رؤية ورأي

معالجة أزمة إغلاق المدارس والكليات

تصغير
تكبير

الصينيون أبهروا العالم بقدرتهم ومهنيتهم في احتواء فيروس كورونا المستجد، في مرحلة كانت فيها المعلومات بشأن الفيروس شبه معدومة. فمن جانب أبهرونا بسرعة تنمية قدراتهم الصحية لمواجهة الوباء، ومن جانب آخر فاجأونا باستحداث وتطوير سياسيات وممارسات ناجعة في احتواء الوباء، ثم تصدير خبراتهم المستحدثة - من دون مقابل مادي - إلى دول نامية ومتطورة، والتي أصبحت بؤراً للوباء. في حين تسعى دولة عظمى أخرى إلى احتكار صناعة المصل المضاد للفيروس.
تفوّق وتميّز الصينيين في مواجهة «كورونا» لم يقتصر على الميدان الصحي، بل امتد ليشمل ميادين أخرى، من بينها الميدان التعليمي. وهو من بين الميادين المهمة بالنسبة لنا، لأن مدارسنا وكلياتنا معطلة لمدة أربعة أسابيع، مرجح تمديدها أو إغلاقها إلى نهاية العام الدراسي كما حصل في الصين. لذلك ينبغي الاستفادة من التجربة الصينية في مواجهة أزمة إغلاق الصفوف الدراسية.
من بين التدابير التي تبنتها الحكومة الصينية منذ بداية أزمة «كورونا» لضمان التباعد الاجتماعي، إغلاق المدارس والجامعات. ولأن التعليم هو المحرك الأساس للنهضة الصينية الحديثة، حرصت الحكومة الصينية على استمرارية العملية التعليمية فأطلقت وزارة التعليم الصينية مبادرة عنوانها «تعليق الصفوف من دون إيقاف التعلم» هدفها تحويل بيئة الأنشطة التدريسية من الصفوف إلى شبكة الإنترنت، على نطاق واسع وموقت، أثناء فترة إغلاق المدارس.
هذه المبادرة تمت دراستها وتقييمها من قبل أربعة أكاديميين متخصصين في التعليم، منتسبين إلى جامعتين صينيتين (Tsinghua University and Henan University) وجامعة أميركية (University of Wisconsin-Madison) وأخرى بريطانية (University of Oxford)، ونشرت مجلة علمية قبل أسبوع دراستهم المعنونة «Suspending Classes Without Stopping Learning: China’s Education Emergency Management Policy in the COVID-19 Outbreak».
تشير الدراسة إلى أن المبادرة تضمنت دمج الموارد التعليمية بالمدارس الوطنية والمحلية، وإعداد وتوفير موارد تعليمية غنية متنوعة سهلة الاختيار وعالية الجودة عبر الإنترنت لجميع المراحل الدراسية، فضلاً عن إعداد وتوفير موارد لتنمية مهارات المعلمين والطلبة للانخراط في منظومة التعليم عبر الإنترنت. ومن جهة أخرى استعرضت الدراسة الصعوبات الماثلة أمام تطبيق المبادرة، وقدمت مجموعة من المقترحات التي من شأنها تنمية كفاءة تطبيق المبادرة.
بالرغم من الفروقات بين الحالتين الصينية والكويتية، إلا أنني أقترح أن تتبنى وزارتي التربية والتعليم العالي المبادرة التعليمية الصينية على مستوى المدارس والكليات، وذلك لسببين أساسيين. الأول لأننا في الكويت لا نعاني من بعض الصعوبات الموجودة في الحالة الصينية، ومن بينها مسألة توافر خدمة انترنت فائقة السرعة على كامل المناطق السكنية. ولذلك نجد أن مجموعة من المدارس والكليات الخاصة في الكويت مستمرة في تبني الفصول الافتراضية خلال الأزمة الحالية. والسبب الثاني مرتبط بتصريح وزير الصحة، الذي جاء فيه أن وباء «كورونا» في الكويت متوقع أن يبلغ الذروة بعد 6 الى 8 أسابيع، أي أن العودة إلى المدارس مستبعدة خلال الشهرين القادمين. كما أن انشغال الطلبة في مختلف المراحل الدراسية بالتعليم عبر الفصول الافتراضية سيخفف من تبعات اغلاق المدارس على أولياء الأمور، وقد يدفع الطلبة إلى البقاء في بيوتهم، وسيخفف الملل الناتج عن البقاء في البيوت والمحاجر الصحية.
اطلعت على العديد من المقترحات الخاصة بمعالجة أزمة اغلاق المدارس والكليات، كان من بينها مقترحات جيدة وأخرى كارثية.
لذلك أدعو الحكومة إلى استبعاد أي معالجة لا تحقق لدى «الطلبة المتميزين» الحد الأدنى من الكفايات الواردة في الوثائق الخاصة بالمقررات في المراحل الدراسية المختلفة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي