال في الأزمة الحالية.
ومع تقديم خمسة نواب اقتراحاً بقانون لتعديل قانون الإيجارات 35/ 1978 في شأن إيجارات العقارات، فتحت «الراي» النقاش قانونياً مع عدد من المحامين للوقوف على الرأي القانوني حول وضع القانون المذكور، في ظل الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد، حيث كان الاجماع على ضرورة إقرار التعديل، بما يشمله من مراعاة الظروف القاهرة من جهة، وتحقيقه الأمن للمستأجر بعدم إخلائه والضمان للمالك بحفظ حقوقه.
المحامية مريم المؤمن قالت إن «الثابت في ما يتعلق بالإيجار السكني أن المستأجر قد انتفع بالعين المؤجرة انتفاعاً كاملاً، ولم تؤثر الظروف الراهنة على هذا الانتفاع بأي وجه، ولا ينال من ذلك ما ترتب على الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمجابهة جائحة فيروس كورونا من انخفاض دخل بعض المستأجرين وعجزهم عن سداد الأجرة الشهرية، ومن ثم يبقى المستأجر ملزما بسداد الأجرة، إلا أن الظروف التي تمر بها البلاد يمكن اعتبارها عذراً قوياً تقبله المحكمة لتأخر المستأجر عن سداد الأجرة في المواعيد المقررة قانوناً».
وأضافت المؤمن «أن تعطيل أو وقف العمل في مرافق الدولة، حماية للأمن أو السلم العام أو الصحة العامة والتي تقتضيها مصلحة البلاد، يؤدي في غالب الأحيان إلى توقف مصدر دخل الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية، ما يحول دون التمكن من سداد الأجرة المستحقة بسبب ذلك الظرف الطارئ وغير الاعتيادي، وأن الحكم بإخلاء كل من لم يسدد الأجرة في تلك الظروف، ينذر بكارثة اجتماعية وأمنية تصيب الدولة بمزيد من الصعوبات التي تواجهها بسبب اتخاذ قرار التعطيل أو الوقف، وعليه يكون التعديل لحماية السلم والأمن العام، وحماية للمستأجر الذي حالت الظروف القاهرة دون سداد الأجرة المستحقة، ودون الإخلال بحق المؤجر بتلك الأجرة كونها مقابلاً لانتفاع المستأجر بالعين».
وبالنسبة للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكني، قالت المؤمن «يمكن التفرقة بين حالتين، الأولى الأماكن التي صدر قرار من السلطة العامة بغلقها، وهو ما أدى إلى توافر حالة استحالة جزئية موقتة بالانتفاع بالعين المؤجرة، ومن ثم انتفاء الانتفاع، فيحق للمستأجر الامتناع عن سداد الأجرة طالما كانت القرارات الصادرة بغلق العين قائمة، وفقاً لنص المادة 2/215 من القانون المدني. والثانية الأماكن والمكاتب التي لم تصدر قرارات بغلقها، فيمكن للمستأجر الانتفاع بالمكان المؤجر، ويتعين عليه سداد الأجرة، ويمكن له أن يتحفظ على السداد الكامل للأجرة بموجب كتاب يوجه للمؤجر، حتى يبدأ العمل بالمحاكم، حيث يستطيع المستأجر رفع دعوى بطلب انقاص الأجرة خلال المدة من بداية الظروف الحالية وحتى زوال كافة آثار الأزمة الراهنة، والتي أدت إلى نقص الانتفاع بالعين المؤجرة وانخفاض دخل المستأجر، كل ذلك ما لم يحصل اتفاق رضائي على انقاص الأجرة».
وأكدت أن «هناك حاجه ملحة ومستعجلة حالياً لعودة العمل في البريد، لإرسال بريد مسجل بشكل رسمي أو قسم الانذارات في المحاكم أو تخويل المخفر بعمل اثباتات حالة، لمن يرغب من المستأجرين في إخطار المالك بشكل رسمي برغبته بالإخلاء أو تسليم مفتاح العين المؤجرة. ونواجه حالياً صعوبة في التواصل مع بعض الملاك، أو أن البعض يرفض تسلم انذارات رغبة المستأجر في الاخلاء او تسلم المفاتيح بعد خروج المستأجر من العين، وهذا يجعل المستأجر تحت كيد بعض الملاك أصحاب النفوس المستغلة للأوضاع الحالية، بطلب إيجارات عن الفترة التي لم يتم تسليم المفتاح فيها أو المطالبة عن فترة بدل الانذار، وذلك لعدم تمكن المستأجر من القيام بالإجراءات بشكل قانوني ورسمي».
أما في شأن الاقتراح البرلماني المقدم، فبينت أنه يحقق للمستأجر ميزتين، الأولى عدم الحكم بالإخلاء على من تأخر عن سداد الأجرة في المواعيد المقررة، والثانية تقسيط الأجرة المتأخرة بشكل يتناسب مع ظروف المستأجر.
من جانبه، قال المحامي أحمد العطالله إن «الواقع يحتم علينا إضافة نص صريح بإنقاص الإيجار أو وقف سداده، في حال صدور قرار من السلطة العامة لمدة الإغلاق في حال حدوث أزمة مماثلة لأزمة كورونا، والنظرة القانونية ان الإيجار أو العقارات أو إيجارات المكاتب تنطوي تحت قاعدة الانتفاع، وهنالك تساؤل هل المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة أم لا؟ وهنالك فرق بين العقارات المؤجرة بغرض السكن والعقارات المؤجرة بغرض نشاط تجاري أو إداري، والاقتراح المقدم أرجو أن يأخذ بعين الاعتبار في نص المادة 26 مكرر ( أ. ب. ج ) حتى لا يحدث تضارب لأن هنالك تعديلا سابقا جاء لمصلحة ملاك العقارات».
وفي السياق، قال رئيس مجموعة «مدارك» القانونية، المحامي عمر علي الحمادي إنه «في الكوارث والأوبئة تتغير الظروف والقواعد وكل شيء فى منظومة البلاد الطبيعية، إلى ظروف استثنائية تحددها حاجات ومتطلبات المجتمع والقواعد العامة التي تفرضها السلطة، لأنها في وضع استثنائي».
وأضاف الحمادي أن «جائحة كورونا التي طرأت على العالم أجمع عصفت بصحة الناس والاقتصاد وعالم المال والأعمال، وكل الظروف المجتمعية، فعطلت مصالح الناس وغيرت من الأوضاع إلى أوضاع لم يكن الناس عليها من قبل، وحقوق أصحاب العقار وملاكها والمستفيدين من المؤجرين. فعقد الإيجار من العقود المهمة وذو طابع خاص، فهو الأكثر شيوعاً وتداولاً بين الأشخاص، ولهذا تعطيه التشريعات طابعا وأهمية خاصة، وهو أكثر العقود التي بها منازعات أمام القضاء، فالمنازعات بين المؤجر والمستأجر هي المرآة العاكسة للتغيرات السياسية والاقتصادية التي تحدث في المجتمع، فالإيجار من الناحية الاقتصادية وسيلة المؤجر لاستثمار أملاكه وللحصول منها على منفعة معينة».
وتابع انه «وفقاً للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد بسبب فيروس كورونا (كوفيد- 19) أقدم ملاك العقارات وبادروا بتخفيض الإيجارات الخاصة بالعقارات التي يمتلكونها، على الرغم من أن ذلك يعرضهم لخسائر فادحة، لما لديهم من التزامات مادية، تتمثل في الالتزمات التي فرضتها عليهم عقود الإيجار، وعلى سبيل المثال لا الحصر صيانة العقارات، رسوم الكهرباء والماء، الأمن. ومن جهة أخرى التزامات أصحاب العقارات من رواتب موظفيهم سواء مواطنين او وافدين، التي يلزمهم بها قانون العمل الأهلي، وهذا واضح من نص المادة 61 التي نصت على أنه لا يحق لأصحاب العمل المتوقف أنشطتهم إجبار الموظفين على إجازة دورية أوخصم راتب. وهكذا ساهم أصحاب العقارات بتخفيضهم للأجرة المتفق عليها بعقد الإيجار مع المستأجرين مراعاة منهم للظروف الراهنة، وحرصاً منهم على مساندة الدولة والمستأجرين لتخطي الأزمة الراهنة بسبب فيروس كورونا».
وزاد «لكن هذا الحل الذي قام به بعض ملاك العقارات في الوضع الراهن للجائحة الصحية، بتخفيض الإيجارات الخاصة بممتلكاتهم فهم خطأ من قبل بعض المستأجرين، اعتقاداً منهم أن المادة رقم/581 من القانون المدنى التي تنص على أنه (إذا ترتب على عمل صدر من السلطة العامة في حدود القانون نقص كبير في انتفاع المستأجر، جاز له أن يطلب فسخ العقد أو انقاص الأجرة، ما لم يكن عمل السلطة لسبب يعزي إليه، ولا يكون للمستأجر حق في التعويض قبل المؤجر الا اذا كان عمل السلطة العامة قد صدر لسبب يكون المؤجر مسؤولاً عنه وكل ما سبق ما لم يقض الاتفاق بغيره) فيعتقد المستأجر أن المادة السابقة تمنحهم الحق في عدم دفع الإيجار أو على الأقل تخفيض مبلغ الإيجار، ولكن الأصل أن المادة السابقة أوضحت أنه يتم العمل بها بشروط واضحة».
اقتراح تعديل القانون يحمي المستأجر من الطرد ويضمن حق المؤجر
أعلن النائب عبدالله الكندري عن تقدمه، ونواب هم عبدالله فهاد وعبدالوهاب البابطين والدكتور بدر الملا ويوسف الفضالة، باقتراح بقانون لتعديل القانون 35/ 1978، في شأن إيجارات العقارات والقوانين المعدلة له.
ونص مقترح القانون في المادة الأولى على أنه تضاف إلى القانون المشار إليه مادتان جديدتان برقمي 26 مكرر(د) و26 مكرر(هـ)، تنص الأولى على أنه «في الأحوال التي يقرر فيها مجلس الوزراء تعطيل أو وقف العمل في المرافق العامة للدولة، حماية للأمن أو السلم العام أو الصحة العامة والتي تقتضيها مصلحة البلاد، لا يقضي بإخلاء العين المؤجرة إذا تخلف المستأجر عن سداد الأجرة المستحقة خلال فترة التعطيل أو وقف العمل، ويجوز للمؤجر طلب الأجرة عن تلك الفترة باستصدار أمر أداء وفقاً لأحكام المادة 26 مكرر من هذا القانون». وتنص الثانية على أنه تسري أحكام القانون على الدعوى التي ترفع بعد صدوره ونشره بالجريدة الرسمية.
وأشارت المذكرة الإيضاحية إلى صدور المرسوم بالقانون 35 /1978 في شأن إيجار العقارات والتعديل اللاحق له، بالمرسوم بالقانون 9 /1994، ومنذ صدوره وحتى الآن طرأت بعض المتغيرات في أزمة الصحة التي تمر بها البلاد والتي تؤثر على المستأجرين والمؤجرين اقتصادياً واجتماعياً ما ينعكس آثارها على العلاقة الإيجارية، مما دعا إلى إدخال بعض التعديلات على أحكام المرسوم بالقانون المشار إليه لمواجهة الأوضاع التي استجدت.