بين 1998 و2020 لم يتغيّر الكثير حتى جاءت أزمة «كورونا» وكشفت المخاطر الكبرى على البلاد والعباد
«أباطرة تجار الإقامات»... صرخة دَوَّت على صفحات «الراي» قبل 22 سنة
وزير «الشؤون» السابق جاسم العون في رسالة لـ «الراي»: والله لن أتردد بكشف وتعرية من يثبت أنه من هذا الصنف الوضيع
ما أشبه اليوم بالأمس...
قبل نحو 22 عاماً وتحديداً في صيف العام 1998، فتحت «الراي» ملف تجار الإقامات على مصراعيه، وكشفت عن سجلات رسمية وأسماء سياسيين ومتنفذين يقومون بجلب عمالة من الخارج مقابل مبالغ نقدية ويمنحون تصاريح عمل وإقامات بلا وجه حق.
«أباطرة تجارة الإقامات في الكويت» الصرخة التي دوّت على صفحات «الراي»، حملت التفاصيل والأسماء والأرقام ونقلت الرسالة بدقة وأمانة ومهنية عالية، وشخصت الواقع الأليم الذي يمارسه تجار الإقامات ودورهم السيئ في تشويه صورة الكويت بملف حقوق الإنسان.
وتحت عنوان «اقتصاد موازٍ حجمه مليار من الدولارات السوداء يديره مواطنون وسياسيون كبار»، باح ضحايا تجار الإقامات لـ«الراي» حينذاك بتفاصيل دقيقة عن عمليات نصب واحتيال من قبل شركات باعتهم الوهم، ودفعتهم إلى بيع كل ما يملكون في بلدانهم بهدف العمل في الكويت، وفي نهاية المطاف لم يجدوا مبتغاهم.
طريق تجار الإقامات، الذي يعتبر الأسهل «لكي تصبح مليونيراً في أقل من عام»، كان حاضراً في أجندة «الراي» التي نزلت الميدان، وحاورت الضحايا وعرضت الأرقام والمبالغ وأماكن عقد الصفقات المشبوهة، ولم تكتفِ بذلك بل عرضت أيضاً خريطة طريق للحل والقضاء على المشكلة وخطوات تفصيلية لمعاقبة تجار الإقامات وردعهم.
تلك الرؤى والمقترحات استندت إلى روايات وتفاصيل دقيقة، ومذكرات صدرت من جهات رسمية، وبناء عليها حذرت «الراي» قبل 22 سنة من مغبة تفاقم الأزمة، وطالبت بضرورة وضع حد لسماسرة البشر، وعرضت بالتفصيل الوضع المأسوي للعمال الذين يعيشون في مناطق جليب الشيوخ والحساوي.
الشفافية المقرونة بالمهنية العالية دفعت وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وزير الدولة لشؤون الإسكان حينذاك جاسم محمد العون إلى توجيه رسالة لـ«الراي» أكد فيها أن «بداية الإصلاح ومتابعة اجتثاث مثل هذه الأمراض الخبيثة تتمثل في الاعتراف بوجودها، ثم في تضافر وتعاون الجميع، وفي مقدمهم الإعلام، المرآة الحقيقية لكشف وفضح مثل هذه الممارسات».
وأعلن أنه قام بـ«تشكيل فريق عمل لدراسة وتحليل ماجاء في التحقيق الصحافي، للبحث والتحري عن مواطن الخلل في قطاع العمل ومحاولة إصلاحه والضرب على يد كل من تسول له نفسه مهما علا شأنه من المنتسبين لهذا القطاع ممن لهم ضلع سواء بطريق مباشر أو غير مباشر في تسهيل وانتشار هذا المرض، كذلك متابعة ومحاسبة زعماء مافيا تجارة الإقامات أياً كانت مكانتهم الاجتماعية أو مقاماتهم الرفيعة».
وأقسم الوزير آنذاك بمحاسبة المتورطين قائلاً «والله الذي لا أخشى سواه أنني لن أتردد بكشف وتعرية من يثبت لدي أنه من هذا الصنف الوضيع ومن ثم إحالته إلى القضاء لينال جزاءه».
وما بين 1998 و2020، مرّت 22 سنة من دون اتخاذ خطوات جذرية تضع حداً لتجار الإقامات، إلا أن أزمة فيروس «كورونا» المستجد كشفت المخاطر الكبرى لاستمرارها على البلاد والعباد، ودفعت وزارة الداخلية إلى اتخاذ خطوات غير مسبوقة، يعوّل عليها الشعب كثيراً، لإسقاط تجار الإقامات واحداً تلو الآخر.