فرنسا تجِد الحلّ للحالات المتوسّطة بـ «كورونا»... وتُناقِض نفسَها
أَوْجَدَ البرفسور الفرنسي ديدي راولت، طريقةً لمعالجة أكثر من ألفي حالة في مدينة مرسيليا لمصابين بحالات متوسطة بفيروس كورونا المستجدّ، ليشفى هؤلاء ما عدا خمس حالات لأشخاص كانوا يعانون أمراضاً حرجة سابقة.
أما طريقة الباحث الفرنسي، مدير المعهد المرتبط بمستشفى الشرق الأوسط للأمراض المُعْدية، فبسيطة وتتلخّص باستعمال الكلوروكين المستخدَم لعلاج الملاريا لمدة عشرة أيام. إلا أنه تَعَرَّضَ لهجومٍ عنيف من زملاء له مما اضطر الدولة إلى تعديل قرارها بإعطاء الإذن لاستخدامه في الحالات المتقدّمة، حين لا ينفع، كما قال راولت.
ففي 26 مارس، أصدر رئيس الوزراء إدوارد فيليب ووزير الصحة أوليفير فيران قراراً يسمح فيه للأطباء الفرنسيين باستخدام علاج الملاريا الموجود في الأسواق بعدما اكتشف راولت نجاعته في الأيام الأولى لمصابي «كورونا». وشرح البرفسور أن العلاج لا ينفع في الحالات المتقدمة وأنه ينبغي فحص الجميع في فرنسا وإحضار المريض المُصاب الذي يُظْهِر عوارض قبل أن تسوء حالته.
وهذه الكلمات وضعت الحكومة في مأزق: فلا توجد في فرنسا فحوص كافية لـ67 مليون نسمة. ولا توجد أماكن في المستشفيات لاستيعاب جميع المصابين المتوسطين والحرِجين. وقد طلبت فرنسا من السكان التزام المنزل لأن نقْل جميع المرضى غير متاح. وهذا ما يُظْهِر العجز التجهيزي لأكثر الدول تقدُّماً التي لطالما تغنّت بنظامها الصحي في القارة الأوروبية.
وهذا ما دفع رئيس الوزراء ووزير الصحة لإصدار قرار ثان يمنع استخدام الدواء المقترَح من راولت إلا في الحالات الحرجة، أي عندما لا ينفع الدواء الذي تستخدمه أكثر من 48 دولة حول العالم بما فيها روسيا وأميركا ودول أوروبية وأفريقية وفي المغرب العربي والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وآسيا في المراحل الأولى.
واقترح راولت على الدولة أن تعطي الإذن للأطباء المحليين باستخدام الدواء مما يخفف العبء على الطاقم الطبي الموجود في المستشفيات ويقلّص توافد المصابين بأعداد تسبّب امتلاء المستشفيات. ويخاطب أطباء فرنسيون كثر راولت بالقول إنهم لم يكترثوا بما توصيه الدولة لأنهم، عند إصابتهم بالفيروس شخصياً، أخذوا الدواء وتحسّنت حالاتهم بعد أيام قليلة.
والجدير ذكره أن أكثر من عشرة آلاف من الأطباء العاملين في الجسم الطبي أصيبوا بـ«كوفيد - 19» لتعاطيهم اليومي مع المُصابين.
وخرج وزير الصحة السابق البرفسور فيليب دوست - بلازي والباحث في الأمراض المعدية بدعمه الأكبر لاكتشاف راولت بقوله: «الدواء المقترَح يعمل بشكل جيد جداً على المصابين ويجب استخدامه في المراحل الأولى والمتوسطة».
واعتبر البرفسور كريستيان برودن - وهو أشهر طبيب فرنسي مختص بأمراض الفيروسات - ان «الدواء المقترَح من البرفسور راولت يعمل وأن لايدر وكلوروكين دواء جيد».
لم يقترح راولت استخدام دواء الملاريا كبديلٍ دائم لمعالجة «كورونا»، بل اقترحه كحل لمعالجة الحالات الطفيفة والمتوسطة قبل أن تصبح أكثر خطراً ويصبح المصاب في حالة حرجة جراء فشل عمل أعضاء في جسمه بعد إصابته. ويأتي هذا الاقتراح بعدما أقرت منظمة الصحة العالمية أن الدواء للفيروس لن يصبح متوافراً قبل سنة.
وتعرّض راولت لانتقادات حادة من أطباء آخرين خصوصاً أنه يقترح أدوية يبلغ ثمنها في أوروبا (PLAQUENIL و AZITHROMYCIN) أقلّ من 12 يورو للعلاج، بينما يقترح خصومه الأطباء (LOPINAVIR 109 يورو و RITROVANIR 443.7 يورو) علاجاً يكلّف 543 يورو.
وهذا يضرّ بشركات الأدوية التي تتمتع بنفوذ لا يستهان به في القارة العجوز الأكثر تضرُّراً. وقد اعترفت أوروبا بأن أرقام المصابين لديها غير دقيقة وينبغي مضاعفتهم عشر مرات وأن الأرقام الموزَّعة تشمل فقط مَن أجريت لهم الفحوص.
وثبت ذلك عند نداء إيطاليا للشباب غير المصابين والذين يتمتعون بصحة جيدة للتبرع بالدم فوجدت أن 70 في المئة منهم مصاب بـ «كورونا» ولا عوارض ظاهرة عليهم.
إنه المال والثراء قبل الصحة العامة... انه عجز الدول وعدم استعدادها للأسوأ وليس الفيروس بحد ذاته، الباقي بيننا لأشهر طويلة.