أخذ علينا الكثيرون منذ أن تولينا المسؤولية العامة، ما حذرنا منه بخصوص التركيبة السكانية المختلة، نظراً لوجود أربعة أضعاف أهل البلد من الوافدين، سواء كانوا من العاملين أو من العمالة الهامشية السائبة التي تجد في شوارع الكويت مرتعاً لها دون أن نحدد جنسية ما عربية أو آسيوية، حتى لا نتهم بالعنصرية.
وكان همنا الأساسي أكبر من اتهام موقت من هنا أو هناك، همنا هو الوطن والمواطن، فالوطن من الناحية الاقتصادية يتحمل أعباء تنوء بها الجبال تتعلق بالأمن والرعاية الصحية وأمور معيشية ومعاشية، كان من الممكن الاستعاضة عنها بوجود خطط موضوعية وعلمية، وهي متوافرة وتنتظر التطبيق، إذا ما توفرت الإرادة لكن يبدو أن هناك مستفيدين متنفذين، يسيطرون على مفاصل في الدولة، ويقطعون الطريق على أي خطة، قد تضر بمصالحهم.
لقد تعدينا فرصة الغزو العراقي الغاشم، وأصبحت الكويت نظيفة، وكان من الممكن أن تنتهز مثل هذه الفرصة لترتيب أوضاعنا، والتحول تدريجياً من دولة ريعية تستورد كل شيء، إلى دولة منتجة، يشارك مواطنوها في العملية الانتاجية، وخصوصاً في الأعمال الحرفية، حالنا حال الدول المتقدمة، لكننا لم نستفد من التشرد في أصقاع الأرض، وعاد الكثيرون إلى نفس النهج القديم... التاجر لم يعد يهمه سوى جني الأموال من الدولة، وعلى حسابها، والمواطن التجأ إلى الوظيفة الحكومية، كملاذ آمن له، وأوجد ما يسمى بالبطالة المقنعة، أما قليلو الذمة وخونة الأمانة والوطن، فقد ازدادوا تكالباً على استجلاب العمالة، مقابل حفنة من الدنانير، ومنهم من حقق الملايين من دون أن يكترث أنه ألقى في الشوارع، خصوصاً في مناطق معينة، بقنابل موقوتة، إلى أن انفجرت هذه الأيام في هذه الجائحة، والأدهى والأمر أن الجهات المعنية، رغم معرفتها بهؤلاء وبالأموال التي اكتنزوها، من جرائم الاتجار بالبشر، أن هذه الجهات، حتى الآن لم تحرك ساكناً لإلزام هؤلاء وتغريمهم بإعادة الأموال، لتغطية تكاليف عودة المخالفين والعاطلين عن العمل إلى بلادهم. وهنا لن أبرئ هؤلاء الذين قدموا إلى البلاد مقابل أموال دفعوها، فهم لا شك يعرفون أن هذه المسألة عبارة عن لعبة، بل جريمة شاركوا فيها.